«جوع وضرب أجموع... صيام وحرانين... خربوا فرحتنا الله لا يوفقهم، ما تفطرنا حر ما نقدر... 3 مكيفات خراب، ثلاجتنا دخنت، 6 شماسي احترقوا، ماينا خلص، شموعنا ذابوا، ثيابنا ما تغسلوا،...إلخ»، تلك كلمات سيدة كبيرة في السن مررت ببيتها مساء أمس لأهنئها بمناسبة القرقيعان، فبدل أن تأخذني في أحضانها وتفوح منها راحة العود والبخور ويتقطر من وجهها ماء الورد، قابلتني بوجه عبوس يتقطر منه العرق (بل يشخل)، سألتها منذ متى والتيار الكهربائي منقطع عن بيتكم قالت: منذ الساعة الثانية عشر ظهرا وحتى الآن (كانت الساعة تشير إلى التاسعة مساء).
جلست بجوارها أمام باب منزلها أشاركها في فرحتها وهي تنتظر مرور الأطفال لتعطيهم ما تيسر لها من الحلويات، ولكن مرت ساعة كاملة دون أن يأتي طفل واحد بجانب بيتها، فأخذت الدموع تتساقط من عينها، وقالت: «وين بيمرون صوب فريقنا وهو ظلام... خربوا علينا فرحتنا بهذه الليلة الله لا يوفقهما». سألتها أن كان أحد أبنائها أتصل بطوارئ الكهرباء والماء، فقالت: «منذ أن انقطعت وحتى الآن ونحن نتصل فيقولون، الفيوز محترقه، بنطرش أحد يصلحها، ولكن دون فائدة، ولم تمر علينا سيارة واحدة حتى الآن... كما أن بعضهم يحاول أن يجد لنا حلا فيقول، إذ عندك ولد ولا بنت خارج هذه المنطقة اذهبوا لهم فالعملية تحتاج لوقت طويل».
حاولت مساعدتها فاتصلت بالطوارئ، فأجابني أحد العاملين هناك... أخبرته بالقضية فطلب رقم المجمع، فأعطيته إياه، فقال: أختي لا يوجد إلا بلاغ واحد فقط عن الانقطاع منذ الصباح، والمشكلة كانت فيوز والعاملين في الطوارئ صلحوا الخلل، يعني ما في أي مشكلة... قلت له باستغراب إذا لماذا بيوت المنطقة كلها ظلام، قال (مستخفا) يمكن ما فيها أحد، موظفينا يقولون صلحوا الخلل وهذا إلي عندنا... وبعد شد وجذب انقطعت المكالمة لأن بطارية الموبايل قد نفذت، لكون المكالمة استغرقت قرابة الساعة والنصف».
لهيئة الكهرباء والماء نقول، بيوتنا وعائلاتنا أمانة في أعناقكم... أعرف إنني لست أول من يكتب في هذا الموضوع، فالانقطاعات مازالت مستمرة على مناطقنا والمتضررون كثيرون، اعتبروا أنهم عائلاتكم، فماذا كنتم ستفعلون؟! بدل أن نتصل يا وزارة فيقول لنا كومبيوتر طوارئ الكهرباء، «لضمان جودة الخدمة قد نقوم (لاحظ قد وليس سنقوم) بتسجيل المكالمة، فلم لا تقدمون لنا خدمات جيدة، حتى لا تكلفوا أنفسكم عنا سماع دعاء الناس لكم بعدم التوفيق، أو كيف تطالبون الناس بدفع متأخر فواتيرها وهم لا يستهلكون الكهرباء سوى ساعات معدودة في اليوم الواحد... اتقوا الله يا هيئة... وإن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه، فبدل أن تقولوا أصلحنا الخلل راقبوا غالبية موظفيكم فهم نيام في منازلهم (لأنهم تعبون من الصيام)، وأصلحوا الخلل في أحلامهم فقط
إقرأ أيضا لـ "ايمان عباس"العدد 2202 - الإثنين 15 سبتمبر 2008م الموافق 14 رمضان 1429هـ