أظهرت دراسة أن المستثمرين يميلون إلى زيادة نسبة المخاطرة على محافظ الأوراق المالية الخاصة بهم خلال فترات الاضطراب الاقتصادي.
فقد تناول التقرير الجديد الذي أصدرته باركليز ويلث ووحدة إيكونوميست للمعلومات أمس الأول ويحمل عنوان «الخروج عن المألوف: مسألة شخصية»، وهو يعد أكثر الدراسات العالمية شمولا، تناول سلوك المستثمرين خلال فترة عدم استقرار السوق الحالية، إذ من الممكن أن يكون سلوك المستثمرين مبالغا فيه في فترات الاضطراب في الأسواق المالية سعيا منهم إلى حماية رؤوس أموالهم من التقلبات في أسعار الأصول، أو الاستفادة من فترة الشك هذه.
ويكشف التقرير، بالاعتماد على نتائج استطلاع عالمي أجري على 2300 شخص من أصحاب الثروات العالية، عن وجود اختلاف واضح بين ردود فعل المستثمرين في الأسواق الناشئة والمتقدمة تجاه أزمة انخفاض السيولة المتوافرة للإقراض، بما يؤكد حاجة صناعة الخدمات المالية إلى اتباع منهج أكثر علمية لفهم الأنماط السلوكية والشخصية التي تؤثر في قرارات المستثمرين.
مفاهيم المخاطرة
أعرب المشاركون في الاستطلاع من الأسواق الناشئة، بما فيها الإمارات العربية المتحدة (43 في المئة)، والصين (41 في المئة)، والهند (40 في المئة)، عن ميلهم إلى زيادة نسبة المخاطرة على محافظ الأوراق المالية الخاصة بهم خلال فترات الاضطراب الاقتصادي، بما يعني أنهم يعتبرون البيئة الحالية مصدرا للفرص، وليس عائقا. كما أظهرت نتائج الدراسة أنه في فترات زيادة الاضطراب الاقتصادي يميل المشاركون في الاستطلاع من الإمارات العربية المتحدة (48 في المئة) إلى تغيير مدير محافظهم الخاصة بهم، بينما تبين أن المستثمرين الأثرياء من الولايات المتحدة الأميركية (23 في المئة) هم الأقل ميلا إلى اختيار مدير جديد.
وفي المقابل، أظهرت نتائج الدراسة أن المستثمرين من أصحاب الثروات العالية في الأسواق المتقدمة مثل إيطاليا (27 في المئة)، والمملكة المتحدة (29 في المئة)، وأسبانيا (29 في المئة) هم من بين الأقل ميلا إلى زيادة نسبة المخاطرة على محافظهم، كما يقومون بزيادة الاحتياطات التي يتخذونها على استثماراتهم خلال فترات اضطراب الأسواق.
ويلعب العمر كذلك دورا في تحديد سلوك المستثمرين؛ إذ أعرب 51 في المئة من المستثمرين تحت عمر 50 عاما عن تخطيطهم لزيادة مخصصاتهم النقدية، مقارنة بنسبة 14 في المئة من المستثمرين فوق سن الخمسين. وتعني تجربة الاستثمار في دورات اقتصادية سابقة أن الأجيال الأكبر تكون أقل توترا في مواجهة الاضطراب الاقتصادي.
السلم العقاري - قصة اتجاهين
بلغت أسعار العقارات مستويات قياسية في العديد من أجزاء العالم خلال الاثني عشر شهرا الأخيرة، وقد سعى بعض المستثمرين إلى الاستفادة من تلك الأسعار القوية أكثر من غيرهم؛ إذ يخطط المستثمرون في الأسواق الناشئة (48 في المئة)، مثل آسيا وشرق أوروبا، إلى زيادة مخصصات أصولهم في العقارات أكثر من المستثمرين في دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (37 في المئة). هذا في الوقت الذي بدأ فيه الأفراد في الأسواق المتقدمة في فقدان الثقة في مجال العقارات، وخصوصا مع ازدياد عدم استقرار السوق خلال العام 2008.
ويخطط حوالي سدس المشاركين في الاستطلاع (16 في المئة) وخمس (17 في المئة) من المستثمرين في دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية إلى تقليل مخصصاتهم العقارية، خاصة المشاركين في الاستطلاع والمستثمرين من أسبانيا (29 في المئة)، والمملكة المتحدة (22 في المئة).
الفرق بين الرجال والنساء في اتخاذ القرارات الاستثمارية
في حين كانت النساء في السابق أقل ثقة من الرجال في التعامل مع المواقف المالية، فإن هناك الكثير من الأمور التي تشير إلى تغير هذا الاتجاه؛ إذ يؤكد الدليل التاريخي أن ضعف ثقة المرأة فيما يخص الأمور المالية نابع إلى حد كبير من مشاركتها الحديثة نسبيّا في مجال إدارة الأموال. وتشهد الفجوة بين حجم الثروة التي يمتلكها الرجال والنساء من أصحاب الثروات العالية تضاؤلا ملحوظا، علاوة على تزايد عدد النساء اللاتي يحتللن مناصب عليا في عالم الأعمال، والتمويل، والعمل الحكومي.
ومن بين نتائج هذا الأمر تنامي ثقة المرأة فيما يتعلق بالأمور المالية، وظهور جيل جديد من المستثمرات من صاحبات الحنكة في العالم المالي.
هذا إلى جانب الاختلافات الكثيرة بين الرجل والمرأة فيما يخص مصادر المعلومات التي يستعينون بها؛ إذ تميل المرأة بشكل أقل إلى التأثر بوسائل الإعلام، وتتجه أكثر إلى استشارة الأصدقاء والعائلة، في حين اعتبر المشاركون في الاستطلاع من الرجال وسائل الإعلام أهم مصادر معلوماتهم المالية.
وتقول المدير العام ورئيس باركليز ويلث - الشرق الأوسط، وشمال أفريقيا، سها نشأت: «لقد أصبح أثرياء المنطقة أكثر تطلبا خلال الأعوام القليلة الماضية؛ إذ يتوقعون مستويات أعلى من الأداء الاستثماري والخدمة الاستثمارية. وتؤكد البصائر حول سلوك المستثمرين، والتي نتجت عن تلك الدراسات، مرة أخرى أهمية استشارة الخبراء من المصرفيين، خاصة في فترات التقلب الاقتصادي. وأصبح من الأهمية القصوى إدراك مستشاري الثروات التام للعوامل النفسية والعاطفية التي تؤثر على عملية اتخاذ القرار الاستثماري، والتي تتراوح من ردود أفعال المستثمرين تجاه تقلب الأوضاع الاقتصادية في السوق، إلى الفرق بين الرجال والنساء في اتخاذ القرارات المتعلقة بالعمليات الاستثمارية.
ونستطيع من خلال تلك البصائر المهمة إعداد محافظ أوراق مالية لزبائننا تعكس شخصية كل منهم».
المراقبة المفرطة وفائض التداول
يقول أكثر من نصف (51 في المئة) من المستثمرين إنهم يخططون لتحليل محافظهم بصورة متكررة، بينما ذكر 51 في المئة من المستثمرين الآخرين أنهم يراقبون استثمارا معيناَ بصورة يومية أو أسبوعية مقابل 41 في المئة من الذين يفضلون مراقبة أداء محافظهم الكلية.
يوحي البحث بأنه في أثناء تقلب أوضاع السوق، ينشغل المستثمرون بأداء أسهم معينة مفضلين ذلك على الانشغال بمحافظهم الكلية، ما قد يؤدي إلى اتخاذ المستثمرين قرارات قد تبدو حكيمة عند الأخذ في الاعتبار قاعدة أصول معينة على حساب اتخاذ قرارات سليمة قد تؤثر على محافظهم الكلية.
في أثناء البحث عن أفضل النتائج، يميل المستثمرون إلى المبالغة في حجم التداول إذ يتوقع أكثر من ثلث المستثمرين (أي 39 في المئة) تكثيف عدد مرات التداول في سوق الأسهم.
يقول مدير الاستثمار في «باركليز ويلث» كيفن ليكوك: «تتمحور استراتيجية الاستثمار الناجحة حول مدة وجود المستثمر في السوق أكثر من اعتمادها على محاولته التعامل مع السوق وفقا لأوقات محددة، وتستمر الأسواق في التقلب مع حالات الرواج والركود التي ستشهدها، إلا أن تحقيق الأهداف المالية طويلة الأمد يتم عن طريق التنفيذ المتناغم لمنهج استثماري في أجواء معتدلة».
العدد 2189 - الثلثاء 02 سبتمبر 2008م الموافق 01 رمضان 1429هـ