العدد 2201 - الأحد 14 سبتمبر 2008م الموافق 13 رمضان 1429هـ

والدي الغني ووالدي الفقير

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

«والدي الغني ووالدي الفقير» هو عنوان كتاب نشر في العام 2000، للكاتب الأميركي روبرت كايوساكي المنحدر من أصل ياباني، وقد عرف عن هذا الكاتب بأنه إنسان عصامي بدأ من لا شيء، أسس شركات نجحت وباعها، ثم أفلس أكثر من مرة، حتى انتهى به الحال بلا بيت أو مأوى، ثم اتجه لإلقاء المحاضرات، حيث لمع نجمه إلى اليوم.

وكتاب «والدي الغني ووالدي الفقير» من أروع الكتب التي تناولت قضايا استنزاف المال واستهلاكه بالطريقة الخاطئة، وقد تطرّق الكاتب لجزئيات مهمة عن استثمار المال بحسب الاحتياجات، كما نوّه إلى تعريف الغنى والفقر بأسلوب علمي جميل.

ويبدأ الكاتب في كتابه بطرح سؤال: من الغني ومن الفقير؟

بالطبع سنترك الجوانب الأخلاقية والروحية والدينية جانبا، فنحن ندرس الجانب التجاري من السؤال. وليسأل كل منا نفسه هذا السؤال قبل أن يقرأ الإجابة في السطور المقبلة، لكي يقارن بين النظرة الشائعة عن الغنى والفقر وبين ما يقصده الكاتب.

فالغني وفقا للكاتب هو من مصاريفه ونفقاته أقل من إجمالي دخله، وعندئذٍ فكل شهر سيكون لديه فائض مالي. والفقير هو من تميل كفة الميزان عنده إلى جانب النفقات، فينتهي كل شهر وهو مدين. وفق هذا التعريف قد يكون العامل البسيط أغنى من خريج الجامعة المرموقة؛ لأنه يستطيع أن يوفر كل شهر احتياطيا يرجع إليه عند الحاجة.

ثم تطرّق الكاتب إلى معايير الوظيفة وما إذا كانت تلبي الاحتياجات أم لا، وحلّلها بأن الوظيفة حل قصير الأجل لمشكلة مزمنة طويلة الأجل. وما الوظيفة المرموقة الآمنة إلا وهم لا وجود له، زرعها آباؤنا في عقولنا عن غير وعي، ظنا منهم بأنها الملاذ الآمن والحصن المنيع ضد مفاجآت الزمان، وهم ورثوها بدورهم من آبائهم. فمهما ارتقيت من وظائف مرموقة، فسيأتي يوم تصبح فيه عجوزا بلا فائدة ويجب تغييرك! فلماذا تتسلق السلم الوظيفي حتى آخره، ولماذا لا تمتلك السلم كله؟

إن الموظف يعمل بأقصى قوته حتى لا يصرفه رب العمل، بينما رب العمل يدفع أقل ما يمكنه حتى لا يتركه الموظف.

كما قام الكاتب بوضع فرضية رائعة عن سبب زيادة فقر الفقراء وغنى الأغنياء، إذ قال إن سبب زيادة فقر الفقراء وغنى الأغنياء ومعاناة الطبقة الوسطى وتآكلها، هو أن مادة المال والغنى نتعلمها في البيوت - بيوتنا -، بدلا من أن نتعلمها بشكل علمي وأكاديمي سليم في المدارس. فنحن نكرر ما فعله الآباء، ولا نفارق مكاننا.

وضرب مثالا بأنه كم منا يستطيع أن يطبخ سندويتش أفضل وأحلى من سندويتش مطاعم الوجبات السريعة؟ وكم منا يستطيع أن يطهو دجاجا أشهى من المطاعم المعروفة؟ فلماذا لا تفتح سلسلة مطاعم مثلهم وننافسهم؟ لنكرر ذات المثل على أشياء أخرى، ونعد السؤال: لماذا؟

صحيح أنّ المال يجلب القوة، ولكن الأقوى منه هو فهم وتعلم الآليات التي يعمل بها المال، كيف تحصل عليه وكيف تحافظ عليه، وكيف تستثمره وكيف تحافظ على النفقات تحت سيطرتك.

وبصراحة يعلمنا روبرت كايوساكي الثقافة المالية التي لم نتعلمها في الصغر، أن نجمع الأصول التي تدر المال، وألا نندفع في شراء الخصوم التي تجلب علينا نفقات كثيرة، متاع لا يمكن بيعه بمكسب عند الحاجة، وأن ندّخر من أجل استثمار المال وزيادته وتأثيله. وبذلك نصبح أحرارا ونتخلص من عبودية الوظيفة.

والسؤال موجّه إلى وزارة التربية والتعليم لكونها سباّقة في المشروعات الرائدة التي تخدم الطلبة وذويهم والمواطن بشكل خاص، هل تستطيع الوزارة إدخال مادة علمية تعلم الأطفال فن الادخار وتنظيم المال؟ وخاصة أننا بتنا في زمن نعتبر فيه عبيدا لوظائفنا التي تكاد تخنقنا بسبب الالتزامات والديون وغلاء المعيشة الذي يؤرق مضاجعنا

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 2201 - الأحد 14 سبتمبر 2008م الموافق 13 رمضان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً