العدد 2202 - الإثنين 15 سبتمبر 2008م الموافق 14 رمضان 1429هـ

تحويلات العمالة المغتربة

جاسم حسين jasim.hussain [at] alwasatnews.com

يناقش مقالنا جانبا من التقرير المعدل والذي أصدره البنك الدولي بشأن تحويلات العمالة المغتربة للعام 2007. وبحسب التقرير، بلغ حجم تحويلات العمالة المغتربة في العام 2007 تحديدا 337 مليار دولار مسجلا زيادة قدرها 11 في المئة مقارنة بالعام 2006.

وكشف التقرير المدعم بالإحصاءات، أن الدول النامية حصلت على نصيب الأسد من التحويلات حيث استقطبت 251 ملياراُ أي نحو 75 في المئة من مجموع الأموال المرسلة. وفي بعض التفاصيل المثيرة، حصلت دول منطقة الكاريبي وأميركا اللاتينية على 61 مليار دولار مستفيدة من فرص العمل المتوافرة في الولايات المتحدة الأميركية. وحدها المكسيك استقطبت 25 مليار دولار. وتستفيد المكسيك من موقعها الجغرافي المتاخم لحدود الولايات المتحدة صاحبة أكبر اقتصاد في العالم. وربما يكون الرقم الحقيقي لحجم الأموال الداخلة إلى المكسيك أعلى حيث يفضل البعض أخذ أموال نقدية معهم لأسباب مختلفة مثل تحاشي دفع الضرائب أو عدم الثقة في الأنظمة المالية.

الهند الأولى عالميا

نجحت منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ في الحصول على 59 مليار دولار. وحظيت الفلبين على مبلغ قدره 17,5 مليار دولار. وتعمل العمالة الفلبينية في مختلف بقاع العالم مستفيدة من خصائصها التي تشمل المثابرة في العمل وحسن معاملة الزبائن وقدرة المخاطبة باللغة الانجليزية. أما عالميا، فحافظت الهند على مركز الصدارة بجلبها 27 مليار دولار وتلتها الصين بـ26 مليار دولار ومن ثم المكسيك والفلبين.

وتعتبر دول مجلس التعاون وخصوصا السعودية من المناطق الحيوية بالنسبة إلى الاقتصاد الهندي، وذلك على خلفية قيام أفراد الجاليات الهندية بإرسال مليارات الدولارات سنويا إلى أحبتهم في الوطن الأم. ويعمل نحو 4 ملايين مواطن هندي في السعودية. كما يتواجد في البحرين ربع مليون هندي على أقل تقدير ما بين عمال وأفراد أسر، بل إن الرقم مرشح لبلوغ 300 ألف فرد في أي وقت. هذا، إذا لم يكن قد وصل فعلا. والمشهور أن الجهاز المركزي للمعلومات لا ينشر إحصاءات دورية عن السكان في البحرين. وبلغ عدد السكان في سبتمبر/ أيلول من العام 2007 نحو مليون و47 ألف نسمة بينهم 517 ألف أجنبي.

28 مليار دولار من الخليج

واستنادا إلى تقرير البنك الدولي، بلغت قيمة الأموال المرسلة من دول مجلس التعاون الخليجي 28 مليار دولار في العام 2007 مسجلا زيادة قدرها 2 في المئة مقارنة مع العام 2006. والأهم من ذلك، أن تقرير البنك الدولي أشار إلى مضاعفة حجم الأموال المرسلة من دول الخليج في الفترة ما بين 2002 و2007. ويعود هذا التطور النوعي إلى حدوث تطورات اقتصادية متميزة في دول مجلس التعاون في السنوات الخمس الماضية، وذلك على خلفية ارتفاع أسعار النفط، ما فسح المجال أمام تعزيز المصروفات وبالتالي استقطاب العمالة الأجنبية.

وأكد التقرير أن زيادة قيمة الأموال المرسلة من دول الخليج إلى بعض الدول الأخرى مثل الهند وباكستان وبنغلاديش والفلبين فضلا عن مصر، ساهمت في التخفيف من التداعيات السلبية لارتفاع أسعار النفط والمواد التموينية على اقتصادات هذه الدول النامية. وهذا إنما يدل على ايجابيات اقتصادات دول مجلس التعاون الست بالنسبة إلى العديد من البلدان المصدرة للعمالة.

بيد أنه يقل الرقم 28 مليار دولار مع إحصاءات أخرى منسوبة لشركة (ويسترن يونيون) الرائدة في صناعة التحويلات المالية. فقد جاء في تقرير خاص أن العمال الأجانب قاموا بإرسال 59 مليار دولار من دول مجلس التعاون في العام 2005. بمعنى آخر، فإن قيمة الأموال المنسوبة لتقرير (ويسترن يونيون) تساوي ضعف الرقم المنشور في تقرير البنك الدولي. ويبقى أن هناك موضوع خروج أموال نقدية من دول المجلس أثناء سفر العمال. ويعمل بعض الأجانب على إرسال الأموال خارج الأطر المصرفية أو الرسمية ربما تفاديا لدفع رسوم التحويل والفرق في شراء وبيع العملات أو لعدم ثقتهم في الأنظمة المصرفية.

إحصاءات مقلقة

تتميز دول مجلس التعاون بأنها توفر سبل العيش الكريم لملايين الأشخاص من مختلف بقاع العالم. وتستقطب إمارة دبي عمالة من أكثر من 100 دولة في العالم. بل من حق دول مجلس التعاون الخليجي أن تزعم بأنها من أكثر المناطق استضافة للأجانب. فقد أكد التقرير أن نسبة المغتربين إلى عدد السكان تعتبر الأعلى في العالم حيث تبلغ 78 في المئة في قطر و71 في الإمارات و62 في المئة في الكويت و 41 في المئة في البحرين، لكن ربما تكون الأرقام الحقيقية أعلى من ذلك حيث أكدت الأرقام الرسمية المحدثة أن نسبة المغتربين تبلغ 49 في المئة للسكان في البحرين.

ولاشك أنه لأمر غير معقول أن يشكل الأجانب (العمالة المغتربة إضافة لأفراد أسرهم) غالبية السكان في أي بلد. وعلى أقل تقدير، يمثل الأجانب أكثر من نصف السكان في ثلاث دول أعضاء في مجلس التعاون. وكرد فعل لهذه الحقيقة الصعبة، أعلنت الإمارات حديثا عن خطة لإعادة التوازن في التركيبة الديمغرافية للسكان.

تشجيع الاستثمار المحلي

للأسف الشديد، لا توجد إحصاءات يعتمد عليها فيما يخص الدخل السنوي للعمالة الأجنبية في دول مجلس التعاون للوقوف بشكل دقيق على الأهمية النسبية للأموال المرسلة للخارج، لكن الاعتقاد السائد هو أن الأجانب يرغبون في إرسال أموالهم لأوطانهم بدل استثماراها محليا. وعليه، هناك ضرورة لتشجيع العمالة الأجنبية في استثمار جانب من الأموال التي يحصلونها بأدوات استثمارية داخل دول المجلس، ما يعني منحهم بعض المزايا.

المؤكد أيضا أن تجارة استصدار الحوالات وبيع وشراء القطع الأجنبية مربحة بدليل انتشارها في مدن دول مجلس التعاون لدرجة أن بعضها تعمل على مدار الساعة. والمطلوب من السلطات في دول مجلس التعاون تعزيز الفرص الاستثمارية للعمالة المغتربة لخدمة للاقتصادات المحلية

إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"

العدد 2202 - الإثنين 15 سبتمبر 2008م الموافق 14 رمضان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً