العدد 2206 - الجمعة 19 سبتمبر 2008م الموافق 18 رمضان 1429هـ

الآسيوي الوثني (منوعات)

علي نجيب ali.najeeb [at] alwasatnews.com

منوعات

خلال اللحظات الأخيرة قبل إقلاع الطائرة، جلس الصديقان إلى جانب بعضهما يتحدثان، وفي المقعد الثالث الذي يجاورهما يجلس رجل ذو ملامح آسيوية، وقد اتخذ وضعا فيه كثير من الاسترخاء والتركيز، فأخذ أحدهما يلقي على هذا الآسيوي بعض النكات والتعليقات كونه قريبا من النوم في وضعه فيما جلس الآخر يتأمله بصمت.

أخرج الآسيوي علبة خشبية فاخرة المظهر من حقيبة كانت بين يديه، وأخرج منها شيئا كان ملفوفا بقطعة قماش حمراء فاخرة هي الأخرى، وبدأ يزيح القماش عن ذلك الشيء، وإذا به صنم صغير الحجم، وضعه بعناية فوق العلبة، وانحنى له بكل احترام آخذا في تمتمة عدد من العبارات التي كانت تبدو أنها نوع من الصلوات لهذا الصنم.

لم يتمالك أحد الصديقين نفسه، فأخذ يرمي ذلك الآسيوي بشتى أنواع التعليقات التي طرأت على ذهنه في تلك اللحظة، محاولا أن يستثير في صاحبه الرغبة في الضحك دون جدوى، حتى لكز الآسيوي بمرفقه قائلا: «هل هذا ربك»؟ بلغة عربية حتى لا يفهم الآسيوي ما يقوله عنه.

حطت الطائرة، ولايزال هذا الشخص مستمتعا بالتعليق على الآسيوي، الذي أخرج العلبة مرة أخرى بعد وصوله وأعاد تمتمة الصلوات إلى الصنم الذي أمامه، وهو في حالة خشوع تامة. وما أن أنهى صلواته، حتى التفت إلى الرجل الذي كان يتندر عليه وخاطبه بلغة عربية ممتازة «نعم، هذا ربي، وأنا أحبه وأحترمه وأعبده لأنني أراه أمامي، فأين هو ربك لتريني إياه»؟

بهت الرجل مما قاله وبدأ يرد بعض الردود الساذجة، فرد عليه الآسيوي «ربي الذي أعبده علمني أن أحترم الناس، وألا أؤذي أحدا بكلام أو أفعال، فهل يأمرك ربك بالتندر على الناس فيما يعبدون»، فكانت تلك هي الصفعة الثانية التي واجهها هذا الشخص، الذي لم يلقَ من الكلام ما يرد به على الآسيوي، فتدخل صاحبه معتذرا عما قاله، مؤكدا أن دينهما لا يسمح لهما بما فعله صديقه، إلا أن ذلك تجاوز خاص منه، فخاطبه الآسيوي «أنا أعلم ما قلته، فأنا أعيش بين المسلمين في بلدكم منذ أكثر من 30 عاما، إلا أنني اضطررت للتكلم بهذه اللهجة حتى أعلم صديقك ما يمكن أن يجنيه بما ينطقه لسانه، وأن من واجبه احترام معتقدات الآخرين حتى وإن لم يكن يؤمن بها».

إقرأ أيضا لـ "علي نجيب"

العدد 2206 - الجمعة 19 سبتمبر 2008م الموافق 18 رمضان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً