جلعاد شاليط مجرد جندي إسرائيلي تم أسره في غزة منذ عامين، لكن إطلاق سراحه أصبح مطلبا عربيا ودوليا ملحا في الفترة الأخيرة، بعد أن كثر الوسطاء! وفي مقدمتهم الرئيس الفرنسي ساركوزي، وآخرهم أمير دولة عربية خليجية ناشطة في مجال السياسة الدولية.
في زيارته لدمشق قبل خمسة أيام، أكّد ساركوزي أنه سلّم الرئيس السوري رسالة إلى شاليط من عائلته الملتاعة على فراقه، الذي نقلها بدوره إلى أمير قطر، الذي سلّمها بدوره إلى رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، الذي وعد بدوره بإيصال الرسالة إلى شاليط، حسب وكالة الأنباء القطرية (قنا). أما وكالة الأنباء الفرنسية فقد أخفقت في الحصول من ساركوزي على التفاصيل؛ لأنه «مهتم فقط بتحقيق النتائج»... وعودة جلعاد المسكين إلى أحضان أبيه وأمه وعائلته الملتاعة على فراقه.
صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية كشفت أن مسئولين مصريين أخبروا وفدا إسرائيليا نهاية الأسبوع الماضي في القاهرة بأن مصر تسعى لتحرير أسر شاليط قبل شهر نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل. أما الإذاعة الصهيونية الرسمية فنقلت الاثنين الماضي عن أحد أعضاء الكنيست قوله بعد لقائه مدير المخابرات المصرية عمر سليمان بالقاهرة، إن «مصر أبلغت (حماس) أنها لن تطبّع علاقتها معها، إلاّ إذا أطلقت سراح شاليط»، فهذه القضية الإنسانية لا تنتظر المماطلة أو التأخير والتأجيل أكثر ما حصل!
من يتابع الأخبار يعرف أن مصر كانت تعلب دور الوسيط بين «حماس» و «إسرائيل» لإبرام صفقة يطلق بموجبها سراح شاليط، مقابل إطلاق الكيان الصهيوني سراح مئات الأسرى الفلسطينيين. ولكن ما جرى في الفترة الأخيرة هو أن بعض وسائل الإعلام تحدثت عن رغبة «حماس» باستبدال الوساطة المصرية بأطراف عربية وأجنبية وسحب ملف شاليط من يد مصر؛ لأنها لم تعد تعلب دور الوسيط بين الطرفين كما ينبغي! بل إن بعض الأصوات داخل «حماس» تطلب بسحب ملف شاليط من مصر ونقله إلى مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة!
هذه التطورات ربما تفسّر سرّ الرسالة التي غيرّت طريقها من القاهرة إلى دمشق. وهو ما أكده نائب رئيس المكتب السياسي لـ «حماس» موسى أبومرزوق في تصريحه لوكالة الأنباء الألمانية أن الحركة تسلّمت رسالة أسرة شاليط، ورفض الإفصاح عن الجهة التي سلمتها، «فهذا الموضوع ليس مهما، المهم أننا تسلمنا الرسالة وهذا يكفي»، فالمطلوب الآن، عربيا ودوليا، إطلاق سراح هذا الجندي البريء الذي تمّ اختطافه من على حاجز للجيش الإسرائيلي، في عمليةٍ عسكريةٍ نفّذتها مجموعة إرهابية من المتمرّدين الفلسطينيين! كل ذلك من أجل المطالبة بالإفراج عن سجناء فلسطينيين، مضى على بعضهم أكثر من عشرين عاما. ومن بينهم أيضا نساء يعشن مع أطفالهن الرضّع في السجون الإسرائيلية، التي تضمّ 11 ألف معتقل فلسطيني، لم يكلّف رئيسٌ أوروبي، ولا أميرٌ عربي، نفسه عناء حمل رسائل أهاليهم إليهم أو المطالبة بإنهاء معاناتهم الإنسانية. فهؤلاء من الذين لا بواكي لهم، وليس لعوائلهم قلوب ملتاعة على فراقهم.
أبومرزوق الذي أعلن عن تسلّم رسالة شاليط، وعد بأنه «سيتم التعامل مع هذا الموضوع بمسئولية»، على رغم اعترافه بأن مفاوضات تبادل الأسرى غير المباشرة مع «إسرائيل» معلقة.
أمس، أطلقت «حماس» أسرى غريمتها «فتح»، ويتوقع أن تطلق «فتح» أسرى «حماس»، فاتقوا الله يا «حماس» في هذا الشهر وأطلقوا سراح شاليط المسكين!
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 2196 - الثلثاء 09 سبتمبر 2008م الموافق 08 رمضان 1429هـ