العدد 2193 - السبت 06 سبتمبر 2008م الموافق 05 رمضان 1429هـ

هل «إسرائيل» على بعد كارثة واحدة من الانهيار؟

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

ليس الإسرائيليون متحدين في دعم سياسات حكومتهم بشأن أربعة عقود فاسدة من الاحتلال لمناطق فلسطينية وسورية ولبنانية.

الاحتلال مكلف ومزعج أخلاقيا وأبعد من قدرة «إسرائيل» على الإبقاء عليه.

يتمتع الإسرائيليون بحرية نسبية للتساؤل بشأن الاحتلال، إلا أن ما يثير الاستغراب أن السياسيين الأميركيين، وخاصة هؤلاء المتنافسين في الانتخابات الوطنية، يجدون صعوبة في مساءلة الاحتلال. إن لم يكن لأي سبب آخر، فإن مجرد القلق على مستقبل «إسرائيل» يجب أن يشجع الأميركيين على أن يدركوا بصورة أفضل قضايا الشرق الأوسط. أظهرت دراسة مهمة أجراها مؤخرا مركز كارنيغي أن «إسرائيل» مفتوحة بشكل متقلقل للانهيار.

تعني الدراسة ضمنيا أن الأميركيين الذين أغلقوا أفواههم يجب أن يفتحوا عقولهم تجاه تعرض «إسرائيل» كدولة محتلة للأخطار. أكثر كلف احتلال العام 1967 للأراضي العربية ثقلا هو الأكثر على أمن «إسرائيل» القومي.

تسلمت «إسرائيل» إنذارات خطيرة في عدد يوليو/ تموز - أغسطس/ آب من مجلة السياسة الخارجية Foreign Policy في مقال عنوانه «مؤشر الدول الفاشلة للعام 2008». وتضع آخر نتائج المؤشر «إسرائيل»/ نظام الضفة الغربية، في موقع على الحافة فيما يتعلق بالأمن القومي.

ويبحث المؤشر قائمة طويلة من الدول المعرَّضة للفشل، ويحدد 12 متغيرا تعرّض أمنها الوطني للخطر. وبحسب أداة التصنيف هذه، تدرج «إسرائيل»/ نظام الضفة الغريبة، بين الدول الستين الهشة المتواجدة «على بعد كارثة واحدة من الانهيار».

انضمت «إسرائيل» حديثا إلى نادي الدول المعرَّضة للخطر هذا.

ويضع المؤشر الصومال في المركز رقم 1، كأكثر دولة عديمة الأمن في العالم. ويقع العراق في المركز الخامس ولبنان في المركز 18 وسورية في المركز 35 ومصر في المركز 40 وإيران في المركز 49. وتقع جورجيا، وهي مسرح كارثة الأسبوع الماضي في المركز 56، بينما تقع «إسرائيل»/ نظام الضفة الغربية، في المركز 58 ضمن تصنيف دول الحافة، بعد الدول الحرجة والدول المعرضة للخطر.

وتقوم الدراسة بقياس كل دولة بحسب 12 عنصر مخاطرة. وحصلت «إسرائيل» على نتائج مرتفعة في ثمانية من مؤشرات الخطورة الاثني عشر: الضغط الديمغرافي، التظلُّم الجماعي، التطور غير المكافئ، سحب الشرعية عن الدولة، الخدمة العامة، حقوق الإنسان، النُخَب التي تحولت إلى فصائل والتدخل الخارجي.

لقد عقّد عدم استعداد أميركا لتحدي المجتمعات اليهودية الاستيطانية الإسرائيلية في الضفة الغربية بأسلوب أقوى، عملية السلام بشكل ضخم.

في الاتجاه نفسه، ومن خلال عدم فرض الولايات المتحدة ضغطا على «إسرائيل» لتفكيك الجدار الأمني والشبكة التي لا نهاية لها من الحواجز ونقاط التفتيش المذلّة، داخل الضفة الغربية والقدس الشرقية وحولها، تقوم أميركا بالتغاضي سلبيا عن تأخير التسوية بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

حائط «برلين» هذا الذي يجري العمل عليه يجعل الحياة لا تطاق بالنسبة إلى الفلسطينيين. ويبرز الجدار مشاعر قوية للانتقام بين خمسة ملايين فلسطيني يعيشون متفرقين تحت الحكم الإسرائيلي.

وتكيَّف الإسرائيليون، والفضل يعود في ذلك إلى دعم أميركا غير المشروط، مع عقلية الاحتلال التي تنكر وجود الخطر.

يتمتع الإسرائيليون اليوم بأمن حياتهم اليومية وازدهارهم الاقتصادي. وتأتي سلامتهم وثراؤهم على حساب الانقباض السياسي المتزايد وتصفية المعارضين والحد من حركة التنقل في المناطق المحتلة، إلا أن استقرار الحياة اليومية يجب ألا يختلط فهمه مع الأمن الوطني على المدى الطويل.

لقد أصبح التطرف في الأراضي المقدسة اليوم، على جانبي النزاع، هو التيار الرئيسي.

ويتوجب على مرشحينا الرئاسيين اليوم، اللذين يتنافسان على التوجه نحو الناخبين اليهود، أن يفكرا بدينامية خطرة في النزاع العربي الإسرائيلي؛ كلما ازداد اعتماد «إسرائيل» على سياسات العقاب ازداد اعتماد الفلسطينيين على التشدد العسكري.

ومن الأسهل على أميركا أن تعلق على الإرهاب الفلسطيني وليس على الرد الإسرائيلي الزائد. كما يصعب على الأميركيين رؤية الظلم السياسي كعنصر مساهم في الإرهاب الفلسطيني.

وتسير عملية ضم الأراضي التي تقوم بها «إسرائيل» بشكل موازٍ للتوسع الديمغرافي الفلسطيني، وهذه معادلة تؤدي إلى تداعي النظام في المستقبل.

مؤشرات الخطر السياسي مكتوبة على الجدران، ولكن السياسيين الأميركيين والإسرائيليين يرفضون قراءتها. وإذا كان مؤشر الدول الفاشلة يشكل أداة تشخيصية صالحة، فإنه يتوجب على صانعي السياسة الأميركية الخارجية أن يعيدوا التفكير باستراتيجيتهم في الشرق الأوسط.

* محلل لبناني أميركي للشرق الأوسط، وقد كان في السابق أمينا عاما لمجلس الكنائس العالمي للشرق الأوسط ومركزه جنيف، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2193 - السبت 06 سبتمبر 2008م الموافق 05 رمضان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً