من الأمور الحسنة أن تعلن جمعية الوفاق أنها بصدد عقد مؤتمر صحافي لتحديد أولوياتها في دور الانعقاد الثالث، وينتظر المراقبون هذا المؤتمر لتمحيص الخطوات والملفات التي ستهتم بها «الوفاق» في الفترة المتبقية من المجلس النيابي، وبذلك تحدد استعداداتها لانتخابات 2010. إلا أن الخشية من أن أولويات الكتلة قد تم تحديدها على الأرض، ويتم تفصيلها، قبل الإعلان عنها في مؤتمر صحافي.
فبالنسبة إلى المراقب المحايد، يجد أن أولويات «الوفاق» تتصل حاليا بمكافحة «أفكار غير مقبولة» لجماعة من الشيعة، وأن ندوة عقدت في إسكان عالي قبل فترة ونتجت عنها مشادات، وأن هناك سعيا حثيثا لعقد ندوة أخرى خلال الأيام المقبلة في السنابس. المحاضرون والحاضرون والمشاركون هم أساسا من جمهور «الوفاق»، وما حدث وسيحدث محسوب عليهم سياسيا واجتماعيا سواء كانوا قد خططوا لمثل هذه الأمور أم لم يخططوا لها، وسواء أعلنوها في مؤتمر صحافي أم لم يعلنوها.
إنه لمن المؤسف حقّا أن تنعقد مثل هذه الندوات التي تحمل في طياتها معانيَ كثيرة غير مناسبة من نواحٍ عدة لما يتوقعه المراقبون من كتلة معارضة تطالب بحقوقها، ولكنها في الوقت ذاته تتورط بقضايا لا أول لها ولا آخر. ولقد اتصلت شخصيا ببعض الإخوة لأتحدث معهم بشأن هذه الندوات التي يشاركون في إحيائها. ولكن مع الأسف فإن الحديث لم يجد صدى بشأن التخلي عن مثل هذه النشاطات التي تأتي بالخسارة على الوطن وتضيِّع الجهود المخلصة في دهاليز معقدة لن يستفيد منها إلا من يود الشماتة.
ملف آخر طرحته «الوفاق» إعلاميا قبل أن تعقد مؤتمرها الصحافي، إذ صدر بيان عن الجمعية ينفي أية علاقة لممثلي «الوفاق» بشأن الاتفاق مع الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان وجمعيات أخرى حول خمس توصيات سترفع إلى السلطة التشريعية، واعتراض «الوفاق» يتعلق بتوصية حول اتفاقية منع التمييز ضد المرأة (سيداو)، إذ أشار بيان الجمعية إلى أن «ما أضيف على التوصيات الخمس التي وقعتها الجمعيات السياسية المتعلقة بمعاهدة سيداو لم تكن ضمن التوصيات الخمس الموقعة على الإطلاق». وقال بيان الجمعية: «إن ما يتعلق باتفاقية سيداو هي إضافة حصلت من قبل لجنة صياغة الاتفاقية فقط». والاعتراضات المطروحة مشروعة لأن الإسلاميين مازالوا في حوار حول بعض البنود التي قد تتعارض مع الشريعة الإسلامية، ولكن مجمل اتفاقية منع التمييز ضد المرأة لا ترتبط فقط بهذه البنود، ولها أهمية لا يمكن إغفالها أو الاعتراض عليها... وعليه فإن إصدار بيان «استباقي» قبل أن تصدر الجمعيات بيانها الرسمي يبدو وكأنه تحديد لأولويات وفاقية، أو تحديد لخطوط حمر تخشى «الوفاق» عبورها.
لا نود أن نبخس «الوفاق» حقها، فهي تمارس عملا مشرفا - مع نواب آخرين - بشأن ممتلكات الدولة والتحقيق في خليج توبلي والتحقيق في قضايا تهم المواطنين، إضافة إلى جهودهم الهادفة لتحسين المعيشة... ولكن هذه الإنحازات، ولكي يهنأ بها الوطن، فإنها تحتاج إلى تركيز أقوى في الفترة المقبلة لكي يشعر المواطن أنه استفاد من النواب الذين انتخبهم، كما تحتاج إلى الابتعاد عن كل ما يربك الساحة ويعرضها لقمة سائغة لمن لا يود خيرا للبحرين وأهلها
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 2195 - الإثنين 08 سبتمبر 2008م الموافق 07 رمضان 1429هـ