العدد 106 - الجمعة 20 ديسمبر 2002م الموافق 15 شوال 1423هـ

الشطرنج السياسي... وما بعد العراق

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

لعبة السيناريوهات تذهب أبعد من تعيين حكومة عسكرية منتدبة لإدارة شئون العراق إلى أن يحين موعد تشكيل حكومة ظل تابعة للحكومة الأميركية، فالمسألة تتعدى حال «مكارثية» أخرى في (ماك آرثر) العراق بعد اليابان.

ما الذي ستكون عليه الصورة ؟

بالعودة إلى تصريحات وزير الخارجية الأميركي كولن باول، المتعلقة بامتعاضه من استمرار وجود أنظمة «متوحشة واستبدادية» في منطقة الشرق الأوسط، فإنها تشير إلى أن لعبة الشطرنج مقبلة وستمارسها الولايات المتحدة لإعادة ترتيب بيتها الداخلي قبل إعادة ترتيب البيوتات في الشرق الأوسط!.

ماذا يعني ذلك؟

بكل بساطة... توجيه رسالة تحذير شبه مبطنة إلى الدول التي تمنعت عن منح تسهيلات للقوات الأميركية لضرب العراق من جهة... ومن جهة أخرى، المساهمة في تمويل مرحلة الانتداب الأميركي علاوة على دفع كلفة الخراب والدمار الذي سيلحق بالعراق!. من جهة ثالثة، ثمة اشتراطات على الدول التي مازالت عالقة في حالات وذهنيات من الانغلاق (بحسب التوصيفات الأميركية)... اذ عليها أن تستعد لخلخلة تلك الحالات والذهنيات بالرضوخ المر إلى مرحلة الانتداب وما بعده على العراق، وليس مستبعدا قيام نمط من الانتداب «ربما أخف وطأة» من الذي سينشأ في العراق، من خلال ممارسة ضغوط على تلك الدول، ضغوط تفقدها السيادة بشكل فاضح، سواء من جهة تحكمها في منابع ثرواتها، أو خلخلة البنى السياسية التي قامت عليها لعقود طويلة. لذلك لم يجنح بعيدا «مارتن أنديك» في أحد لقاءاته مع محطة الـ خخ قبل أسبوعين من كتابة هذه المقالة حين قال: يجب على عدد من الدول في الشرق الأوسط إعادة النظر في الطريقة التي تتعامل فيها مع القوة... فثمة قوة ستعمل على تعطيل تلك الماكينة باتجاه تقنين يعيد «الاستقرار والتواؤم» إلى هذا الجزء من العالم... وما لم يحدث ذلك، فعلى الولايات المتحدة أن تفكر جديا في نمط التعامل بعدم غض النظر عن أنظمة ضالعة بشكل أو آخر في استخدامها للقوة في الوقت الضائع.

إلى أين تذهب السيناريوهات المتحركة فيما يتعلق بالعراق ومنطقة الشرق الأوسط؟ هل ستنتهي الكارثة بتعيين حكومة عسكرية منتدبة في العراق وبعدها حكومة ظل هي بمثابة الصدى للصوت الأميركي؟

صورة السيناريوهات التي يضعها عدد من المحللين العسكريين والاستراتيجيين تتلخص في:

اختفاء أنظمة ظلت لعقود طويلة متورطة في استمرار العربدة الأميركية بعد تقلص دورها من جهة، وتعرضها لضغوط وانتفاضات داخلية أسهمت إسهاما مباشرا في الإضرار بعدد من المصالح الأميركية.

فيما يتعلق بالعراق، سيتم اقتسام ثروته النفطية في الشمال بإشراف تركي مكافأة لها على الدور الذي لعبته وستلعبه في صراعات المنطقة وتحولاتها... ذلك من جهة... من جهة أخرى ستحتفظ الحكومة (الدمية) التي سيتم تشكيلها بعد مرحلة (الانتداب) بالنصف الآخر من الثروة، ما يعني ان ثروة العراق النفطية ستظل تحت سمع وبصر الولايات المتحدة.

فيما يتعلق بالدول الخليجية فقد تم احتواء معظمها على مستوى منح التسهيلات والتلويح بوضع حد للابتزاز التاريخي «إيقاف تدفق النفط» ومن لم يرضخ منها سيتم الاشتغال على حالته ضمن صلاحيات واختصاصات منحت لمجلس الأمن القومي الأميركي . منابع النفط ستكون هي الأخرى تحت انتداب حقيقي، ربما يكون غير مرئي لشعوب المنطقة ولكنه لن يكون مستبعدا على الإطلاق.

ما الخلاصة فيما قيل ؟

لعبة الشطرنج ستكون منهكة لحكومات وشعوب المنطقة ولكنها ستكون بمثابة اكتشاف إمكانات وسياسات، ظلت الولايات المتحدة تراهن على ثباتها في المنطقة بعد عقود من تجريبها، الا ان واقع الحال يشير الى انها كانت متحركة وخلفت عددا من الصدمات للداخل الأميركي ممتدة إلى خارج حدوده

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 106 - الجمعة 20 ديسمبر 2002م الموافق 15 شوال 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً