قبل عام بالضبط عرفنا ان عدد سكان البحرين اصبح اكثر من مليون نسمة وان عدد السكان بلغ 529 الفا، بينما بلغ عدد الاجانب 517 الفا، بمعنى ان عدد السكان انخفض من 61 في المئة الى 51 في المئة من مجموع السكان خلال عامين اذا قارنا ارقام 2007 بارقام 2005. وفيما لو توافرت لنا المعلومات الاخيرة والدقيقة فلربما نجد ان عدد البحرينيين اصبح اقل من عدد الاجانب هذا الشهر، وبذلك تلتحق البحرين بدول الخليج الاخرى التي تواجه ازمة خطيرة في تركيبتها السكانية.
فالامارات التي تعاني اكثر من غيرها من هذه المشكلة لن تكون الوحيدة (العمال الوافدون يشكلون مايزيد على 78 في المئة من عدد السكان)، وعلينا الآن ان نراجع بعقلانية الحلول العملية المتداولة لمثل هذه المشكلة المتفاقمة. وفي الاول من سبتمبر/ ايلول الجاري اعلنت وكالة انباء الامارات ان مجلس الوزراء الاماراتي اعتمد «خمس مبادرات مهمة خلصت اليها اللجنة الوطنية للتركيبة السكانية بعد اجراء الكثير من الدراسات والمشاورات مع مختلف الجهات المعنية». ومن تلك المبادرات السماح للطلبة من ابناء الوافدين بالدخول الى سوق العمل المحلي، وتغيير الرسوم والنسب المعتمدة لنظام تصنيف المنشآت وذلك لضمان التزام اصحاب العمل بمبدأ تنوع الثقافات وعدم الاقتصار على جنسية محددة، وتشكيل لجنة فنية برئاسة ممثل عن الحكومة وعضوية ممثلين لشركات التطوير العقاري الكبرى وذلك لإيجاد انظمة بديلة لبناء المباني التقليدي والاستعاضة عنها بأخرى تساعد على تقليل الايدي العاملة المستخدمة في هذا القطاع (يبلغ عدد العاملين في قطاع البناء نحو مليون ونصف المليون عامل من بينهم 200 الف نجار مبانٍ خرسانة وأوصت اللجنة بالبدء في تلك المهنة القابلة للاستبدال)، ومبادرة تكليف وزارة الطاقة بالتنسيق مع وزارة الداخلية على تعميم فكرة الخدمة الذاتية في محطات الوقود ما يعزز من الاعتماد على الذات والاستغناء عن بعض المهن الهامشية، كما تحركت الامارات ايضا لحل مشكلة عديمي الجنسية (البدون)، في اطار السعي لحل المشكلة السكانية.
الامارات اطلقت صفارة الانذار، وكانت البحرين قد اطلقت صفارتها قبل اربع سنوات، ولكن مع الضغط المتزايد لعدد من القطاعات التي تعتمد على الايدي العاملة الرخيصة فإن مشكلتنا ازدادت... واليوم نرى كيف أن الضغط على الخدمات اصبح يؤثر سلبا على امور عديدة، بما في ذلك مياه الصرف الصحي وأزمة خليج توبلي، وانقطاعات الكهرباء، والاختناقات المرورية، وتدني الخدمات الصحية بسبب ازدياد المقبلين على هذه الخدمات مع عدم توسع الامكانات بموازاة ذلك، الخ.
على المستوى الاستراتيجي، فإن النمو الاقتصادي الحالي قائم أساسا على معادلة العمالة الرخيصة، ومادام هذا هو الامر فلا يمكن ان تحل المشكلة، لأن المزيد من النمو يعني المزيد من العمالة الرخيصة. والحل الاستراتيجي الآخر هو ان ينمو الاقتصاد بالاعتماد على معادلة قائمة على التقنية العالية والموارد البشرية المتطورة، وهذا اتجاه ينتهي الى تقليل عدد العمالة الرخيصة (أو يقضي عليها).
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 2190 - الأربعاء 03 سبتمبر 2008م الموافق 02 رمضان 1429هـ