إن الطفل الذي حبس في الحافلة مما أدى إلى وفاته بسبب شدة الحرارة ولمدة يوم دراسي كامل هي فاجعة حقيقية حتى ولو كان من دون قصد.
تصوروا أن طفلا في الخامسة من عمره والذي كان ربما غافيا قد وجد نفسه فجأة في مكان حار جدا والباب والشبابيك مقفلة وحيدا، قد تكفيه صدمة الوحدة لموته عدا شدة الحرارة داخل حافلة حديد، ناهيك عن الخوف والرعب اللذين أصاباه أثناء تعاركه للبقاء على قيد الحياة.
إن الإهمال الحقيقي للقائمين على التعامل مع الطفولة ممن سمحوا لأنفسهم بافتتاح روضة، ومن دون وجود متدربين للقيام بتلك المهمة، ووضع مشرفة قليلة الخبرة والتدريب لما يحتاجه الأطفال في تنقلاتهم والانضباط الأخلاقي في التأكد من أن طاقم الأبرياء متكامل أثناء النزول والصعود من الحافلة، سواء بالأرقام أو بمناداة الأسماء.
إن الغفلة والإهمال لا عذر لهما وهما من الجرائم التي دون سبق الإصرار والترصد ولكنهما جريمة كاملة، ويجب أن يعاقب عليها القانون، وخصوصا حينما تتسبب بالموت وفقدان الأبرياء ممن لا ذنب لهم إلا أنهم وضعوا كأمانة بيد هؤلاء المهملين ودون ضمير حي لتحمل المسئولية، ثم أضحوا الضحية.
وباعتبار أن تلك جريمة لا يغتفرها القانون، أرى أننا بحاجة إلى المزيد من الانتباه للأضرار الناجمة عن الإهمال في كل النواحي التي تخص الأطفال، وتشديد الرقابة على الحافلات التي تقلهم، ووضع حزام الأمان لهم وعدم جلوسهم في المقاعد الأمامية أثناء تنقلاتهم مع ذويهم ووضعهم في الكراسي الخاصة المثبتة في الخلف لمن دون الخامسة، وكثيرا ما نرى الأطفال واقفين على مقاعد السيارة مع شبابيك مفتوحة وذووهم مشغولون بالسواقة من دون أي انتباه لما يجري في الخلف أو وجود أحدهم إلى جانبهم يعبث بكل شيء في وضع خطير للغاية في داخل المركبة.
إنني أرجو من إدارة المرور عمل دورات تثقيفية للعائلات ومن ثم وضع غرامة لكل من لا يعتني بالأطفال الذين يقلهم ويتسبب في الإضرار بهؤلاء الأبرياء... وقبل أن يصبحوا ضحايا الإهمال، وأن تسحب رخصة السواقة لكل مخالف بتلك القواعد.
إن أطفالنا هم أحباؤنا وجيل المستقبل الواعد... علنا نطالب بحمايتهم والحرص على تعليم الكبار أولا كي يتعلم الصغار منهم... اللباقة واللياقة والاهتمام في تحمل المسئولية، ولإدارة المرور ذلك الدور الحيوي المهم لحماية أجيالنا من الموت والإهمال والعاهات!
إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"العدد 2197 - الأربعاء 10 سبتمبر 2008م الموافق 09 رمضان 1429هـ