نظمت دائرة العلاقات العامة بجمعية «الوفاق» مساء الجمعة الماضي، حفل تكريم للمتفوقين للعام الثاني على التوالي، تحت شعار «من هنا يُبنى الوطن».
الحفل امتد لأكثر من ثلاث ساعات، وشمل تكريم 391 طالبا وطالبة، وغطّى خريجي الثانوية والدبلوم والبكالوريوس والماجستير، ومكرّم واحد من حملة الدكتوراه. ومع عدم علمي بتوزيعهم الجغرافي، إلاّ أن المتوقع أن تكون غالبيتهم من المناطق المحسوبة تقليديا على «الوفاق».
كان من الواضح وأنت تتصفح الكتيب الخاص بالمناسبة غلبة العنصر النسائي، وهو ما حسبه الاقتصادي حسين المهدي بالأرقام، حين خلص إلى أن 75 في المئة من المكرّمين من الإناث. وهي نسبة ليست جديدة ولا غريبة، بل باتت تتكرّر مع صدور نتائج المرحلتين الإعدادية والثانوية كل عام. ومع ذلك فهذه المعادلة تكشف خللا كبيرا على المستوى الوطني، من حيث تأثيراتها البعيدة على مستقبل الجيل الجديد، والمجتمع والدولة، اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا.
الحفل استهلته كلمةٌ لإحدى المتفوّقات تضمّنت بعض هواجس جيلها، وطالبت فيها باهتمام الدولة بهم وتذليل العقبات التي تعترضهم، كما طالبت وزارة التربية والتعليم بتطوير المناهج، وتوفير خيارات دراسية أنسب وأشمل لما تحتاجه سوق العمل، وتوفير العدالة في آليات توزيع البعثات والمنح الدراسية.
نائب الأمين العام للوفاق الشيخ حسين الديهي، ألقى كلمة ثلثها مقدّمةٌ عن العلم، والثلث الثاني كان ترحيبا حارا وتشجيعا للمتفوقين، داعيا لاستثمار ملكات المتفوقين العلمية والإبداعية، باعتبارهم الأساس الذي يقوم عليه مستقبل ورقي البحرين. وفي الثلث الأخير تطرّق إلى ما أسماه «تحديات جساما» ما فتئت تسهم في تكدير الجو العام، وتعقيد الوضع السياسي. إذ أبدى أسفه لوجود بعض الفئات المسكونة بفكر الإقصاء والاستحواذ التي أمعنت في ممارسة التمييز والتهميش حتى دفعت بسياساتها الكارثية إلى مجال التقنين والتبني الرسمي، «لاستشعارها بحماية بعض الجهات الرسمية لها، في شراكة حمقاء مع بعض المتنفذين ستودي بمستقبل هذا الوطن وسلمه الأهلي والاجتماعي»، كما قال.
الديهي أشار إلى انه لم يعد كافيا أن يحصل الشاب أو الشابة على الشهادة العلمية، ولم يعد النجاح هو التحدي أمام أبناء الوطن من الطائفتين الكريمتين، بل الواجب أن نصبو جميعا إلى التميّز والتفوق؛ «لأن هناك من يُقدَّم بسبب المحسوبية والتمييز والاستحواذ، ومخطئ من يعتقد أن هذا السلوك السيئ يمارس ضد أبناء طائفة دون أخرى، بل أصبح يعاني منه الجميع بمختلف تياراتهم، يُمارس ضد كل من ليس منتميا لتيار الاستحواذ والإقصاء. وسواء كنت شيعيا أو سنيا، ستقصى لأنك ببساطةٍ لست من تيارهم». وأكد بقوله: «لذلك علينا جميعا - سنة وشيعة - أن نقف صفا واحدا ندافع عن مبدأ تكافؤ الفرص للجميع، مهما كان الانتماء المذهبي أو السياسي، ففي ذلك سلامة ورقي لمجتمعنا وبلدنا».
وقدّر الديهي توجهات مجلس التنمية الاقتصادية ومبادرات إصلاح التعليم بقيادة سمو ولي العهد، منبها إلى أهمية الشفافية؛ لمنع تسرّب أشخاص غير أكفاء إلى أطقم العمل بفعل الطأفنة والمحسوبية، وهم بأمسّ الحاجة للتدقيق في مؤهلاتهم وقدراتهم المتواضعة. وركّز تحديدا على «التمييز المقيت الذي بات سمة بارزة لوزارة التربية والتعليم في كل شيء»، ملمحا إلى أن هذا الموضوع سيكون ضمن أولويات كتلة «الوفاق» القادمة.
جيلٌ جديدٌ يطلع على الدنيا... فلا تظلموه ولا تجهضوا أحلامه بسياسات التمييز
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 2188 - الإثنين 01 سبتمبر 2008م الموافق 29 شعبان 1429هـ