صالح وأنا كائنان صباحيان. أعددنا لغرسة البن، والضوء الأول، شرفة فسيحة في صدر العمر. ومنحنا العصافير حقها الكامل في حرية التعبير، وأذنينا حقها الكامل في الإصغاء.
يلتقي الناس مساء، وكنا نضرب مواعيدنا في الصباح، بين السابعة والثامنة صباحا، ومع رائحة القهوة والشعر، يخرج كل منا أوراقه من صندوق عجائبه: جدول مواعيده، بطاقة، مقطع من قصيدة، مقال أعجبه فصوره، سؤال حائر، صديق غائب، مجلة جديدة، جريدة في مرحلة تغيير، لقطة فريدة، كاريكاتير لناجي العلي، عرض لكتاب، أخبار الكون، أغنية هاربة... .
هكذا بترتيب، أو من دون ترتيب، بعفوية، أو بقصد، تعرفت عليه مطلع الثمانينات: أنت الشاب الذي يكتب في جريدة الجزيرة؟!.
ثم عينني لاحقا مسئولا عن التحرير في مكتب جريدة اليوم في الرياض، إبان رئاسته لتحريرها، وكان له الفضل في معرفتي بمثقفي وأدباء المنطقة الشرقية، ورواد الملحق الثقافي المتميز لجريدة اليوم (المربد).
كانت نقلة مفصلية في حياتي العملية والثقافية، وكان هو سيدها.
الحديث عن صالح، كالحديث عن نفسي، ومن الصعب على الإنسان أن يتحدث عن نفسه، ولكن لعل هذه القصيدة ما يشي بالنظرة التي أتطلع بها لصالح، وكذلك عدد كبير من الناس الذين أحبهم في المملكة وخارجها