العدد 2193 - السبت 06 سبتمبر 2008م الموافق 05 رمضان 1429هـ

شمعة أخرى على الطريق

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

مع فجر هذا اليوم المبارك، السابع من رمضان، السابع من سبتمبر/ أيلول، تشعل «الوسط» الشمعة السابعة من عمرها المديد. وإذ تتلفت إلى الوراء... لا تكاد تصدّق نفسك، أن ستة أعوام مضت من عمر هذا المولود الجديد.

بعض الآمال تحقّقت، وبعضها يحتاج إلى جهودٍ أخرى لتحقيق المزيد، وفي مقدمتها التطلّع لقانون عصري يتناسب مع مفهوم «الإصلاح»، ويليق بالصحافة البحرينية التي بلغت عقدها السادس، ويكرّس حرية التعبير، بعيدا عن مخاوف الملاحقة والتهديد بقانون العقوبات القديم.

أحد النجاحات البارزة هو الإطاحة بما استقرت عليه تقاليد الصفحة الأولى من مانشيتات جامدة، كانت تخصّص للخبر الرسمي، حتى لو لم تكن هناك أخبارٌ فعلا كان ينبغي اختلاق أخبار. هذا التغيير الذي كان خروجا على المألوف، أصبح هو القاعدة في أغلب الصحافة البحرينية اليوم. فالخبر هو الخبر، وهو الذي يفرض نفسه، أن ينشر على الصفحة الأولى أو يتم ترحيله إلى صفحات المحليات.

في خطٍّ مواز، وبينما كان الخبر الرسمي يهيمن على الصفحة الأولى لعقدين أو أكثر، أصبحت الكثير من الأخبار العامة بعد سبتمبر 2002، تأخذ طريقها إلى المانشيتات، ما يعكس انتقال العدسة من المحور الرسمي إلى محور المجتمع، بمؤسساته وجمعياته وشخصياته وناسه البسطاء. الإعلام المقروء الذي كان مجرد صدى لما يراد ترديده من الأعلى، أصبح اليوم شاهدا على ما يعجّ به المجتمع من تنوُّعٍ وحيويةٍ وحراك وأشواق تتطلع لغدٍ أفضل.

كانت المهمة صعبة أن تكسر قواعد وترسي قواعد أخرى. ففي بلدٍ صغير من بلدان العالم الثالث، مرّ بتجربةٍ مريرةٍ من تغييب الرأي الآخر وقمع الحريات، فكان ممنوعا النظر للمسئول باعتباره مكلّفا بوظيفة رسمية وأجيرا لدى الدولة وخادما للشعب، فالهالة التي تحيطه تضعه فوق المساءلة والنقد. هذه العقلية تغيّرت لدى الكثيرين، وإن بقيت آثارها لدى قلة قليلة، مازالت تعتبر النقد إساءة شخصية، لابد من مواجهتها بـ «تعرية» الكتّاب والرد على صاعهم صاعين، فإذا كتبت مقالا من 400 كلمة، جاءك ردّ العلاقات العامة في اليوم التالي في 1200 كلمة، حتى تلزم حدك وتعود إلى رشدك، ولا تفكّر مرة أخرى في انتقاد الكبراء.

هناك الطرف الآخر أيضا في المعادلة: المجتمع، الذي يحلم بغدٍ أفضل، ويدفع الفاتورة من دمه وعرقه وأسباب راحته، لكنه يضيق بالنقد أحيانا، ويرفض النصيحة أحيانا أخرى، فهذه طبيعة البشر، التي تحب سماع ما يطرب الآذان... ولكنها تستثقل سماع الناصحين.

الحكم استوعب أسس اللعبة الجديدة، وتآلف مع قواعد الإعلام في عالمٍ لم يعد ممكنا منع الرأي والمعلومات، فترك للناس حرية أن يقولوا ما يريدون إلى حدٍّ ما، وأخذ لنفسه حقّ فعل ما يريد. أما المجتمع، فليس واضحا كم من الوقت سيمضي حتى يدرك هذه القواعد وينظر إلى الصحافة كطرفٍ مستقلٍ ومسئول.

قبل سبع سنوات، كان الطموح أن تعتاد أذن المسئول على النقد، وسماع النبرة العالية، في مجتمعٍ خرج توّا من تحت سطوة قانون «أمن الدولة»، لتمارس الصحافة دورها كسلطة رابعة. وفي مجتمع غير متوازن السلطات، فرض عليها أن تحمل بعض ما تعجز عنه سلطاتٌ أخرى، وهو ما قامت به عن طيب خاطر... من أجل مجتمع حر ووطن سعيد

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2193 - السبت 06 سبتمبر 2008م الموافق 05 رمضان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً