العدد 2198 - الخميس 11 سبتمبر 2008م الموافق 10 رمضان 1429هـ

العراق... لكل شيء ثمن

علي الشريفي Ali.Alsherify [at] alwasatnews.com

-

احتاج العراق إلى خمس سنوات ومئات المليارات من الدولارات الأميركية وأرواح أكثر من مليون عراقي وهجرة خمس ملايين لتخف وتيرة العنف فيه، نقول لتخف ولم نقل لتنته، لأن العنف في العراق نائم وقد ينهض في أية لحظة أو مع أي قرار متسرع يصدر من جهة عراقية أو أجنبية.

مناسبة إعادة جرد لما خسره العراقيون منذ بدء الاحتلال الأميركي وحتى الآن هو الأزمات المؤجلة التي تنتظر حلولا من القادة السياسيين في الفصل التشريعي الذي بدأ قبل ثلاثة أيام، وهي في مجملها قد تعد أخطر على العراق من السنوات الخمس الماضية. فمستقبل مدينة كركوك وما يسمى بـ «المناطق المتنازع عليها» ووضع قوات «البيشمركة» الكردية خارج إقليم كردستان وقانون النفط وتوقيع الاتفاقية الأمنية مع واشنطن مسائل مصيرية قد تقسم البرلمان العراقي ومن خلفه الشعب إلى جبهتين عربية وكردية، كما أن مسألة تطبيق فيدرالية الوسط والجنوب وإعادة صياغة الدستور العراقي قد تقسم العراقيين إلى جبهتين إحداهما شيعية - كردية والأخرى سنية.

هذا من الجانب السياسي، أما على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي فإن سوء الخدمات وتصاعد معدلات البطالة وانتشار الأوبئة بطريقة مثيرة للقلق مسائل ستنعكس بالتأكيد على المشهد السياسي غير المتجانس في العراق، وهي ستؤدي إلى تغير الخريطة السياسية باتجاه الضعف لا القوة، خصوصا مع بدء الحديث عن قرب الانسحاب الأميركي من العراق.

صحيح أن استقرار الوضع الأمني سيشجع الشركات والدولة على توفير الخدمات وإيجاد فرص عمل للعراقيين، إلا أن المقبل من المناوشات السياسية والبرلمانية قد تطيح بالاستقرار النسبي المشهود.

العملية السياسية وما رافقها من قرارات أصدرتها سلطة الاحتلال أو في ظله هددت مستقبل العراق ووحدته أرضا وشعبا، وأميركا بتلك القرارات أسست في ظرف استثنائي كان يمر فيه العراق لنظام ضعيف لن يكون قادرا على النمو والحياة بطريقة طبيعية، ولاسيما أن بوادر الخلاف بدأت تظهر في دستور البلد أكثر من ملامح الاتفاق عليه.

سيبقى العراق متزعزعا بدستوره المتناقض، وأرضه ستبقى ملغومة بالكثير من المجاميع المسلحة التي تمثل مختلف الاتجاهات المحلية المدفوعة بأجندات خارجية، وهي في مجملها تنتظر اللحظة المناسبة لإعادة نشاطها من جديد.

نعم، كان فرض الأمن في العراق مهمة صعبة وباهضة التكاليف من الناحيتين الإنسانية والمادية، لكن استتباب الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية قد لا تقل كلفة عن ما قدمه العراقيون خلال السنوات الخمس الماضية.

إقرأ أيضا لـ "علي الشريفي"

العدد 2198 - الخميس 11 سبتمبر 2008م الموافق 10 رمضان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً