العدد 2192 - الجمعة 05 سبتمبر 2008م الموافق 04 رمضان 1429هـ

طرق الإنترنت تتخطى المركزية الأميركية

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في ملحقها الاقتصادي اليومي، نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» في عددها الصادر بتاريخ 30 أغسطس/ آب 2008 مقالا مطولا حمل عنوانا يقول «استخدام الإنترنت يتخطى الولايات المتحدة»، (Internet Trafffic Begins to Bypass the U.S). لب المقال يتمحور حول قضايا أساسية من بين أهم ما جاء فيها:

1. كانت الولايات المتحدة في ثمانينات القرن الماضي، وعندما انطلق الإنترنت، محورا أساسيا في انتقال المعلومات عبر الإنترنت، فحتى المعلومات المتبادلة بين بلدين، كان لابد لها من المرور عبر الولايات المتحدة، إن هي أرادت الاستفادة من خدمات الإنترنت المتقدمة.

2. بات العديد من شركات الاتصالات، بعد سن القانون الوطني (Patriot Act)، يتحاشى استخدام الطرق السريعة التي تمر عبر الولايات المتحدة، الأمر الذي أدى إلى تحويل بعض قنوات الاتصالات بعيدا عن مراكز الاستقبال والتخزين الأميركية.

3. فقدت الولايات المتحدة، من جراء ذلك، قدرتها على اعتراض طرق تدفق المعلومات، الأمر الذي كان يضع تحت تصرفها قناة كفوءة تبيح لها التجسس على تلك المعلومات، وأنشطة من يتبادلها، والاستفادة منها في رسم إستراتيجيتها العالمية، وتحديد علاقاتها الدولية.

4. أقر بعض العلماء الأميركان، ورجال المخابرات المركزية الأميركية بتعذر استمرار الولايات المتحدة في سيطرتها المطلقة على خطوط تدفق المعلومات عبر الإنترنت، لأن ذلك يتناقض مع طبيعة الإنترنت، وآلية أنشطتها.

لكن الحقيقة المرة التي يبدو أن الولايات مقدمة على تجرعها هي أيضا اضطرارها للتنحي عن الكثير من المراكز القيادية أو المتقدمة، ذات العلاقة بصناعة الإنترنت، التي كانت تحتلها، وان ميزان الثقل بدأ يرجح لصالح مراكز أخرى، خصوصا في جنوب شرقي آسيا، مثل الصين.

لقد سبق أحد مراكز الأبحاث الحكومية في الصين صحيفة «نيويورك تايمز» بسنتين عندما توقع في العام 2006 بأن الصين «قد تتفوق قريبا على الولايات المتحدة الأميركية في مجال استخدام الإنترنت عندما يصبح فيها أكبر عدد من مستخدمي شبكة المعلومات الدولية في العالم».

حينها ذكر مركز الصين لشبكة معلومات الإنترنت في بيان وزّعه على وسائل الإعلام الرسمية: «نعتقد أن الأمر سيستغرق سنتين على أبعد تقدير كي تتجاوز الصين الولايات المتحدة (في استخدام الإنترنت)». وأحصى المركز عدد مستخدمي الإنترنت في الصين حينها بنحو 137 مليون مستخدم مع نهاية عام 2006، وهذا شكّل زيادة قدرها 23 في المئة عن العام الذي سبقه.

في الفترة ذاتها، كانت أرقام الحكومة الأميركية تشير إلى أنّ «نحو 210 ملايين شخص من عدد السكان الإجمالي في البلاد والبالغ 300 مليون نسمة يستخدمون الإنترنت».

واليوم، تشارك إحصاءات مصادر عالمية (http://www.pewinternet.org/PPF/r/182/report_display.asp) المصدر الصيني فيما توصل إليه، وتذكر أن زيادة نسبة مستخدمي الإنترنت على المستوى العالمي من 15.7 في المئة، إلى 16 في المئة خلال الربع الثاني من العام 2008، يعود الفضل فيه إلى آسيا، حيث ارتفع معدل انتشار الإنترنت فيها من 9.9 في المئة إلى 10.4 في المئة، ولو قارنا ذلك بحصة آسيا من نسب انتشار الإنترنت فسنجد أن نسبها قد ارتفعت من 35 في المئة إلى 36.5 في المئة.

وتؤكد المصادر ذاتها أن الصين كانت في القلب من تلك الزيادة حيث ارتفعت نسبة انتشار الإنترنت فيها من 8.5 في المئة إلى9.4 في المئة، حائزة بذلك على نحو 32.3 في المئة من الحصة الآسيوية، تليها اليابان التي بلغت حصتها نحو 22.7 في المئة.

مقابل هذه القفزة الآسيوية عرفت أوروبا زيادة طفيفة، حيث ارتفعت حصتها من 36.1 في المئة إلى 36.4 في المئة، رغم أن حصتها العالمية قد تراجعت من 28.5 في المئة إلى 28.2 في المئة، في حين لم تتزحزح حصة الولايات المتحدة عن مكانتها فحافظت على 68.6 في المئة، لكن بتراجع في حصتها من النسبة العالمية من 22.2 في المئة إلى 21.8 في المئة، وهذا عائد أساسا إلى تنامي الحصة الآسيوية كما ذكرنا.

أهمية هذه الزيادة، رغم كونها طفيفة بعض الشيء، كونها حدثت في خلال أشهر ثلاثة فقط، كما أنها لا تنفي أن الولايات المتحدة، رغم تراجع نسبها، مازالت تحتل الصدارة، من حيث الاستخدام (Usage)، والانتشار (Penetration). لكننا نتحدث عن اتجاه يبدو أنه قابل للنمو، الأمر الذي يشير إلى تحول الأمور لصالح الدول الآسيوية.

هنا تجدر الإشارة إلى أن الشرق الأوسط، رغم كل الضجيج الإعلامي الذي يصم آذاننا بشأن ولوجنا عالم الإنترنت مازال ضعيفا جدا، فرغم أن عدد سكان الشرق الأوسط يشكل 2.9 في المئة من سلطان العالم، إلا أن نسبة انتشار الإنترنت فيه لا تتجاوز 9.6 في المئة، ونسبة الاستخدام تكاد تقترب من 1.7 في المئة.

والأمر يزداد سوءا عند الحديث عن نسب المحتوى، فكما تقول الأمين العام للمجلس الأعلى للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في قطر (ICT Qatar) حصة الجابر، في لقائها مع بيل غيتس في أبوظبي في مطلع هذا العام خلال منتدى القيادات الحكومية إن «الإنترنت ما هي إلا محتوى، وللأسف أن الصفحات المتاحة على الانترنت باللغة العربية لا تشكل إلا 0.2 في المئة فقط حسب إحصاءات عام 2006. وهذا في حد ذاته يشكل هما كبيرا وخاصة أن 65 في المئة من المتحدثين باللغة العربية لا يتحدثون اللغة الانجليزية وفقا لإحصاءات العام 2005.»

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2192 - الجمعة 05 سبتمبر 2008م الموافق 04 رمضان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً