أقبل علينا شهر رمضان المبارك، وهو من الأشهر المميزة والعظيمة على نفوس جميع المسلمين في شتى بقاع الأرض، وهو الشهر الذي يحرص فيه الكثير من المهتمين بالتربية الإسلامية في دور العبادة ودور العلوم الدينية والحسينيات والمآتم بتدريس مختلف العلوم الدينية بصورة مكثفة استغلالا للوقت الثمين الذي نمر فيه، وليكون انطلاقة نحو تعلم الأمور الدينية والدنيوية.
وبالرجوع إلى الواقع الذي نعيشه نجد أن الكثير من المؤسسات التي ذكرت أمثلة لها تعقد دروسا متميزة وتترك آثارا إيجابية على الحضور والمشاركين، الذين يرتبطون بها ويرتقون بأنفسهم تدريجيا فتتغير سلوكياتهم اليومية، إلا أن مشكلتين غالبا ما تلازمان البرامج الدينية، اللتان يمكن تجاوزهما بالإرادة والقناعة من قبل القائمين على إعداد البرامج، واللتان أجد أن البعض لا يعلم لماذا يمارسهما، أو لا يعرف لماذا يتعامل بهما، وتتمثلان في:
الأولى: تعامل المحاضِر أو المعلم بالأسلوب التقليدي الذي نطلق عليه (قديم) أثناء التعليم، وهو غالبا ما يعتمد على التلقين دون التعرف على الرأي الآخر (المتلقي)، ما يجعل البعض من المستمعين أو المتلقين وخصوصا الشباب والناشئة يملون من الأسلوب، ويتراجعون شيئا فشيئا عن تعلم أمور دينهم ودنياهم.
أما المشكلة الثانية التي أجدها فرعا من المشكلة الأولى، وعلى رغم ذلك أراها أهم من الأولى هي اقتصار الطرح والتعليم على أشخاص دون غيرهم، الأمر الذي يجعل المشاركين ينقسمون إلى فئتين واحدة تعتاد على تلقي المعلومات من شخص واحد فلا تقبل إلا به، وأخرى تمل وتجد في الابتعاد أو تغيير المكان خيارين أفضل من الأول - بحسب الفئة الثانية -.
ونجد هنا أن احتكار التقديم مشكلة تؤطر المعلمين وتجعل لهم «أول وأخير»، والخطوة نفسها تجعلني أنوه إلى الوضع الحالي لصروح العلوم الدينية، التي تتصف الكثير منها بمحدودية المعلمين فيها واقتصار كل صرح إسلامي على أهل المنطقة التي يكون فيها الصرح العلمي، والأهم من الصفتين السابقتين هو إطلاق أسماء وألقاب من ينشئ الصروح التعليمية للدين الإسلامي والمآتم.
إذا ما الذي نريده من الخطاب الديني ولأجله؟ نريد للخطاب الديني أن يتطور فيحتضن جميع الفئات التي تبحث عن الاستفادة منها كهول أو شباب أو أطفال، من خلال طرح الدروس والعلوم الإسلامية بأسلوب يتناسب مع أبناء كل جيل من أجل كسبهم.
نريد أن تقدم الجهات التعليمية والمساجد والمآتم التعليم لجميع أبناء البحرين، وألا تقتصر المشاركة والتعليم على أبناء المنطقة التي تقع فيها الصروح العلمية، وذلك من خلال اختيار الأساليب التي تتناسب مع أبناء كل جيل مع الحفاظ على الهوية الإسلامية، وأخيرا وليس آخرا نريد لمؤسسي تلك الجهات أن يخرجوا من دائرة «احتكار» إطلاق أسمائهم على الجهات الدينية، من خلال الاعتياد على اختيار المسميات المناسبة والتاريخية الحقيقية.
إن كانت المطالب السابقة جديدة بالنسبة إلى فئة ما، أعتقد أنها ستحظى بتأييد منها، أما لمن يجدها مألوفة لكنها لم تطبق بالشكل الكلي أو المناسب الذي يتمناه أدعوه إلى البحث عنها، هل هي موجودة؟ إن لم تكن كذلك فليدعو أن تتحقق، وليبدأ بإيجادها بدءا من شهر رمضان المبارك
إقرأ أيضا لـ "فرح العوض"العدد 2189 - الثلثاء 02 سبتمبر 2008م الموافق 01 رمضان 1429هـ