العدد 115 - الأحد 29 ديسمبر 2002م الموافق 24 شوال 1423هـ

الحركة الطلابية... وأسئلة صعبة

خليل عبدعلي خليل comments [at] alwasatnews.com

المتفحص إلى وضع الساحة الطلابية في الآونة الأخيرة يشهد تأزما مستفحلا على مستوى الوعي الطلابي الجماهيري المدرك عموما أهمية الحركة الطلابية وأبعادها ودورها الفاعل والمؤثر في المجتمع، وانفصالا تاريخيا يرمي بظله على ذكريات لاتزال تجوب ذاكرة رواد الجيل السابق الذي أسس لهذه الحركة الطبيعية والتنويرية في المجتمع التي تخدم أساسا قطاعا مهما في المجتمع وهم الطلبة وتدفعهم إلى تحمل المسئوليات والمهمات، وتصنع منهم جيلا قادرا على صنع التغيير والتحول.

وغياب الحركة الطلابية يستدعي أسئلة كثيرة، ليس فقط على مستوى البناء الداخلي للبنات هذا الجسد، وإنما الظروف المحيطة الزمانية والمكانية المشكلة لواقع طلابي جديد يتعاطى مع مفاهيم وقيم لم تكن موجودة أساسا قبل خمسين سنة على الأقل، افرازاتها أوجدت سلوكا ونمطا معينا من الحياة تبرز فيه التقنيات المتصاعدة لمجال الاتصالات والمواصلات والانفتاح الاعلامي والاقتصادي. فوجود شبكّة معلوماتية ضخمة ليس لها حدود قادرة أن ترفد الطالب يوميا ومن دون انقطاع بالأخبار والمعلومات وتصله بالآخرين والعالم الخارجي هو وجه واحد لفهم التغير الحادث في التوجه الطلابي العام نحو تأسيس الحركة الطلابية. والتقاء الطلبة وتحاورهم ونقاشهم لا يتم عبر الجلسات التقليدية في المجالس أو استراحات الجامعة أو المجمعات أو المقاهي فقط، وإنما توجه يساير ثورة الاتصال ينتقل بالحديث إلى الغرف المغلقة الافتراضية التي تفتح عالما مغايرا للواقع ويكسر كل الحواجز التي عرفها الطلبة وأفراد المجتمع السابقون. وهي ملامح لا يمكن تجاوزها لفهم التطورات التي تحدث في الساحة الطلابية.

والطلبة مطالبون باستيعاب الدروس التاريخية وتجربة من سبقوهم؛ لأن بها اضاءات ونوافذ تشرق على المستقبل وتطل على التغيير الجذري انطلاقا من كونها قاعدة ومرتكزا للحركات الطلابية القادمة. وتجربة الاتحاد الوطني لطلبة البحرين في السبعينات والثمانينات جديرة بالتوقف والرصد، وهي التي أسست في الخارج قواعد طلابية تنشد التغيير والاصلاح في المجتمع، وقبل كل شيء الحفاظ على مصالح الطلبة والدفاع عن حقوقهم. كانت الحركة الطلابية معبرا حقيقيا عن ارادة الطلبة وطموحهم ومستندة على تنظيم هيكلي قوي وشعبية عريضة بين الطلبة وشرائح المجتمع. وقتها استطاع الطلبة أن يؤسسوا لأنفسهم في الخارج اتحادا يجمعهم من الخليج إلى المحيط ومن الشمال إلى الجنوب اذ البعثات الدراسية في الخارج تنشط وتتجدد بدماء لا تقبل بواقعها، وبغض النظر عن وقائع التجربة العملية لتجربة الاتحاد الوطني لطلبة البحرين، كان الوعي الطلابي الذاتي ينأى باختلاط العمل الطلابي بالعمل السياسي، وينظر بالدرجة الأولى إلى خدمة مصالح الطلبة، وأن السياسة جزء من الحياة وليست تعقيدا أو تهويلا.

وبرزت أخيرا تحركات طلابية قبل حوالي سنة لتأسيس مشروع (الاتحاد الطلابي)، وتقدم حوالي ثلاثة آلاف طالب وطالبة بطلب رسمي إلى وزارة العمل والشئون الاجتماعية ولم يسمح لهم بذلك، وتحاول الآن قوى طلابية وشبابية إعادة هيكلة الاتحاد الطلابي من منظور شريطة تمثيله الشريحة الكبرى للطلبة تحت مسمى (لجنة الإعداد للاتحاد الطلابي) التي ستحضر لعقد المؤتمر التحضيري الطلابي. هذه التحركات الايجابية يجب أن تستثمر بشكل ايجابي لتثمر عطاء طلابيا يعالج الثغرات السابقة وينطلق برؤى وتجربة جديدة تستفيد من الماضي.

والسؤال الحاضر الغائب الذي صار هما ثقيلا وموجعا وجاثما على صدور الطلبة والمتابعين، هو «لماذا لم يشهر الاتحاد الطلابي حتى الآن...؟» هل الطلبة غير قادرين على تأسيس التكتلات الطلابية ونحن نشهد قيام مجلس طلبة جامعة البحرين واللجان الطلابية في المعاهد أو التابعة للجمعيات السياسية؟ هل الوعي الطلابي لا يزال مؤهلا لفكرة الاتحاد؟ هل هو الوقت المناسب لخوض هذه التجربة؟ ما هي الدواعي والمسببات للإحجام عن إعلان موقف رسمي وصريح من قبل الجهات المعنية لإشهار الاتحاد في زمن الانفتاح والشفافية الذي نعيشه بقيادة عاهل البلاد المفدى؟ هذه الأسئلة التي لا تريد أن تتزحزح تكشف لنا جانبا من الصراع الذي يعيشه الطلبة وبحاجة إلى إجابات شافية من الطلبة أنفسهم والمعنيين بالشأن الطلابي

العدد 115 - الأحد 29 ديسمبر 2002م الموافق 24 شوال 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً