قد لا يبدو الأمر كذلك على السي إن إن، إلا أن غالبية السكان الذين يعيشون في «إسرائيل» والمنطقة، من المواطنين اليهود أو من العرب الإسرائيليين، أو الفلسطينيين كذلك، يشجعون ويبحثون عن السلام.
هناك عشرات المشاريع التي تجمع العرب واليهود معا لإظهار الوجه الإيجابي للشرق الأوسط: لدى «إسرائيل» أطباء مقيمون من أجل السلام وطباخون من أجل السلام وراقصون من أجل السلام وأصحاب مدونات وموسيقيون وحتى أطباء أسنان من أجل السلام.
آخر المشروعات التي ظهرت في «إسرائيل» رسم الصور الكاريكاتوريّة من أجل السلام، وهي حركة أسسها المتهكِّم السياسي الفرنسي الشهير جان بلانتورو (بلانتو).
اجتمّع فنانو الرسوم الكاريكاتيريّة في يونيو/ حزيران الماضي من جميع أنحاء العالم في «إسرائيل» والسلطة الفلسطينية لعقد أربعة معارض متزامنة في رام الله وبيت لحم والقدس الشرقية وحولون.
اجتمع الفنانون ليتشاركوا في كيف يمكن استخدام الصور الكاريكاتيريّة كأسلوب للحوار السلمي بين الإسرائيليين والفلسطينيين وغيرهم في المنطقة، بما في ذلك الأتراك والجزائريين والمصريين. وكان من ضمن المشاركين كذلك مواطنون يابانيون وأميركيون وفرنسيون.
حضر الحدث فنانون مختارون مثل بلانتو، الذي يعمل لدى الصحيفة الفرنسية «لوموند». وقد حصل الفنانون على فرصة لعرض أعمالهم والمشاركة في صفوف رئيسية حضرها جمهور ضم دبلوماسيين. وقام بدعم الاجتماع جزئيا مركز بيريز للسلام في «إسرائيل».
تحدث أحد الأعضاء المؤسسين لحركة «رسم الصور الكاريكاتيريّة خدمة للسلام» وهو رسام الصور الكاريكاتيريّة الإسرائيلي ميشيل كيشكا مع Israel 21c عن أهمية الحدث بالقول: «يوفر اجتماع رسم الصور الكاريكاتيريّة من أجل السلام، أو أي اجتماع مهني آخر، فرصا للكلام. نحاول أن نجمع أناسا لديهم، لنَقُل، فهما مشتركا لما يجب عمله بالرسوم الكاريكاتوريّة، أو بصورة أصح، ما الذي يجب عدم عمله».
ويقول كيشكا وهو أصلا من بلجيكا معلقا على الهجمات الأخيرة على الرسامين الكاريكاتيريّين في بلجيكا، أنه يعتقد شخصيا إن إهانة المعتقدات الدينية لشخص ما هي أحط أنواع الرسم الكاريكاتوريّ، إلا أن الغضب أثبت أنه مازال أمامنا طريق طويل لتحقيق التفهم الشعبي لحق فنان الرسم الكاريكاتيريّ في حرية التعبير.
عندما يلتقي فنانو الرسوم الكاريكاتيريّة، يقول كيشكا، «نعلم أنه لا يمكن اعتبار أي أمر على أنه نهائي. مازال هناك صراع يجب خوضه. ليست الديمقراطية أمرا نأخذه كأمر مسلّم به. يجب عدم الأخذ بحرية الكلام على أنها مسلّم بها. علينا أن نحارب من أجلها. حتى عندما تقصد أن تكون ليبراليا وإيجابيا، فإن أي شيء تقوله (كفنان في رسم الصور الكاريكاتيريّة) يمكن أن يتحول ضدك».
عندما يجتمع أعضاء جمعية فناني رسم الصور الكاريكاتيريّة من أجل السلام، فإن ذلك يسمح لهؤلاء الذين لا يعرفون بعضهم بعضا عادة لأن يشاركوا في حلقات حوار، يقول كيشكا. إلا أن ذلك الاجتماع الأخير الذي عقد في «إسرائيل»، لم يكن أول مرة يجتمع فيها عرب وفلسطينيون من فناني رسم الصور الكاريكاتيريّة.
وعلى رغم أنه من الأهمية بمكان أن يجتمع الإسرائيليون والعرب معا، من المهم أيضا أن يعمل فنانو الرسوم الكاريكاتيريّة الإقليميون على الاتصال مع الأميركيين واليابانيين وغيرهم من ممثلي الدول في المجموعة. ويضيف كيشكا: «نفهم من خلالهم ثقافتهم، وبلدهم واهتماماتهم، ونستطيع أن نشعر ما الذي نشترك فيه والتماثل في معركتنا».
وتقول نائب الأمين العام لمركز بيريز أليزا سافير، أن منظمتها ساعدت فناني الرسوم الكاريكاتيريّة في إعداد تأشيرات الدخول إلى «إسرائيل»، وغير ذلك من التفاصيل. وقد صرحت لـ Israel 21c قائلة: «إن إضفاء الإنسانية على الآخر أمر حاسم لأية علاقات جيدة بين اليهود والعرب في المستقبل».
ويقول كيشكا إن هذه الفرصة الأخيرة في «إسرائيل»: «سمحت لنا أن نفهم ما يعنيه أن تكون فنان رسوم كاريكاتيريّة في دولة أخرى، بغض النظر عما إذا كانت دولة ذات رقابة صارمة، أو ديمقراطية يتعامل فيها المتمردون على النظام مع قضايا حساسة. أحضر كل فنان كاريكاتيريّ خبراته الخاصة، ووضعنا معا أمرا فريدا من نوعه».
*صحافية كندية إسرائيلية مستقلة تقيم في تل أبيب، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»
إقرأ أيضا لـ "Common Ground"العدد 2205 - الخميس 18 سبتمبر 2008م الموافق 17 رمضان 1429هـ