أعلن في تونس مصادقة الدولة رسميا على مشروع «باب البحر»، الذي يُعد أكبر مشروع عقاري في الدولة الإفريقية الواقعة على ساحل البحر المتوسط. وتقوم بتنفيذ المشروع شركة «سما دبي» الإماراتية، التابعة لشركة «دبي القابضة»، باستثمارات تتجاوز قيمتها 25 مليار دولار. ويعتبر هذا المشروع من أضخم المشاريع الاستثمارية بتونس.
وخلال المؤتمر الصحافي الذي عُقد في تونس بهذه المناسبة، قال رئيس مجلس إدارة الشركة الإماراتية، فرحان فريدوني، إن اختيار تونس لإنجاز المشروع جاء انطلاقا من عدة اعتبارات، منها العامل الجغرافي حيث تتمتع تونس بموقع ممتاز قريب من القارة الأوروبية، والعامل الاقتصادي بوصفه استثمارا مجدياَ يعتمد على سوق محلية واعدة وسوق إقليمية وأخرى عالمية، إلى جانب ما يسود تونس من استقرار سياسي.
ومن العناصر التي حفزت سوق العقار في الدول الخليجية، والتي تبعتها فيما بعد الدول العربية الأخرى، ومن بينها، اليوم تونس، هو ما تقدمه الحكومات الخليجية من تسهيلات إقراضية، ومن مغريات استثمارية من خلال إطلاق العديد من المبادرات ذات الطابع العقاري كالمدن الاقتصادية والمناطق الصناعية، والتي تساهم في مشاريع مطروحة على الطريق تقدر قيمتها، في دولة واحدة مثل السعودية بأكثر من 1,75 ترليون ريال سعودي.
هذا الاتجاه الخليجي نحو الاستثمار في سوق العقار، له ما يفسره من دون أن يبرره. فهو يعكس بشكل رئيسي، ضيق أفق، وقصر نفس المستثمر العربي الراغب في مردود، وإن لم يكن ذا نسبة عالية على رأس المال، يتمتع بدورة اقتصادية قصيرة، الأمر الذي يثير في داخل هذا المستثمر شعورا بالارتياح والثقة، بغض النظر عن مستوى الجدوى الاقتصادية التي يحملها.
ضآلة رأس المال العربي أمام رأس المال الأجنبي. يكفي أن نعرف أن مؤسستين ماليتين أميركيتين («فاني ماي» و «فريدي ماك») تعرضتا لأزمة مالية حادة قبل أسبوع، تصل قيمة الاستثمارات التي تديرانها نحو 12 تريليون دولار، وهو ما يفوق كثيرا دخول الدول العربية كافة لأكثر من عامين في أفضل الأحوال. هذه «القزمية المالية» العربية تمنعها من الدخول في منافسات عالمية، نستثني منها حالات نادرة لم تخرج من دائرة سوق العقار، التي تبقى، على رغم كل شيء، ليست بحاجة إلى أكبر من تلك الرساميل ذات الحجوم المتوسطة والصغيرة، حينما يقارن بالصناعات الأخرى.
شدة المنافسة في الأسواق الأخرى، وعلى وجه الخصوص الصناعية، وارتفاع مستوى مقاييس الاستثمار فيها، سواء كانت تلك المقاييس ذات علاقة بالمحافظة على البيئة، أو تخص المنتج الصناعي ذاته، الأمر الذي يصعب على الذهنية الاستثمارية العربية القبول به، ناهيك عن التقيد بشروطه. يضاف إلى ذلك، سهولة، وتدني كلفة إعادة تجديد أو تطوير المشروعات العقارية، التي لا يحتاج الأمر فيها، في أسوأ الظروف، إلى أكثر من قرار وإعادة بناء، وهو أمر مختلف جذريا في التعامل مع صناعات أخرى، ليست الاتصالات وتقنية المعلومات سوى إحداها.
من جانب آخر، يكشف هذا الاندفاع الخليجي غير المسبوق في سوق العقار، جهل المستثمر الخليجي بفرص الاستثمار في الأسواق الأخرى، ذات المردود المالي المجزي مثل الاتصالات وتقنية المعلومات، التي وإن كانت دورتها الاقتصادية، أطول بعض الشيء، فإن مردودها المالي أعلى من تلك التي يولدها الاستثمار العقاري، كما أنها تولد قيما مضافة أكبر، حينما تنفذ مشروعاتها بشكل مدروس.
ويبدو أن «فيروس» الاستثمار في العقار انتقل، ومنذ فترة إلى صاحبات الثروة العربيات؛ ففي مهرجان التسوق والاستثمار العقاري النسائي الخليجي الأول الذي عقد في الرياض خلال الفترة من 11 إلى 14 ديسمبر/ كانون الأول 2004، وذلك بمشاركة دول خليجية وشركات استثمارية وعقارية سعودية، قال مدير عام المركز السعودي للدراسات والتسويق الإعلاني (الجهة المنظمة للحدث) سعود محمد إن المهرجان يهدف إلى تعريف المستثمرات وسيدات الأعمال السعوديات والخليجيات بالفرص الاستثمارية العقارية، وإن سيدات الأعمال والمستثمرات أصبحن يتجهن إلى الاستثمارات العقارية بشكل لافت للنظر، وإن أموال المرأة السعودية المجمدة في مدخرات مصرفية تتراوح بين 15 مليار ريال و62 مليار ريال، وخاصة أن 60 في المئة من السيدات الممارسات للنشاط العقاري يقمن بالعمل لمصلحتهن وممتلكاتهن الخاصة»
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2200 - السبت 13 سبتمبر 2008م الموافق 12 رمضان 1429هـ