العدد 2201 - الأحد 14 سبتمبر 2008م الموافق 13 رمضان 1429هـ

تجربة مدنية مع وزارة الداخلية

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في ورشة التدريب التي نظّمتها «الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان» بالتعاون مع «جمعية الوقاية من التعذيب» الدولية، بشأن «البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب»، استعرضت الأمين العام السابق للجمعية سبيكة النجّار أوّل تجربة للمجتمع المدني في التعاطي مع وزارة الداخلية في عهد الإصلاح.

التجربة تلقي الضوء على آفاق التعاون الممكنة بين الطرفين، في بلدٍ تثقل ظهره الشكوك المتبادلة والإرث التاريخي الممتد لعقود، كان يُنظر خلالها إلى رجل الشرطة على أنه حامل هراوة فحسب، وإلى أجهزة الأمن على أنّها أجهزة للتجسس على الناشطين السياسيين، وإلى السجن كأداة قمْع للتيارات السياسية المعارضة.

التجربة تستحق الوقوف عندها، إذا أرادت بلدنا أنْ تتقدّم على المستوى الحقوقي فعليا، وليس على مستوى حملات العلاقات العامّة الموجّهة للخارج. النجّار تحدثت عن الدروس المستفادة من زيارة الجمعية اليتيمة لأماكن وإجراءات التوقيف، بعد خمْس سنوات من المحاولات والجهود المبذولة لإقناع السلطات الرسمية.

المحاولة بدأت في العام الذي أشهرت فيه الجمعية (2001)، بعد تلقي شكاوى من داخل السجون، والالتقاء بسجناء سابقين من السبعينيات والتسعينيات، من التيارات السياسية المختلفة. وتمّ تشكيل لجنة طبية من 12 عضوا، من مختلف التخصصات، وجرى فحص الكثيرين من ضحايا التعذيب. بعدها وجّهت رسائل للمسئولين بالداخلية لمحاولة الالتقاء بهم، وظلّت العلاقات باردة، حتى تم كسب ثقة المسئولين. وتمّ التنسيق مع إدارة الشئون القانونية بالداخلية فكان ذلك إيذانا بفتح الباب لزيارة سجن جو، أكبر السجون في البلد.

الوفد ضمّ إلى جانب الطبيب والممرضة، مُحامين وباحثين اجتماعيين وأكاديميين، مع أعضاء لجنة الرصد والمتابعة، لزيارة بعض الموقوفين، من دون التفريق بين معتقلي الرأي والحق العام. وسبق ذلك رفع كفاءة الفريق بالاستفادة من تجارب خبراء اللجنة الدولية للصليب الأحمر. وهكذا تمت الزيارة على مدى يومين، (24 و31 ديسمبر/كانون الأوّل 2005)، والالتقاء بـ 57 نزيلا، وهو ما يُعادل 12 بالمئة من نزلاء سجن جو.

الزيارة خرجت بتوصيات قانونية، وأخرى عملية تخصّ التدريب، والتأهيل، والتعليم، والسكن... والأهم إعادة إدماج السجين بالمجتمع، وهي الحلقة المفقودة حتى الآنَ، والتي تسبّبت في الكثير من المعاناة للسجناء السياسيين الذين ظلّت مطالبهم الحياتية الملحة معلّقة. وبالمقابل، ذهبت أدراج الرياح كلّ دعوات «العدالة والحقيقة والإنصاف»، التي رفعتها مؤسسات المجتمع المدني استلهاما من تجارب جنوب إفريقيا والمغرب، وغيرهما.

الجمعية مع اكتمال التقرير، وجدت نفسها أمام خيارين: هل نعرضه على الوزارة أوّلا فنضحّي بصدقيتنا أم نعرضه على الرأي العام أوّلا؟ وانتهت إلى نشره للرأي العام وتقديمه في اليوم نفسه للوزارة. ومع أنه حلّ وسط، إلاّ أنّ الداخلية لم تقبله، فعادت العلاقات إلى نقطة التجمّد من جديد. بل أن الجمعية عندما تقدّمت بطلب لزيارة المعتقلين في أحداث ديسمبر الماضي، أصرّت النيابة العامّة على عدم مرافقة طبيب، وهو ما لم تقبله الجمعية للتحقق من دعاوى التعذيب بحسب المعتقلين والأهالي آنذاك، وهكذا ألغيت الزيارة.

النجّار وهي في ختام عرض التجربة، دعت المسئولين بالداخلية إلى عدم التوقّف عند الشكليات، والاهتمام بمصلحة الإنسان البحريني، من أجل التعاون من أجل مسقبل هذا الوطن. والورشة اختتمت، والتوصيات صدرت، والمجتمع المدني والجمعية التي تعمل بمهنية واعتدال، أطلقا دعوة مخلصة؛ لتشريعٍ يجرّم التعذيب والممارسات التي تحطّ من كرامة الإنسان

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2201 - الأحد 14 سبتمبر 2008م الموافق 13 رمضان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً