بعد كتابة مقالنا السابق الذي تكلّم عن الحجاب «بونفخة»، واجهنا تحدّيا قويا من بعض الإخوة حول هذا الحجاب، ولم يتقبّل البعض حريّة الاختيار التي وهبنا الله إياها كبشر، وتطرّق آخرون إلى فتح ملفّات ذات طابع ديني.
ولتوضيح الفكرة عند بعض الإخوة، فإنني آثرت اليوم أن أتكلّم عن أبنائنا عندما يكونون في يد الشيطان، الذي هو أخطر من الحجاب بونفخة وغيره، إذ إنني قمت بالذهاب مع زوجي بعد منتصف الليل، لأتجوّل في بعض مناطق البحرين، ووجدتُ العجب العجاب، وبلغتُ من الألم مَكمنه، حتى أطرح قضية اليوم.
لقد وجدت الكثير من أبنائنا المراهقين يتجوّلون بدرّاجاتهم بين الأحياء، تارة مُحدثين أصواتا مزعجة، وتارة أخرى يتقاذفون الأحجار وبعض النفايات الموجودة في الشارع، ووجدت البعض منهم يجلس منطويا مع آخر، ويشم قطعة محارم ورقية -الله العالم بما تحتويه هذه المحارم-، وانتهيت عند بعض الأطفال والمراهقين الذين يدخنّون عند باب أحد المطاعم.
تصوروا بعد منتصف الليل ماذا يحدث في شوارعنا، حيث إننا نستقبل عطلة الصيف بِهَم كبير، يبدأ عندما يخرج الأبناء في الطرقات كالمشرّدين، بعد منتصف الليل بلا حسيب أو رقيب.
وللأمانة فإن دوريات الشرطة تحاول في بعض المناطق أن تأخذ احتياطاتها، وتراقب المراهقين، ولكن هذه المسئولية لا تقع على عاتق الشرطة فقط، بل تقع المسئولية علينا كمواطنين وآباء.
ولو نظرنا إلى خطورة الوضع فإننا سنجد خطورة تواجد أبنائنا خارج المنزل إلى هذا الوقت، تستدعي أن يبدأ كل أب وولي أمر بضبط خروج أبنائه، وأن يعرف مع من سيخرج وسيلعب!
إن رفقاء السوء هم أيادي الشيطان التي لا تتعب، وتستغل سن المراهق الحرجة، حتى تتصيّد له في هذه البؤر وبعض المناطق، وليقل لي أحد بأنّي مخطئة في ذلك، حتى أُريه ما يتعرّض له المراهق في هذا الوقت بالذات.
فالناس في هذا الوقت نيام، والليل يسدُل الستر، وبالتالي فإنه يصعب على البعض التكهّن بما يوجد في فكر بعض الناس الخبثاء، الذين يستغلّون إهمال الوالدين، وبالتالي يقومون ببث بعض السموم التي يرفضها المجتمع، مثل إدمان المخدرات والحشيش، أو العمل في الدعارة، أو استغلال الأطفال والمراهقين جنسيا بشتى الأشكال والاتجار بهم.
لذلك نجد بأنَّ استغلال وقت المراهق في الأنشطة والبرامج المُثمرة، يؤدّي إلى نجاح المجتمع في نواح عديدة وعلى أصعدة عديدة، مما يخلق نوعا من الصحة الاجتماعية داخل المجتمع نفسه، مما يؤثّر على الأداء في الأجيال.
وحتى نستطيع أن نقوم بهذا العمل لابد من فهم عنصر الشراكة المجتمعية، التي يُطالب بها الكثير من المسئولين في البحرين، ولابد من إشراك الأسر البحرينية في هذا المشروع المعنوي.
فالحجاب بونفخة خطره لا يُقارن بخطر دخول أبنائنا إلى براثن المخدّرات والدعارة وغيرها، ولا يُعد شيئا يُذكر أمام أوجه الفساد الأخرى التي يعاني منها المجتمع البحريني وغيره من المجتمعات العربية.
ونتمنى أن يعي الآباء كل خطر على أبنائهم، وألا يجعلوهم فريسة سهلة في يد الشيطان، فهم في النهاية أبناؤنا وجيل مستقبلنا، الذي سنعتمد عليه في يوم من الأيام، لنصنع قادة المستقبل.
إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"العدد 2497 - الثلثاء 07 يوليو 2009م الموافق 14 رجب 1430هـ