العدد 2187 - الأحد 31 أغسطس 2008م الموافق 28 شعبان 1429هـ

الثورة الكشميرية الحالية

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

منذ نهاية يونيو/ حزيران الماضي بدأ الشعب الكشميري انتفاضة تحت شعار «آزادي»، أي الحرية، متحدين بذلك نحو نصف مليون جندي هندي يحاصرون المنطقة، وقطعوا حتى الاتصالات الإلكترونية وأغلقوا الصحف. الكشميريون المسلمون تحت السيطرة الهندية يبلغ عددهم نحو 7 ملايين نسمة ويمثلون ثلثي السكان. وهناك مناطق كشميرية تحت السيطرة الباكستانية، ومناطق أخرى تحت السيطرة الصينية. الثورة الشعبية الحالية بدأت فجأة ومن دون أن تتوقعها السلطات الهندية، بل إنها كانت تقول إن كشمير أضحت مختلفة عن الماضي بعد أن وضعت تحت السيطرة العسكرية المُحْكَمة خلال العقدين الماضيين.

بدأت المشكلة عندما أقدمت هيئة حكومية على منح 100 هكتار من أراضي كشمير لمتطرفين من الهندوس وأعلنت أن هذه البقعة «مقدسة»؛ لأنها تمثل الطريق إلى «كهف مقدس»الذي يعتبره المتطرفون الهندوس مقدسا، ويشجعون الهندوس على الحج إليه؛ إذ تقول الإحصاءات إن عدد الحجاج إلى هذا الكهف بلغ في 2008 نحو خمسة ملايين، وإن هذه المنطقة التي اجتزئت من كشمير وأعلنت أنها مقدسة ستكون مستوطنة وملاذا للحجاج الهندوس.

وفجأة استحضر الكشميريون ما حدث في فلسطين، ولم يتأخروا كثيرا، فتحدوا الشرطة والجنود الهنود وخرجوا بالآلاف ثم بعشرات الآلاف ثم مئات الآلاف، إلى أن قالت بعض الأرقام إن عدد المتظاهرين وصل في 16 أغسطس/ آب المنصرم إلى أكثر من ثلاثة ملايين شخص، ومن ثم خرجت مسيرة أخرى بالعدد نفسه في العاصمة الكشميرية (سريناغار) وتوجهت إلى حيث يوجد جنود الأمم المتحدة في المنطقة الفاصلة بين الهند وباكستان وأوصلوا ثلاثة مطالب هي: إنهاء الحكم الهندي، وإحلال قوات الأمم المتحدة بدلا من القوات الهندية، وإجراء تحقيق في جرائم الحرب والتعذيب التي نفذها الجيش الهندي والشرطة الهندية خلال العقدين الماضيين.

الحكومة الهندية تأخرت كثيرا في حسم الأمور أو اتخاذ أي قرار حازم تجاه المتطرفين الهندوس الذين يقودهم حزب «بهاراتيا جاناتا» الذي كان يقف خلف هدم مسجد البابري في العام 1992 (أعيد بناؤه لاحقا) وعندما تسلم هذا الحزب المتطرف الحكومة الهندية المركزية بين عامي 1998 و2004 أشعل حربا مع باكستان وأقام علاقات وطيدة مع «إسرائيل» واتفق على إطلاق قمر اصطناعي تجسسي لصالح «إسرائيل» - تم تنفيذ اتفاق اطلاق قمر اسرائيلي تجسسي في يناير / كانون الثاني الماضي- وهذا أخرج الهند من حياديتها التقليدية والإيجابية نحو القضايا الإسلامية والعربية.

حزب «بهاراتيا جاناتا» يسعى من خلال التأجيج الأخير إلى استعادة شعبيته في الانتخابات القادمة، ولكن الحكومة الهندية وربما الأمن الإقليمي - إن لم يكن العالمي لاحقا - أصبحا مهددَين الآن بسبب ذلك... ولربما كان على الأمم المتحدة أن تستجيب لرغبات الشعب الكشميري وتجري الاستفتاء الذي وعدت به العام 1948؛ لمعرفة رغبات الكشميريين، ولكنها لم تجره لحد الآن. الثورة الكشميرية المفاجئة ربما ينتج منها دولة مستقلة، وربما تنتج منها أمور مفاجئة أخرى

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 2187 - الأحد 31 أغسطس 2008م الموافق 28 شعبان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً