أربعة أجهزة كمبيوتر، وطالبان من جامعة ستانفورد الأميركية هما سيرغي برين ولاري بيغ، وعبقري برمجيات ومستثمر مغامر في آن، هو آندي بكتشليم لم يتردد في توقيع شيك بـ 100 ألف دولار ويضعه بتصرف الشابين للانطلاق به في تأسيس شركة. تلك، إن صح لنا أن نبسط الأمور، كانت انطلاقة شركة «غوغل» في 7 سبتمبر/ أيلول العام 1998.
ولاشك أنه كان لدى الثلاثة المؤسسين ما هو أكثر من ذلك، وفيه يكمن السر في أن تتحول «غوغل» في غضون عشر سنوات فقط من مجرد محرك بحث، بغض النظر عن درجة تطوره، إلى شركة عامة مدرجة على بورصة ناسدك (Nasdeq)، بقيمة تتجاوز 150 (يقدرها البعض بنحو 171 مليار دولار، وإيرادات سنوية تصل إلى 20 مليار دولار، وأرباح تربو على 5 مليارات دولار ومعدل نمو يتجاوز 33 في المئة، وأكبر محرك بحث على الإنترنت على مستوى العالم، يسيطر كما تذكر صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية على «أكثر من 60 في المئة من البحث الذي يتم على الإنترنت، ونحو 70 في المئة من سوق الإعلانات البحثية. ويمتلك في أوروبا، أكثر من 35 في المئة من السوق»، ويعطي الزائر النتائج ذات العلاقة في جزء من الثانية، ويستقبل ما لا يقل عن 200 مليون طلب بحث يوميا، و50 ألف موظف لديهم ولاء شبه مطلق لشركة تطبق معايير ثورية من أجل الاحتفاظ بموظفيها في سوق تقنية الاتصالات والمعلومات التي تسودها حرب ضروس بين الشركات العاملة فيها من أجل اختطاف الموظفين المبدعين.
عوامل كثيرة تكمن وراء أسرار نجاح «غوغل»، لكن يجمعها 3 عوامل أساسية هي: الإبداع والتكامل والتركيز الشديد من أجل توليد قيمة مضافة لكل مشروع أو خدمة أو منتج يخلقه المحرك.
لذلك وجدنا «غوغل» أول ما وجدناها تطوير الخدمات ذات العلاقة المباشرة بالإطار العام لآليات البحث، فكان نتاج ذلك مجموعة من البرمجيات المجانية من معالج كلمات غير معقد، إلى متصفح متطور أطلقته أخيرا أملا اسم «كروم»، وجمع هذا المتصفح المتطور، معتمدا على المصادر المفتوحة، بين خصائص «فايرفوكس» من شركة «موزيلا»، و»ويب كيت» من شركة «أبل».
ولم تكتف غوغل بذلك، فتلمست في فترة مبكرة تلك العلاقة المتكاملة بين الشبكة العنكبوتية العالمية (الويب) كوعاء متطور تفاعلي ديناميكي للمعلومات والإنترنت كقناة تواصل وبث لمحتويات ذلك الوعاء. وكان محصلة ذلك مشروعها لإنتاج أو التعاون مع إحدى الشركات المنتجة للهواتف النقالة القادرة على الإستفادة من المعلومات التي يحتضنها الويب، وكفاءة الإتصالات التي تمتلكها الإنترنت. وأكدت مصادر مقربة من شركتي تي موبايل (T-Mobile ) وسبرينت (Sprint) أن غوغل تدرس منحهما حق إنتاج أول هواتفها، على أن تؤخذ شركة HTC بعين الاعتبار كشريك محتمل في المستقبل.
ولم تتوقف مشروعات غوغل الإبتكارية - الإستثمارية عند حدود كوكب الأرض، فوجدناها تطرح «جائزة غوغل الفضائية» التي تضع 20 مليون دولار بأيدي أوّل فريق علمي خاص، ينجح في إرسال مسبار آلي للقمر، بحيث يقطع مسافة نصف كيلومتر على الأقل هناك، ويرسل معلومات عن ذلك وصورا وفيديوها قبل نهاية العام 2012. وتهبط قيمة الجائزة إلى 15 مليون دولار إذا تحقق الإنجاز بين نهاية 2012 وبداية 2014. وأبرز شرط للحصول على الجائزة أن تكون مشاركة أي حكومة فيه بأقلّ ما يمكن. إذا تطمح غوغل أن تتحول من منظم معلومات ومقدم خدمات، من بينها محرك البحث، على كوكب الأرض فقط، إلى مقدم للخدمات ذاتها لكن على نطاق أوسع يشمل الفضاء.
ومن الفضاء تعودغوغل إلى الأرض لتدمج بين خدمتين أساسيتين هما سوق التجزئة عندما دعت في مارس/ آذار 2006 ، كما نقلت «الفايننشال تايمز» اللندنية غوغل «شركات التجارة بالتجزئة، وربما من الوكالات العقارية تقديم تفاصيل سلعها وأسعارها على أن تقوم غوغل بفهرسة وتعليب المعلومات في محرك بحث سهل التصفح ما يوفر لمستعمليه سوقا اقتصاديا افتراضيا تضم عددا كبيرا من تجار التجزئة». وأرفقت ذلك بطرحها خدمات غوغل المالية (Google Finance)، والتي جاءت تلبية لمتطلبات سوق جديدة تشهد نموا ملموسا وهو الإقبال على تصفح الإنترنت للحصول على الأخبار الاقتصادية.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2195 - الإثنين 08 سبتمبر 2008م الموافق 07 رمضان 1429هـ