استعجل الرئيس الأميركي التقارير «الإيجابية» من القادة العسكريين في العراق حتى ينقذ نفسه والحملة الانتخابية لحزبه الجمهوري. وبعد موافاة القادة جورج بوش بالتقارير أعلن نجاحا كبيرا في العراق برهنه باعتزامه سحب 8 آلاف جندي أميركي على دفعات خلال الشهور الستة المقبلة.

بالطبع يعتبر هذا العدد من الجنود المسحوبين «متواضعا» جدا إذا علمنا أن هناك أكثر من 140 ألف جندي أميركي منتشرون في العراق. وتوقيت هذا الإعلان الذي يتزامن مع اشتداد الحملة الانتخابية كان الغرض منه رفع شعبية الرئيس الأميركي التي وصلت إلى الحضيض، وكذلك دعم المرشح الجمهوري للبيت الأبيض جون ماكين الذي أظهرت استطلاعات الرأي تراجعه في مقابل منافسه الديمقراطي باراك أوباما.

يريد بوش أيضا أن يظهر للعالم أنه حقق نصرا في جعل العراق دولة ديمقراطية تتلمس خطاها بثبات نحو الاستقرار والازدهار، بينما الواقع يخالف ذلك؛ إذ إن العملية السياسية في هذا البلد في أسوأ مراحلها بالوصول إلى طريق شبه مسدود من خلال الخلافات حول قانون انتخابات مجالس المحافظات، ووضعية كركوك التي كادت أن توقع حربا أهلية بين قوات «البشمركة» الكردية والجيش العراق فضلا عن الخلاف حول قانون النفط، بغض الطرف عن العقبة الكبرى المتمثلة بالاتفاقية الأمنية طويلة الأمد مع واشنطن.

إن بوش ليهزأ في أيامه الأخيرة فهو يريد نصرا في كل الجبهات عبر الخطب الرنانة بينما خسر أكبر الجبهات المتمثلة في تراجع روسيا عن الحرب على الإرهاب وتنشيطها لحرب باردة جديدة. كل هذا انعكس سلبا على ملفات مثل البرنامج النووي الإيراني والمحكمة الجنائية «حصان طروادة» التي كان بوش يعول عليها كثيرا لمحاسبة خصومه والآن لم يعد حولها إجماع دولي وبالتالي ستكون نهاية عهد بوش مخزية للغاية.