العدد 108 - الأحد 22 ديسمبر 2002م الموافق 17 شوال 1423هـ

«مطاردة صدام حسين»: حرب أميركية مفتوحة... على الشبكة

إيمان شقير comments [at] alwasatnews.com

.

يبدو أن الحرب على العراق استحوذت على أذهان الأميركيين من مختلف الأعمار والفئات والتوجهات إلى درجة تقارب الهوس. ولأن رئيسهم لا يفوت أي مناسبة لتحريض مواطنيه على محاربة صدام حسين، أراد بعض هؤلاء المواطنين المشاركة فعليا في هذه الحرب... ولكن من خلال الكمبيوتر.

فبعد انتشار لعبة الفيديو الشهيرة المخصصة لمطاردة أسامة بن لادن، ابتكر الشاب الأميركي نفسه لعبة مشابهة ولكن هذه المرة ضد صدام اسمها: مطاردة صدام حسين. والهدف منها كما قال «مساعدة الأميركيين على إطلاق مكبوتاتهم».

في هذه اللعبة، تقول مجلة «صالون» الإلكترونية الأميركية اليومية المهتمة أساسا بالحوادث الثقافية والأدبية والفكرية، لا يهدد صدام حسين السلام في العالم، ولا يستعد لامتلاك أسلحة دمار شامل. بل إن رجاله لا يملكون سوى بنادق (أي كي 74) ولا يحسنون استخدامها!. أما العراق فهو بلد مدمر بالكامل، تسكنه الجمال الصلبة العزيمة الصامدة وسط مبان مهجورة تزينها صور ضخمة لصدام حسين. لا وجود لأي مفتشين من الأمم المتحدة أو قوات دولية يفترض بها «تسهيل عملية تغيير النظام»، بل إن المهمة بكاملها تقع على عاتق فرد واحد... شخص قوي وسريع الحركة: هو اللاعب.

لقد أوجد جس بتريللا، (19 عاما) وهو شاب أميركي من ماليبو - كاليفورنيا، لعبة «مطاردة صدام» بعد لعبة «مطاردة (تنظيم) القاعدة» التي أطلقها بعد بضعة اشهر من اعتداءات 11 سبتمبر/ ايلول 2001.

وتشكل لعبة الفيديو عن صدام تكملة للعبة ضد بن لادن. فهي على غرار الإدارة الأميركية تعتبر العملية ضد العراق بمثابة المرحلة الثانية المنطقية من الحرب على أفغانستان.

فالعدوان واضحان ومعروفان ولو أن العلاقة بينهما غامضة. فالمهم أن الهدف هو نفسه: محاربة الإرهاب. والمهمة أيضا نفسها أي القضاء على «ممثلي الشر».

الجديد هذه المرة أن بتريللا لم يطلق اللعبة مجانا على الشبكة كما فعل بالنسبة إلى اللعبة ضد بن لادن كي «يمنح الأميركيين - كما قال - منفذا للتعبير عن مشاعرهم وانفعالاتهم». وهو يعتقد أن اللعبة ضد صدام تشكل تنفيسا مماثلا، إلا انه يريد أن يدفع الأميركيون هذه المرة مقابل هذه التجربة. فهل سيكون اللاعبون على استعداد للدفع من اجل خوض معركة افتراضية ضد صدام؟.

يقول بتريللا: إن الأميركيين مشحونون ضد صدام ويعتبرونه شديد الأذى لدرجة أن كثيرين منهم يرغبون بإسقاطه. ولو كان ذلك على الشبكة. لكن مؤشرات السوق أظهرت أن القاتلين المحتملين لصدام هم اقل عددا من الراغبين العازمين على «مطاردة» بن لادن وقتله. فالتهديد الأميركي المتردد بالحرب على العراق لم يثر في الأميركيين ردة فعل مماثلة للغضب الذي أوجدته اعتداءات 11 سبتمبر.

ربما لم يحن الوقت بعد لمثل هذا الغضب. إلا أن اللعبة تشكل في كل الأحوال متنفسا للغاضبين تجاه السياسة الخارجية «من الصقور كما من الحمائم»، كما يقول بتريللا، الذي يضيف: «هذه اللعبة هي لكل من يعتبر أن صدام يشكل تهديدا يجب وضع حد له.

فمن يريد الحرب يستطيع أن يقوم بها من خلال هذه اللعبة. ومن لا يرغب في الحرب ويعرف في الوقت نفسه انه لابد من القيام بعمل ما بشأن صدام، يستطيع أن يحاول مطاردته من خلال اللعبة أيضا فهي تسهل الأمور عليه إذ تتيح إسقاطه والتخلص منه على الشاشة من دون إراقة دماء!».

وليست «مطاردة صدام» اللعبة الوحيدة التي تستغل حربا محتملة على العراق. ففي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أطلقت شركة العاب «غوثام» لعبة «عاصفة الصحراء» التي تستعيد المهمات الخاصة لحرب الخليج الأولى. والأكيد أن توقيت إصدار اللعبة كان دليل استغلال للجدل الدائر عن احتمال شن واشنطن حربا على العراق، إلا أن اللعبة، وعلى رغم ارتفاع سعرها (40 دولارا) لاقت الترحيب لأنها تقدم إلى اللاعبين خيارات واقعية ومنطقية اكثر من مجرد إسقاط حاكم مستبد.

وعلى رغم أن كثيرين من الأميركيين يؤيدون مبدأ الحرب ضد صدام، فإن الشعور بالعداء للرئيس العراقي لا يرتكز على أي حدث مشئوم ومؤذ على صعيد المجتمع الأميركي ككل... إلا إذا اقدم صدام على ما يشبه اعتداءات 11 سبتمبر!. فحتى الآن يبدو صدام، في نظر معظم الأميركيين، شخصا شريرا على شاكلة الأشرار في المسلسلات التلفزيونية. ويقول مدير الأبحاث في مشروع الألعاب التثقيفية في شركة «ام أي تي» لصناعة الألعاب كورت سكوير: «إن وجود العاب إلكترونية تتيح للناس محاربة الأشرار ليس بجديد ابدا. فألعاب الحرب كثيرة.

وفي زمن الحرب الباردة انتج الأميركيون أنواعا عدة من الألعاب تمثل الروس أعداء. الجديد هنا - يضيف سكوير - هو ظاهرة (استيراد) أشرار واعداء جدد. وصحيح أن بعض الناس يحبون هذه الألعاب ويجدون فيها متنفسا عن مكبوتاتهم... فإن مثل هذه الألعاب تشكل خطرا لأنها تشكل هروبا من الواقع ومن الحياة. فهل تكون تلك هي الطريقة الوحيدة التي يدير فيها الناس توترهم من الحرب؟ قد تكون احدى الطرق، نعم، لكنها ليست الطريقة الوحيدة».

وقد يوافق بتريللا، الذي يمثل شريحة واسعة من الجيل الأميركي الجديد على رأي سكويتر... لكنه يسرع إلى القول إن العالم مليء بالأشرار غير صدام.

و«طالما أن نشرات الأخبار تمدني بأسماء أعداء محتملين فإنني سأستمر في ابتكار ألعاب مطاردتهم».

وجورج بوش؟ فكثيرون من دول أخرى كثيرة يجدون في الرئيس بوش شخصا خطرا بمثل خطورة صدام حسين.

فهل سيأتي يا ترى من يبتكر لعبة «مطاردة بوش»؟

العدد 108 - الأحد 22 ديسمبر 2002م الموافق 17 شوال 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً