العدد 2193 - السبت 06 سبتمبر 2008م الموافق 05 رمضان 1429هـ

رائحة النفط تسبق رايس إلى طرابلس

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في أول جمعة من شهر رمضان (5 أغسطس/ آب 2008)، بدأت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس أول زيارة من نوعها إلى ليبيا منذ أكثر من خمسين عاما والتقت الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي. حاولت رايس، وبمهارة أن تبرر للزيارة في تصريحها المصاغ بعناية فقالت «إن الولايات المتحدة ليس لها أعداء دائمون... وإن زيارتي لليبيا تبرهن أن حكومة الولايات المتحدة مستعدة للرد بالمثل إذا قررت الدول الأخرى تغيير سياساتها تغييرا جوهريا». أما من الجانب الليبي، فقد كان القذافي قد أعلن في الاحتفالات الـ39 للثورة الليبية بأن «كل الخلافات بين ليبيا والولايات المتحدة انتهت تماما».

ولعل السؤال الذي يطرح نفسه بشدة: لماذا تحدث الآن؟

سجل العلاقات الليبية - الأميركية بعد الإطاحة بإدريس السنوسي عبارة عن شريط من التوترات، يوردها موقع الإذاعة البريطانية... ويستمر مسلسل التوترات إلى أن نصل إلى العام 2003، عندما تقبل ليبيا تقبل المسئولية القانونية عن حادث لوكربي وتعلن تخليها عن أسلحة الدمار الشامل. ومقابل ذلك، وفي العام 2004، تخفف واشنطن من عقوبات انتقال المسئولين الليبيين. وفي العام 2006 تستعاد العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وتحذف واشنطن اسم ليبيا من قائمة الدول الراعية للإرهاب.

وهنا يصعب إنكار الدور الكبير الذي مارسه مهندس تحسين العلاقات الليبية - الأميركية محمد الزوي منذ أن كان سفيرا لبلاده بدرجة وزير لدى المغرب وانتقاله فيما بعد ممثلا دائما لليبيا لدى الأمم المتحدة في نيويورك في نهاية العام 1994.

هناك الكثير مما يمكن أن يقال في أسباب عودة المياه إلى مجاريها بين البلدين، ولكن كما يبدو فإن العنصر الاقتصادي، وعلى وجه التحديد «النفط» هو العامل الفيصل الذي دفع العاصمتين نحو التقارب.

فمن جانب طرابلس يعتقد الكاتب السياسي رونالد بروس جون، في مقال ينشر موقع «إسلام أونلاين» تلخيصا له، بأن «الاحتياطيات النفطية الليبية المؤكدة تبلغ 39 مليار برميل، ومع إجراء المزيد من عمليات التنقيب والإنتاج المشتركة من المتوقع أن يزيد هذا المخزون. وقد شهدت السنوات الأخيرة نشاطا منخفضا في مجال التنقيب عن النفط والغاز في ليبيا، والآن تخطط ليبيا لمضاعفة إنتاجها النفطي بحلول منتصف العقد القادم والعودة إلى مستويات إنتاج لم تشهدها البلاد منذ العام 1970».

وتعد ليبيا ثاني دولة منتجة للنفط في إفريقيا بعد نيجيريا فقط، كما وصل احتياطي الغاز الطبيعي المؤكد في ليبيا إلى 130 مليون متر مكعب وتحتل المركز الأول في إفريقيا على هذا الصعيد.

وبالمقابل، وعلى المستوى الأميركي، يرى الكاتب أنه «وعلى رغم أن الولايات المتحدة لم تكن قط من الدول الكبرى المستوردة للنفط الليبي ومن غير المتوقع أن تصبح كذلك في المستقبل، فإن احتياطيات النفط والغاز الليبية تتميز بأهمية متنامية بالنسبة إلى حلفاء أميركا الأوروبيين، ومن شأن زيادة الإنتاج الليبي زيادة العرض العالمي، وهو ما يعود بالنفع على جانبي الأطلسي». وكما يبدو فسوف تحصل الولايات المتحدة على إيرادات نفطية ضخمة بعد تحسين علاقاتها مع ليبيا.

وقد دخلت شركات أميركية قطاع النفط والغاز الليبي بعد انتهاء العقوبات لكن شركات كثيرة أحجمت خشية أن تجمد المحاكم الأميركية أصولها لإبرامها تعاملات مع ليبيا قبل تسوية مطالب بتعويضات عن أعمال وصفت بالإرهابية، وانحسرت هذه المخاوف بعد أن اتفق البلدان على إقامة صندوق لتسوية تلك المطالب.

ولم يستطع المدير التنفيذي لاتحاد الأعمال الأميركي - الليبي في واشنطن ديفيد جولدوين أن يخفي الهدف من وراء تأسيس هذا الصندوق فقال «ما إن يتم تمويل الصندوق فأعتقد أنه سيكون له أثر كبير في توسع الأعمال الأميركية في ليبيا والأعمال الليبية في الولايات المتحدة... وأن هيئة الاستثمار الليبية التي تتطلع لاستثمار إيرادات النفط المتزايدة ستتمكن من الاستثمار في الولايات المتحدة أو الانضمام للشركات الأميركية لدخول أسواق أخرى».

ويلخص الزعيم الليبي معمر القذافي التعاون بين بلاده والولايات المتحدة بأنه «ليس عاطفة»، بل «مصالح متبادلة وخوف وأمن متبادل»... وأن طرابلس «تحتاج إلى أميركا لكي لا تعادينا وهي تحتاج إلينا لتدخل إلى أسواقنا».

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2193 - السبت 06 سبتمبر 2008م الموافق 05 رمضان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً