العدد 105 - الخميس 19 ديسمبر 2002م الموافق 14 شوال 1423هـ

تنشيط المجتمع المدني البحريني الطريق الأمثل لمواصلة حركة الإصلاح

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

أذهلت الخطوات التي اتخذها جلالة الملك في مطلع العام 2001 المراقبين لسرعتها ودقتها واستجابتها لمتطلبات المجتمع البحريني والعصر الحديث. وبسبب تلك الخطوات الرائدة انتشرت حال من التوقعات الخيالية والوردية لكل جانب من جوانب الحياة العامة. وساعد على زيادة التوقعات الخطاب الذي استخدمه بعض الرسميين، وتبعهم بعض الصحافيين، في التبشير بالخطوات السريعة والدقيقة المتتالية في كل شيء صغير وكبير.

غير أن الواقع الذي شاهده أبناء الشعب هو أن مثل تلك الخطوات النوعية التي حدثت بالشكل الذي عايشناه إنما كانت خاضعة للظروف الموضوعية. ولذلك فإن الإحباط سرعان ما عاد إلى بعض القطاعات المهمة ولا سيما تلك التي كانت ضالعة في نشاطات المعارضة طوال سنوات التسعينات.

ولو راجعنا بعض أسباب النجاح التي صاحبت خطوات الملك لوجدنا أن جلالته تجاوز العقبات التي تقف عادة أمام القرارات الصائبة. ومن تلك العقبات البيروقراطية والتعقيدات الإجرائية التي من شأنها تأخير أو تمويت أي عمل جاد يحاول الخروج من مشكلة ما. ومن العقبات الأخرى التي تجاوزها برنامج الملك هي التخلص، ولو لفترة وجيزة، من البطانة التي استطاعت حجب الحاكم عن المحكوم وتزيين السياسات القبيحة وتقبيح السياسات الحسنة.

وقد كان أثر إبعاد البطانة التي تمرست في الوصول الى المواقع القريبة من مصدر القرار واضحا إذ برزت وجوه جديدة أعطت انطباعا مختلفا لدى القطاعات الشعبية، فقد شعر الجميع بأن حال التواصل آتت أكلها لأن النيات الحسنة بين القيادة السياسية والفعاليات السياسية التقت بإرادة لا يشوبها النفاق والمتاجرة بالكلام من أجل تحقيق مصالح خاصة.

غير أن حال التواصل تلك لم تتواصل بالدرجة المطلوبة، ومع تعقد الأمور بدت بعض الفئات المحسوبة على البطانة السابقة تعود مرة أخرى لتتسنم الصدارة ولتحجب التواصل المفترض عدم تعكيره بسبب ازدياد الوضع حرجا.

ونتج عن ذلك سوء فهم مع الأطراف التي تعاونت مع القيادة السياسية لإنجاح ميثاق العمل الوطني. وهذا بدوره أدى أيضا إلى عودة سوء الظن وخصوصا بعد أن شعرت قطاعات مهمة من الشعب بأن الأمور تسير ببطء وتتراجع في بعض الأحيان لتمهد الطريق لعودة شعارات ولغة استخدمت في فترة ما قبل ميثاق العمل الوطني.

ولعلنا لا نستطيع إغفال المتغيرات الدولية والإقليمية التي ساعدت على نشر بعض الأفكار التحبيطية التي وجدت من بعض الحوادث عاملا مساعدا لها.

مع إيماننا بضرورة معالجة الأمور أعلاه، فإن الأوضاع في البحرين تستحق النظرة الإيجابية أيضا. فمهما كانت هناك من إخفاقات، فإن التطورات الإيجابية فيما يخص الحريات العامة، كحق المواطنين في تكوين الجمعيات الأهلية وتوافر أجواء أكثر حرية مما مضى وأكثر حرية من كثير من الدول الأخرى في المنطقة، وازدياد عدد المفكرين والصحافيين والاقتصاديين والمصرفيين الذين زاروا البحرين والتقوا مع من شاءوا، وإمكان المعارضة طرح رأيها في الداخل، كل ذلك يحسب لصالح الحركة الإصلاحية التي بدأت منذ توقيع ميثاق العمل الوطني.

إن تشخيص الداء هو نصف الدواء ونحن مازلنا لم نشخص جذور المشكلة بشكل واضح ومتفق عليه لكي نتمكن من التقدم الى الأمام لحل هذه المشكلة. وتشخيص المشكلة وحلها ليسا أمرا تحتكره مؤسسة واحدة. ففي أجواء التعددية تتمكن مؤسسات المجتمع المدني من أن تخطو خطوات كبيرة في هذا الاتجاه، والمجتمع المدني النشط هو الذي يصحح الخلل في النظام العام

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 105 - الخميس 19 ديسمبر 2002م الموافق 14 شوال 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً