العدد 2199 - الجمعة 12 سبتمبر 2008م الموافق 11 رمضان 1429هـ

أين الطيب من الطبيب؟ (منوعات)

علي نجيب ali.najeeb [at] alwasatnews.com

منوعات

أغلق باب دكانه متثاقلا، والمرض يعصف بأطراف جسده المنهك، إذ قرر بعد يوم شاق أن يذهب للمستشفى كي يطمئن على صحته ويتداوى عما ألم به وسلب منه قدرته على الحركة، وهو في صراع مع آلامه التي خارت معها قواه، وأخذ يجر نفسه معها جرا إلى أقرب مركز صحي حكومي من المنطقة التي يزاول فيها تجارته.

أخذ ينتظر دوره بين بضع عشرات من المواطنين الذين كانوا يرتادون المركز في ذلك المساء، والإعياء ينهكه، حتى تمت مناداة اسمه في الجهاز، لتحين أخيرا لحظة دخوله إلى الرجل الرحيم ذي الملابس البيضاء الذي من المفترض أن يهبه العلاج ويساعده على تجاوز ما به.

دخل متهالكا على الطبيب، ودون أن يذكر سوى التحية، باغته الطبيب قائلا: «أنا عارف إنته فيك إيه من غير ما تتكلم، إنتَ عاوز إجازة وانا من دلوقتي أقولك إني مش حديك إجازات خالص، خد، ده بندول ومع السلامة»!

الرجل بألمه وحيرته تطلع للطبيب لثوانٍ وقرر مغادرة المكان بحثا عن العلاج في أي مكان آخر، فتوجه إلى إحدى العيادات القديمة في منطقة المنامة، ودخل على الطبيب الهندي الشهير في المنطقة مباشرة لعدم وجود أي مرضى يسبقونه، فذهل الطبيب من درجة حرارته المرتفعة، وأمر له بكمادات ومغذٍ وريدي وإبر مخفضة للحرارة، إلى جانب الكثير من الأدوية نظرا لأن كشفه أكد له أن المريض الذي أمامه يعاني التهابا في الأذن والحنجرة.

تحسن المريض، قد يكون ذلك للعلاج، أو لمجرد الاهتمام كما يحبذ البعض أن يعلل سر العلاج في المستشفيات الخاصة بربطه بالمثل الشعبي «الطيب غلب الطبيب» نظرا لأن العيادات الخاصة لا تخلو عادة من نظرة تجارية، إلا أنهم في النهاية كانوا أكثر رحمة وإنسانية من المركز الصحي الحكومي والطبيب العامل في ذلك المكان، فطلب المريض من الطبيب أن يكتب تشخيصا لحالته في ورقة بعد أن شرح له ما حصل في المركز الصحي، وعاد هناك كي يلتقي الطبيب الذي كان لايزال في مكانه فوضع التقرير على طاولته بهدوء، سائلا إياه إن كان يعرف القراءة، فبحلق الطبيب عينيه فيه غضبا، وقبل أن ينطق بكلمة ثار المواطن في وجه الطبيب كرد فعلٍ لما حصل له منه، أما ما تلى ذلك فليس عبرتنا، وإنما التفاصيل السالفة التي تؤكد أن كثيرا ممن يشغلون مناصب وقد تكون بعضها حساسة ليسوا أهلا للمقاعد التي تحملهم، إذ كمثال، فإن مهنة الطبيب كانت تستوجب من شخص كهذا أن يتعامل بإنسانية مع الحالة التي معه دون أن يصدر أحكاما مسبقة كختم موحد يطبعه على كل أوراق المواطنين.

إقرأ أيضا لـ "علي نجيب"

العدد 2199 - الجمعة 12 سبتمبر 2008م الموافق 11 رمضان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً