تتميز في العادة المؤتمرات الصحافية المرافقة لجولات المسئولين الأميركيين في الخليج بما فيها البحرين بالكثير من إجراءات التفتيش التي يتعرض لها بصورة روتينية مراسلو ومندوبو الصحف المحلية ووكالات الأنباء الاجنبية وخصوصا من بعد حوادث 11 سبتمبر/ ايلول في الولايات المتحدة.
الملفت للنظر ان هذه الاجراءات تجرى حاليا بصورة مبالغ فيها في بعض المؤتمرات الصحافية في البحرين، فهي قد تختلف من مؤتمر صحافي إلى آخر فيما يتعلق بأهمية المسئول الاميركي. وما حدث في مؤتمر السيناتور الاميركي جوزيف ليبرمان في المنامة كان غريبا ومهينا للصحافيين ممن حضروا هذا المؤتمر.
تعرض الصحافيون لتفتيش دقيق شمل التفتيش البدني عن طريق «ملتقط الذبذبات» ولم يعتذر ليبرمان قبل عقد المؤتمر لتأخره، كما هو الحال في معظم المؤتمرات التي يعقدها المسئولون الأميركيون في البحرين الا عندما تمت مداخلة سريعة لذكر ذلك من قبل احد الصحافيين.
ان مثل هذه الاجراءات لم تحدث مثلا مع قائد القوات المركزية الاميركية ريتشارد مايرز إذ اكتفى حراس الأمن بتفتيش مسجلات الصوت فقط وحدث ذلك في وقت قريب.
الغريب في الأمر ان مثل هذه الاجراءات تتم لسيناتور اميركي بهذه الصورة المشددة ولا تحدث مع قائد القوات المركزية الاميركية الذي مركزه المهني أكثر حساسية من ليبرمان وفي وقت تتصاعد فيه التهديدات الاميركية بضرب العراق في ظل زيادة القواعد والمناورات العسكرية في الخليج.
ان الجهة المنظمة، وهي السفارة الاميركية، تعرف هؤلاء الصحافيين الذين دعتهم الى المؤتمر منذ زمن بل وتعرف الطبيعة البحرينية عموما... هل حدثت هذه الإجراءات بتلك الطريقة المهينة للصحافيين، لكون ليبرمان يهوديا، بحسب ما جاء ذكره في النشرة التعريفية التي أصدرتها السفارة ووزعتها على الصحافيين؟ فقد يهاب العرب في ديارهم بأخذ الاحتياطات كافة وهو المرشح الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الاميركية للعام 2004.
من هنا لابد ان نشير إلى أن ليبرمان - الذي بدا وكأنه يعلِّم الصحافيين البحرينيين بتاريخهم العربي والاسلامي في بعض اجزاء من سياق اجوبته عن مطامع صدام التوسعية في البلاد العربية ويعطي دروسا أخرى عن السلام - بدا ليبرمان يخاطب الصحافيين وكأنه يخاطب عقولا خاوية وليس صحافيين متمكنين الا ان المشكلة بدأت بعدم احترام الصحافي البحريني وتمت اجراءات التفتيش المهينة خارج حدود أرض السفارة الأميركية... وعلى حدود الأرض البحرينية.
واذا ما قارنا ذلك بالاسلوب الذي تعقد فيه السفارة الفرنسية في المنامة مؤتمراتها الصحافية التي كان آخرها مع سكرتير الدولة الفرنسية للشئون الخارجية رينو موزولييه نجد ان الاجراءات في المؤتمرات الفرنسية تتم بصورة بعيدة عن أي إجراء تفتيشي بل في جو عادي.
يحدث كل ذلك على طريقة الضيافة الفرنسية في مقر منزل السفيرة الفرنسية انيتا ليميدو على رغم ان أعداد الصحافيين ليست قليلة غير ان الامور تسير بصورة طبيعية بعيدة عن الإهانة.
كيف لا وكل ذلك يحدث في البحرين...؟
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 115 - الأحد 29 ديسمبر 2002م الموافق 24 شوال 1423هـ