في11 ديسمبر/ كانون الاول من العام 1948 اصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار الشهير رقم (194) في دورتها الثالثة، وهو القرار الذي ينص صراحة على عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، وحقهم الثابت في ذلك، أو التعويض لمن لا يرغب في العودة، وقد صوتت لصالح القرار (35) دولة وعارضته (15) وامتنعت (8) دول عن التصويت، وقد صدر القرار بعد نحو ثلاثة اشهر من اغتيال العصابات الصهيونية الكونت «فولكا برنادوت»، وسيط الامم المتحدة في فلسطين التي كان الارهابي الدولي العريق «اسحاق شامير» وزميله «مناحيم بيغن» من ابرز قادتها.
واليوم، بمناسبة مرور (54) عاما على صدور هذا القرار الشهير نورد فيما يلي نصه الكامل، لعل في ذلك ذكرى تنفع الذين نسوا، أو يتناسون، الحق الوطني والقومي والاخلاقي والانساني للفلسطينيين في العودة إلى بلادهم واقامة دولتهم المستقلة فوق ترابها الوطني وعاصمتها القدس... نص القرار (194) الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة.
ان الجمعية العامة للامم المتحدة، وقد بحثت الحال في فلسطين من جديد:
اولا: تعرب عن عميق تقديرها الذي تم بفضل المساعي الحميدة المبذولة من وسيط الامم المتحدة الراحل «برنادوت» في سبيل تعزيز تسوية سلمية للحال المستقبلية في فلسطين، تلك التسوية التي ضحى بحياته من اجلها.
وتشكر للوسيط بالوكالة، ولموظفيه، جهودهم المتواصلة وتفانيهم للواجب في فلسطين.
ثانيا: تنشئ لجنة توفيق مكونة من ثلاث دول اعضاء في الامم المتحدة تكون لها المهمات التالية:
أ- القيام - بقدر ما ترى ان الاوضاع القائمة تستلزم - بالمهمات التي أوكلت إلى وسيط الامم المتحدة لفلسطين بموجب قرار الجمعية العامة رقم 186/5أ /2 الصادر في 14/5/1948.
ب - تنفيد المهمات والتوجيهات المحددة التي يصدرها إليها القرار الحالي، وتلك المهمات والتوجيهات الاضافية المحددة التي تصدرها إليها الجمعية العامة او مجلس الامن الدولي.
ج - القيام، بناء على طلب مجلس الامن، بأية مهمة توكلها حاليا قرارات مجلس الامن إلى وسيط الامم المتحدة في فلسطين أو إلى لجنة الامم المتحدة للهدنة، وينتهي دور الوسيط بناء على طلب مجلس الامن من لجنة التوفيق للقيام بجميع المهمات المتبقية التي لاتزال قرارات مجلس الامن توكلها إلى وسيط الامم المتحدة في فلسطين.
ثالثا: تقرر ان تعرض لجنة من الجمعية العامة مكونة من: الصين وفرنسا واتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الاميركية، اقتراحا بأسماء الدول الثلاث التي ستتكون منها لجنة التوفيق على الجمعية العامة لموافقتها قبل نهاية القسم الاول من دورتها الحالية.
رابعا: تطلب من اللجنة ان تبدأ اعمالها فورا حتى تقيم في اقرب وقت علاقات بين الاطراف ذاتها، وبين هذه الاطراف واللجنة.
خامسا: تدعو الحكومات والسلطات المعنية إلى توسيع نطاق المفاوضات المنصوص عليها في قرار مجلس الامن الصادر في 16/11/1948، وإلى البحث عن اتفاق بطريق مفاوضات تجرى إما مباشرة وإما مع اللجنة التوفيق بغية اجراء تسوية لجميع المسائل العالقة بينها.
سادسا: تصدر تعليماتها إلى لجنة التوفيق لاتخاذ التدابير بغية معاونة الحكومات والسلطات المعنية لإحراز تسوية نهائية لجميع المسائل المعلقة بينها.
سابعا: تقرر وجوب حماية الاماكن المقدسة، بما فيها «الناصرة» والمواقع والابنية الدينية في فلسطين، وتأمين حرية الوصول إليها وفق الحقوق القائمة والعرف التاريخي، ووجوب اخضاع الترتيبات المعمول بها لهذه الغاية إلى إشراف الامم المتحدة الفعلي، وعلى لجنة التوفيق التابعة للامم المتحدة لدى تقديمها إلى الجمعية العامة في دورتها العادية الرابعة اقتراحاتها المفصلة بشأن نظام دولي دائم لمنطقة القدس، ان تضع توصيات بشأن الاماكن المقدسة الموجودة في هذه المنطقة، ووجوب طلب اللجنة من السلطات السياسية في المناطق المعنية تقديم ضمانات رسمية ملائمة فيما يتعلق بحماية الاماكن المقدسة في باقي فلسطين، والوصول إلى هذه الاماكن، وعرض هذه التعهدات على الجمعية العامة للموافقة.
ثامنا: تقرر انه نظرا إلى ارتباط منطقة القدس بديانات عالمية ثلاث، فإن هذه المنطقة، بما في ذلك بلدية القدس الحالية، تضاف اليها القرى والمراكز المجاورة التي يكون ابعدها شرقا «أبو ديس» وابعدها جنوبا «بيت لحم» وابعدها غربا «عين كارم» بما فيها المنطقة المبينة في «موتا» وابعدها شمالا «شعفاط»، يجب ان تتمتع بمعاملة خاصة منفصلة عن معاملة باقي مناطق فلسطين الاخرى، ويجب ان توضع تحت مراقبة الامم المتحدة الفعلية.
1- تطلب من مجلس الامن اتخاذ تدابير جديدة بغية تأمين نزع السلاح في مدينة القدس في أقرب وقت ممكن.
2- تصدر تعليماتها إلى لجنة التوفيق لتقدم إلى الجمعية العامة في دورتها العادية الرابعة اقتراحات مفصلة بشأن نظام دولي دائم بمنطقة القدس يؤمن لكل من الفئتين المتميزتين الحد الاقصى من الحكم الذاتي المحلي المتوافق مع النظام الدولي الخاص بمنطقة القدس.
3- ان لجنة التوفيق مخولة بصلاحية تعيين ممثل للأمم المتحدة يتعاون مع السلطات المحلية فيما يتعلق بالإدارة المؤقتة لمنطقة القدس.
تاسعا: تقرر وجوب منح سكان فلسطين جميعهم اقصى حرية ممكنة للوصول إلى مدينة القدس بطريق البر والسكك الحديد وبطريق الجو، وذلك إلى ان تتفق الحكومات والسلطات المعنية على ترتيبات اكثر تفصيلا.
تصدر تعليماتها إلى لجنة التوفيق بأن تعلم مجلس الامن فورا بأية محاولة لعرقلة الوصول إلى المدنية من قبل الاطراف، وذلك كي يتخذ مجلس الامن التدابير اللازمة.
عاشرا: تصدر تعليماتها إلى لجنة التوفيق بالعمل على إيجاد ترتيبات بين الحكومات والسلطات المعنية، من شأنها تسهيل نمو المنطقة الاقتصادي، بما في ذلك عقد اتفاقات بشأن الوصول إلى المرافئ والمطارات واستعمال وسائل النقل والمواصلات.
حادي عشر: تقرر وجوب السماح بالعودة في اقرب وقت ممكن للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم، ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكاتهم للذين يقررون عدم العودة إلى ديارهم، وعن كل مفقود أو مصاب بضرر عندما يكون من الواجب وفق مبادئ القانون الدولي والانصاف ان يعوض عن ذلك الفقدان او الضرر من قبل السلطات المسئولة أو الحكومات.
تصدر تعليماتها إلى لجنة التوفيق بتسهيل اعادة اللاجئين وتوطينهم من جديد واعادة تأهيلهم الاقتصادي والاجتماعي، وكذلك دفع التعويضات، بالمحافظة على الاتصال الوثيق بمدير اغاثة الامم المتحدة، اللاجئين الفسطينيين، ومن خلاله، بالهيئات والوكالات المتخصصة الملائمة في منظمة الامم المتحدة.
ثاني عشر: تفويض لجنة التوفيق صلاحية تعيين الهيئات الفرعية واستخدام الخبراء الفنيين العاملين لديها ما ترى انها بحاجة إليه لتؤدى بصورة مجدية وظائفها والتزاماتها الواقعة على عاتقها بموجب نص القرار الحالي، ويكون مقر لجنة التوفيق الرسمي في القدس، وتكون لها السلطات المسئولة عن حفظ النظام في القدس واتخاذ جميع التدابير اللازمة لتأمين سلامة اللجنة، ويقدم الامين العام عددا محددا من الحراس لحماية موظفي اللجنة ودورها.
ثالث عشر: تصدر تعليماتها إلى لجنة التوفيق بأن تقدم إلى الامين العام بصورة دورية تقارير عن تطور الحال كي يقدمها إلى مجلس الامن وإلى أعضاء منظمة الامم المتحدة.
رابع عشر: تدعو الحكومات والسلطات المعنية جميعها إلى التعاون مع لجنة التوفيق وإلى اتخاذ جميع التدابير اللازمة والممكنة للمساعدة في تنفيذ القرار الحالي.
خامس: ترجو الامين العام تقديم ما يلزم من موظفين وتسهيلات واتخاذ الترتيبات الملائمة لتوفير الاموال اللازمة من اجل تنفيذ احكام القرار الحالي.
هل يمكن أن ننسى؟!
وأخيرا هل ينسى العرب مجمل هذه القرارات الصادرة عن أعلى منظمة دولية بخصوص القضية المركزية للأمة العربية؟، وهل يوافق العرب يوما ما على إلغاء هذه القرارات التي تثبت حقوقهم الواضحة الثابتة تاريخيا وشرعيا ووطنيا وقوميا وانسانيا وحضاريا، بالاضافة إلى حقوقهم الدينية المقدسة في ثالث الحرمين الشريفين وثاني القبلتين الشريفتين ومحط اسراء الرسول (ص) وصعوده إلى السماء؟..
العدد 116 - الإثنين 30 ديسمبر 2002م الموافق 25 شوال 1423هـ