يوم غد (11 سبتمبر / أيلول) يصادف ذكرى مرور سبع سنوات على التفجيرات الإرهابية في الولايات المتحدة الأميركية... آنذاك تعاطف العالم أجمع مع أميركا وكسبت مكانة معنوية بسبب ما جرى على أراضيها من استهداف إرهابي للناس وللمنشآت العامة.
غير أن الولايات المتحدة شنت حربا على أفغانستان، ومن ثم قامت بغزو العراق من دون أن يكون لها أي سند في القانون الدولي. وكانت فكرة احتلال العراق تراود المجموعة المسيطرة على البيت الأبيض (المحافظون الجدد) منذ فترة، وكانت الفكرة تتحدث عن التغيير القسري للأنظمة التي تعصي الإدارة الأميركية وقلب المعادلة السياسية رأسا على عقب.
العام 2001 كان من المفترض منه أن يكون عاما للحوار بين الحضارات، كما أعلنت ذلك الأمم المتحدة، ولكننا شهدنا اصطدام الحضارات بتشكيلاتها الثقافية والتقليدية والدينية، وارتفع شعار «الحرب على الإرهاب» بدلا من «نشر الديمقراطية وحقوق الإنسان». وكما نقلت إحدى وكالات الأنباء أمس عن اجتماع للأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني في باريس حول «تأكيد حقوق الإنسان للجميع»، فقد أجمع غالبية الخبراء والناشطين الحقوقيين المشاركين وعددهم نحو ألفي شخص، أن «الحرب على الإرهاب التي أطلقت فور هجمات 11 سبتمبر 2001 قد ضربت أسس حقوق الإنسان في العالم أجمع». ونقلت الوكالة عن منظمة «هيومن رايتس ووتش» قولها انه بعد تلك الأحداث «شاهدنا تغييرا جذريا في سياسات الحكومات تجاه الإرهاب، والاشتباه في الإرهاب، ومراقبة المواطنين، وزعمت الحكومات أن حقوق الإنسان حسبما تنص عليها الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، قد أصبحت غير قابلة للعمل بها». وأضافت أن حقوق الإنسان تتعرض للانتهاك في أميركا وفي نحو 80 دولة اعتمدت قوانين لمكافحة الإرهاب منذ سبتمبر 2001، وهذا شكل توجها لإلغاء حقوق وحريات الأفراد بموجب قوانين جديدة، وهذه القوانين قلصت الحقوق الفردية والإنسانية، وعززت سلطات الحكومات القسرية للتحري، والمراقبة، والتجسس، والاعتقال بأقل قدر من الشفافية والضمانات القانونية.
على أن العامين الأخيرين شهدا صحوة لاتجاهات كانت ناشطة في الغرب والعالم الإسلامي وكانت تدعو إلى الحوار والتقارب والتفاهم واحترام حقوق الإنسان ونشر المبادئ الديمقراطية التي تحترم إرادة الشعوب... هذه التوجهات غيبت لسنوات بعد أحداث سبتمبر 2001، ولكن فشل سياسة استخدام القوة القاهرة (أميركا) وأساليب القمع (الحكومات بمختلف أشكالها) أصبح أكثر وضوحا في الفترة الحالية، وذلك بعد أن تحولت الكثير من سياسات وإجراءات الحرب على الإرهاب إلى حرب على الإنسان.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 2196 - الثلثاء 09 سبتمبر 2008م الموافق 08 رمضان 1429هـ