العدد 110 - الثلثاء 24 ديسمبر 2002م الموافق 19 شوال 1423هـ

تبعيتنا للعالم الخارجي متفاقمة... ومشكلة الاقتصاد العربي غياب السياسات المدروسة

بدأت التحديات تتصاعد في مواجهة العالم العربي إلى حد يجعل تبيعتنا للعالم الخارجي متفاقمة سواء بالاعتماد على تصدير النفط أو بالنسبة إلى استيراد حاجاتنا الاساسية من الغذاء والدواء إلى التكنولوجيا بكل انواعها. هذا ما اكده رئيس الجمعية العربية للبحوث الاقتصادية مهدي الحافظ لـ «الوسط». رأى الحافظ ان 11 سبتمبر/ ايلول، اضافة إلى غياب الاستقرار السياسي في منطقتنا والاخطار الجديدة غير معروفة العواقب فيما يتعلق بضرب العراق ودول الخليج ترك آثارا سلبية لاتزال مستمرة إلى آثار بعيدة المدى.

الحافظ يرأس حاليا الجمعية التي تأسست في 1989 وسبقه في رئاستها اسماعيل صبري عبدالله ويوسف صايغ وشفيق الاخرس وتضم عشرات الباحثين الاقتصاديين من مختلف الاختصاصات. ومقر هذه الجمعية القاهرة وعقدت عدة مؤتمرات لبحث مشروعات تكامل اقتصادي عربي، وتحديات القرن الـ 21. كما عقدت ندوات كثيرة عن النفط ودوره الاقتصادي المقبل... الخ. وعما اذا كانت نتائج المؤتمرات الاقتصادية مشابهة لتلك السياسية من حيث كميات الورق المطبوعة بلا فائدة، قال الحافظ: إن هذا الامر ملحوظ لدينا، انما طبيعة الابحاث التي تقدم إلى مؤتمراتنا ذات سمة فكرية وتتمتع بأهمية خاصة لأنها تقدم آراء واقتراحات لحلول السياسات الاقتصادية، وبعد ذلك ليس من ذنب الجمعية ان يؤخذ برأيها أو لا. ولكننا حريصون على ان تكون هذه الدراسات ذات جدوى بالنسبة إلى القائمين على صنع القرار في العالم العربي.

وعما اذا حصل تنفيذ لبعض مقررات الجمعية، وهل من الافضل ان يصار إلى الضغط لحصول التكامل في القرار السياسي لكي يترجم ذلك في التكامل الاقتصادي؟ قال: إن المصيبة الكبرى هي ان رجال السياسة لا تجمعهم ارادة موحدة نتيجة اختلاف المصالح سواء كانت قطرية أو على مستوى الاشخاص والحكام. ونسأل الحافظ عن اليوم الذي سيستفيق فيه اهل الوطن العربي ليجدوا ان خسارتهم كبيرة جدا وعلى كل الصعد، سيما في ظل تقرير التنمية البشرية الاخير، فيقول: هذه مشكلة عويصة لأن مشكلة الاقتصاد العربي هي سياسية بالدرجة الاولى، ومستقبل الاقتصاد العربي ملغوم بعدة ألغام اهمها عدم وجود سياسة مدروسة لا على مستوى القطر ولا على مستوى الاقطار العربية، والشيء الآخر هو ان التحديات بدأت تتصاعد في وجه العالم العربي إلى حد يجعل تبعيتنا للعالم الخارجي تبعية متفاقمة سواء بالاعتماد على تجارة التصدير وخصوصا تصدير النفط أو بالنسبة إلى استيراد حاجاتنا الاساسية التي ليست فقط الغذاء والدواء وانما التكنولوجيا بكل انواعها. وهو امر يستدعي تطوير قدراتنا الذاتية إلى مستوى التنافس الجدي بحيث يكون لنا موقع في السوق العالمية.

وعن رأية في الذي يشاع عن رغبة الولايات المتحدة الاميركية في انهاء (الاوبك) من خلال سيطرة كاملة على النفط وما سيكون تأثير ذلك على مستقبل الدول المنتجة، اجاب: من الضروري عدم الوقوع في شرك التأويل وانما الافادة ما امكن من الموارد وتوظيفها بشكل مدروس. فالارقام المتعلقة بمخزوننا النفطي ليست ارقاما عادية. فالاحتياط السعودي يقارب 270 مليار برميل والاحتياط العراقي 240 مليار برميل في حين ان الاحتياط الروسي لا يتجاوز 40 مليار برميل كما انني لا اؤمن بأن بحر قزوين وبعض دول اميركا اللاتينية وغرب افريقيا قد يلعب دور البديل. واود ان اشير هنا إلى ان اميركا ليست وحدها في هذا العالم. صحيح انها الآن قوة منفلتة ولديها قدرات تتحدى بها النظام العالمي، لكن هناك الاتحاد الاوروبي واليابان والصين والدول المستقلة، وهذا يمكن ان يكون له اثر. انما السؤال هو: كيف لدولنا العربية ان يكون لها موقف حقيقي؟ عن آثار 11 سبتمبر الاقتصادية وهل ستكون علينا بعيدة المدى قال: نعم ان الاثار السلبية ستستمر وستكون بعيدة المدى، سيما في ظل عدم وجود استقرار سياسي نتيجة الصراع العربي الاسرائيلي، والاخطار الجديدة غير معروفة العواقب فيما يتعلق بالعراق ودول الخليج. الاخطار الناجمة عن 11 سبتمبر تتعلق فقط بالسلبيات على قطاعات السياحة والتجارة والنقل الجوي ومستقبل النفط أو اي موضوع آخر... ويؤكد الحافظ وجود شك كبير لديه ردا على سؤال عن احتمال وجود ارادة وطنية لدى الانظمة العربية، لأن ذلك - كما يقول - بسبب غياب الارادة الحرة للشعوب العربية.

وعن دور «اسرائيل» الاقتصادي مستقبلا، يقول: ان وضع «اسرائيل» من الناحية التكنولوجية اقوى بكثير من الوضع العربي، لذلك فهي تسعى إلى ان تكون لها هيمنة جديدة في المنطقة يساعدها في ذلك الدعم الاميركي المطلق، الامر الذي يجعل من مشكلة العالم العربي شيئا رهيبا

العدد 110 - الثلثاء 24 ديسمبر 2002م الموافق 19 شوال 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً