تكاد الصورة الإعلامية المعطاة عن زيارة أي مسئول عربي او اجنبي للبنان، أن تكون متشابهة. فالعلاقات الثنائية تتصدر العنوان الرئيسي، إما لجهة التحسين أو التطوير فيما البحث في «آخر مستجدات» الوضع على الساحة الشرق أوسطية يحتل البند الثاني لا محالة. أما البند الثالث المعلن، فيكاد يكون البحث في قضية ساخنة كالساحة الفلسطينية واحتمالات توجيه ضربة عسكرية إلى العراق.
ويخرج عن قاعدة هذا التشابه إذا ما كان الضيف موراتينوس أو تيري رود لارسن. ولطالما ندرت أخبار الملفات غير المعلنة لتقصي حقائق هذه الخلوة الرئيسية أو تلك. وإذ تنفي المصادر المقربة في الأوساط السياسية الرسمية اللبنانية «الطابع السري» لمعظم هذه الزيارات التي تتم متسارعة ومتقاربة المواعيد فإن أحد المراقبين السياسيين يضعها كلها في خانة «توجيه الرسائل الى بلدان المنطقة» وإنما يشكل لبنان في هذه العملية مسرحا، أو وسيطا. هل في هذا الوصف شيء من الدقة؟ المستشار الإعلامي لرئيس الجمهورية رفيق شلالا تحدث إلى «الوسط»، فأكد أن ثمة عناوين رئيسية طبعت زيارة الرئيس اليمني علي عبدالله صالح.
على الصعيد الثنائي جاءت الزيارة لتفعيل الاتفاقات المعقودة بين البلدين او تلك التي عقدت مجددا، وتشجيع المستثمرين بين البلدين، ومساهمة اليمن في إزالة الالغام في الجنوب.
على الصعيد السياسي: تقييم للتطورات والرؤية المشتركة، معارضة ضرب العراق، رفض أية خطوة أحادية، ضرورة تفعيل عملية السلام وفق أسس وقرارات الشرعية الدولية، وأخيرا ضرورة وضع القرارات العربية موضع التنفيذ.
ولدى سؤاله عن العبارة التي وردت في حديث الرئيس اليمني عن الحاجة الماسة إلى نظام عربي جديد تستشرف الأمة من خلاله أفقا جديدا ومستقبلا افضل لها رد شلالا انه يتكلم عن موضوع قرارات القمة والرؤية المشتركة التي تركز على الوحدة العربية أكثر من الماضي.
الزيارة التي رافقها برنامج سياحي لأبرز معالم وجماليات لبنان، رافقها جو عاصف وماطر أربك ذهاب الرئيس اليمني إلى دمشق برا.
وعطفا على العناوين السالفة الذكر في طبيعة الزيارة اليمنية، فإنها تكاد تكون عينها عناوين «الزيارة الإيرانية» التي قام بها وزير الخارجية الإيراني كمال خرازي. المسئول الإعلامي في السفارة الايرانية في بيروت إبراهيم الحرشي تحدث إلى «الوسط»، فأكد ان ثمة عناوين رئيسية للزيارة من ضمن ثلاثة محاور، هي :
- الأول تقليدي ويتعلق بمسألة العلاقات بين البلدين، وتبادل الزيارات (تحديد موعد لزيارة الرئيس الإيراني محمد خاتمي للبنان) والملفات الاقتصادية، وتحسين العلاقات الثنائية بما يخدم مصلحة البلدين.
- الثاني: عرض لما يجري في المنطقة العربية والحملة الاميركية التي هي تحت عنوان ضرب العراق، في حين أنها تستهدف دول الممانعة للمشروع الاميركي الإسرائيلي كلبنان وسورية وإيران. لذلك فإن المطلوب تحديد موقف مشترك، لأن الضربة الأميركية للعراق، كما يؤكد المسئول الإعلامي، واضحة من خلال الرؤية الايرانية ولهذا تسعى إيران إلى محاولة تخفيف وإبطال هذا المشروع، عبر التنسيق مع الدول العربية، والتمسك بقرارات القمة العربية التي انعقدت في لبنان في مارس/ آذار الماضي، التي يصفها المسئول الإعلامي نقلا عن الموقف الإيراني بأنها «شكلت خطوة مفصلية للمواقف العربية تاريخيا»، مشيرا إلى أهمية الموقف اللبناني «في اعتباره رئيسا للقمة». وينقل في هذا المجال، أن خرازي حاول بحث إمكان الدعوة إلى عقد مؤتمر الدول الإسلامية لكنها اصطدمت برئاسة قطر لها والتجاذب السعودي معها حاليا.
- المحور الثالث: يتعلق بالتهديدات الاسرائيلية لحزب الله في لبنان وتأكيد موقف إيران الداعم، والإصرار على نفي علاقته بتنظيم القاعدة «ما يعطي صدقية وتأكيد الدعم». وإذا كان عدم التشابه في الزيارتين هو أن الرئيس اليمني بدأ زيارته للبنان وانتقل إلى سورية، في حين أن خرازي بدأ زيارته في سورية وانتقل إلى لبنان، فإن كلاما أكد أن خرازي «شدّد على تجديد فيزا التهدئة على الحدود اللبنانية الإسرائيلية والاكتفاء بمراقبة أعمال مؤتمر المعارضة العراقية في لندن وما يحضر لما بعد ضربة العراق؟!». في حين لم يرشح عن زيارة الرئيس اليمني بعض من أسرارها، إلا التكهن بـ «إيجاد الآليات الفعالة لمتابعة تنفيذ قرارات القمة العربية في بيروت وستنتقل إلى مملكة البحرين ولمدة عام من ترؤسها القمة العربية الدولية المقبلة... متى عقدت؟»
العدد 109 - الإثنين 23 ديسمبر 2002م الموافق 18 شوال 1423هـ