لم يكن أحد يأمل أن يصل بنا الحال لأن يخرج بعض لاعبي منتخباتنا الوطنية على صفحات الصحف يوما بعد يوم ليعلنوا وبشكل ذليل حاجتهم الماسة إلى وظيفة يسد بها فقره ويكفل بها عائلته ويبعده عن مد يد الحاجة، ليضطرهم إلى التوقف عن مواصلة المشوار مع الساحرة المستديرة وبالتالي خسارة أمثال هؤلاء المتألقين في ناديه والمنتخب.
آخر هذه الأمثلة تصريح حارس المنتخب الوطني ونادي باربار لكرة اليد تيسير محسن الذي مل الوعود وأصبح أمام واقع ترك اللعبة التي تعني له الكثير ومناشدة أحد أكبر السلطات الرياضية في البحرين رئيس اللجنة الأولمبية الشيخ ناصر بن حمد، ومن قبله رئيس المؤسسة الشيخ فواز بن محمد، وقبله كان الكثيرون الذين بحت أصواتهم يطالبون دولتهم بإنصافهم نظير التضحيات التي يبذلونها في سبيل الأرض التي ولدوا عليها وترعرعوا فيها.
هل يحتاج أمثال تيسير ولاعب منتخب الكرة الطائرة ميرزا عبدالله وغيرهم أن يخرجوا على صفحات الصحف ليعلنوا مأساتهم، وأنا أتحدث هنا عن لاعبي المنتخبات الوطنية وليس لاعبو الأندية، أم أصبحنا بحاجة إلى أن يزاول هؤلاء تغسيل السيارات أو جمع العلب كما حدث للاعب المنتخب الوطني للكرة الطائرة صادق إبراهيم وبعده لاعب منتخب كمال الأجسام وحامل فضية العالم عباس مكي لكي تبدأ السلطات الرياضية بعملها بإيجاد حل لمشكلات أبرز اللاعبين الذين تعتمد عليهم صفوف المنتخبات الوطنية.
الموقف الذي يتعرض له أمثال تيسير ليس وليد المصادفة وليس اللاعب الأول الذي تتمثل له هذه المشكلات، فجميع اللاعبين يعيشون بين نارين، أولهما خدمة الوطن وناديه مهما يكن وفي أي وقت، وثانيهما أن يحصل على قوته اليومي ليصرف به على عائلته التي يعيلها، وكل هذه الأمور مطالب أن يقوم بها في وقت واحد.
هذا الموقف يؤكد لنا أن اللاعبين بشتى المنتخبات الوطنية يعانون الكثير، وأنهم بحاجة ماسة إلى أن تتدخل الدولة لمساعدتهم، لا أن تضعهم في خندق لا يعرفون الخروج منه وهي تطالبهم بأن يساهموا في رقي منتخباتها، إذ من غير المعقول أن يقوم اللاعب بمساعدة الدولة على تحقيق البطولات من دون أن تقوم هي بمساعدتهم بتوفير وظيفة كريمة في ظل الحياة الصعبة التي يعيشها المواطن البحريني أصلا.
المشكلة ليست وليدة المصادفة، ومعناها أن تدخل الحكومة في فرض قانون معين يساعد اللاعب هو الحل الأمثل، كما هو الحاصل مع اللاعبين المستوردين من الخارج وقد أعطيت لهم الجنسية البحرينية الذين يلعبون براحة نظير الوظيفة الكريمة التي تحصلوا عليها، هذا إذا كانوا يعملون في الحقيقة لأن غالبيتهم وعلى ما يبدو ليسوا في البحرين، ويسافرون للعب باسم البحرين من دون خوف قطع الرزق الذي هو أهم شيء في هذه الحياة.
نحن نقول إن «أهل البلد» أولى بأن يحظوا بالوقفة الشريفة من أصحاب الإمكانات والوجهاء، ولا نستثني من ذلك كل أهل البلد، لكن إنجازات ومساهمات اللاعبين أمثال هؤلاء، وحملهم اسم البحرين في أكثر من محفل يتطلب من المعنيين في المؤسسة العامة أو اللجنة الأولمبية والاتحادات التدخل من أجل توفير أبسط الحقوق لمن دافع عن اسم البلد ورفع رايته، ولعل مناشدتهم خير دليل على حبهم لهذا البلد واللعبة التي نشأوا فيها ورغبتهم في مواصلة تحقيق البطولات للبحرين.
كل ذلك يحتاج إلى قرار سياسي بحت من شأنه أن يرفع العوز عن من يعمل على التضحية من أجل البلد، وعلى المجلس الوطني العمل على الدفع بقرارات من صالحها وضع مصالح هؤلاء في قبال المصلحة الوطنية، فالشعب ومن بينهم الرياضيون يتطلعون إلى قرارات من نوابهم تطور الرياضة البحرينية، وألا تنحصر قراراتهم فقط في تحقيق مصالحهم، فالوطن بحاجة إلى أن يغلب هؤلاء مصالح الوطن ومن بينها الرياضية على مصالحهم الشخصية.
إقرأ أيضا لـ "محمد مهدي"العدد 2497 - الثلثاء 07 يوليو 2009م الموافق 14 رجب 1430هـ