العدد 103 - الثلثاء 17 ديسمبر 2002م الموافق 12 شوال 1423هـ

كراجات ومهارات... نصب واحتيال

عندما تضطر إلى إعادة شراء «حلالك» وأنت تبتسم سذاجة

المحافظات - عبدالجليل عبدالله 

17 ديسمبر 2002

القضية تبدأ عند ذهاب صاحب السيارة إلى الكراج وحتى لحظة خروجه منه... يخرج وهو راضٍ تماما ومقتنع بأن سيارته أصبحت في حال جيدة بعد التصليح وانه لم يستسلم لكلفة الإصلاحات التي طلبها الكراج والميكانيكي لاصلاح سيارته أو ثمن قطع الغيار.

بعض أصحاب الكراجات يقوم باستخدام ذكائه في «نهب» جيب الزبون وبشكل يضمن عودته بعد فترة وجيزة وسيارته تشكو من عارض جديد في (الجير) أو الكهرباء أو صندوق العادم.

ويدفع صاحب السيارة السعر والذي يعتقد معه أنه «الأذكى» وهو في الحقيقة يكون قد دفع ثمن اشياء كثيرة لا تحتاج إليها سيارته والميكانيكي يشعر بحال من الرضا وهو يقول:«كثر الله من أمثالك».

يحكي لنا جميل سوار «معاناته» مع اصحاب الكراجات: «كانت سيارتي تشكو من تساقط زيت (الجير) وكان كل شيء واضحا حتى ذهبت إلى احد الميكانيكيين والذي اخبرني ان صندوق(الجير) يحتاج إلى تغيير... نزلت معه تحت السيارة لأتأكد نظريا من صحة كلامه... ولانني لا املك خبرة في السيارات احضرت قطع الغيار المطلوبة...» ثم قال: «إن الخلل يحتاج إلى ساعات طويلة لاصلاحه... ما اضطرني إلى المغادرة ورجعت بعد ست ساعات وتسلمت السيارة التي كان من المفترض انه قام بإصلاحها... عادت المشكلة نفسها تظهر مرة اخرى بعد عدة أيام فلجأت هذه المرة إلى ميكانيكي آخر قام بتشخيص الخلل ليخبرني ان العطب الحقيقي يكمن في (جازجيت الجير) الذي تصل كلفته إلى ربع قيمة تغيير صندوق (الجير) الذي اشتريته». مجالا السمكرة والحدادة لا يخلوان من الاساليب الملتوية التي يتبعها البعض، هذا عارف يقول: تورطت في حادث مروري تضررت فيه سيارتي بشكل كبير اودعتها مباشرة احد الكراجات لكي تخضع إلى «سمكرة» كاملة... بعد تسلم السيارة بشهور اكتشفت ان تلك السمكرة كانت «تلويص في تلويص» فسرعان ما كشفتها اشعة شمس البحرين الحارة و الصريحة !! ويضيف: «بعد ذلك ذهبت إلى كراج (سمكرة) آخر ليكشف لي مساوئ عملية السمكرة الاولى وما احتوته من غش في كل مراحل السمكرة والاصلاح فماذا افعل؟».

الثقة مهمة

خليل إبراهيم: «عادة الجأ في تصليح سيارتي إلى أحد المعارف الذي هو محل ثقة كبيرة في التعامل بيني وبينه، لذلك اتجنب التعامل مع كراج آخر... كي لا اكون مصيدة سهلة للاستغفال وبالذات أنني لا املك اية خلفية عن ميكانيكا السيارات».

إبراهيم يشير إلى ضرورة وجود الثقة بين صاحب السيارة وصاحب الكراج لضمان الجودة والامانة في العمل إلا ان ملك سلمان قد ذاق الأمرّين مع مسألة الثقة هذه، فيقول: «في بداية تعاملي مع الكراجات وثقت في أحد الميكانيكيين الذي استطاع ان يقنعني بالتعامل معه بكلامه (المعسول) وهو مسترسل في الحديث بثقة حينما كان يصلح سيارتي ويقول: الميكانيكا صارت كلها نصبا في نصب لكننا هنا نراعي ضميرنا ولا نغش اي زبون!!

كانت مراعاة الضمير- يقول ملك - ان قام بسرقتي علنا حينما ذهبت إليه لاصلاح مكيف السيارة الذي كان يشكو فقط من نقص في الغاز لكنه اخبرني ان «كمبريسر» السيارة يعاني من خلل ما ولابد من إصلاحه... فكلفتني عملية التصليح اكثر من 35 دينارا بينما كانت العملية كلها بالكاد تكلفني خمسة دنانير.

عبد الجليل المادح: «قمت في إحدى المرات بإدخال سيارتي احد الكراجات لعمل (أوفرهول) للماكينة فقام الميكانيكي بفتح (الهد) ونظف (الجازجيت) وبعد ان انتهى من عمله نسي «البوكس» داخل الماكينة وعند تشغيل محرك السيارة احترق بأجزائه كاملة.

وعلى رغم هذا الخطأ الفادح الذي ارتكبه الميكانيكي فإن صاحب الكراج اجبرني على ان ادفع كلفة الفك والتركيب الذي قام به لتصليح خطئه... وفوق ذلك قمت بشراء قطع غيار جديدة».

أحمد عبدالله الذي التقينا به في كراج معروف وهو في حال شد مع الميكانيكي قال: «يجب على الزبون ان يكون حذرا في التعامل مع أصحاب الكراجات وعدم التساهل في دفع المبلغ الذي يطلبه الميكانيكي»... ويسرد عبدالله بعض المواقف الاحتيالية التي تعرض لها: «كانت سيارتي تشكو من ظهور الدخان من انبوب (الاكزوس) الخارجي واخبرني صاحب الكراج ان الماكينة تحتاج إلى تصفية ليس إلا، وقام بتغيير شمعات الاحتراق مصفي الزيت (الفلتر) والزيت وحاسبني على سعر التصفية التي تتناسب ونوع السيارة... بعد شهر واحد عادت السيارة تشكو الدخان نفسه وهنا ذهبت إلى كراج آخر ليخبرني ان الماكينة لم تكن تحتاج إلى تصفية ولا هم يحزنون... كان هناك مجرد زيت زائد على الحاجة ويجب ان يسحب».

يبيع عليك ما تملك...

اسلوب آخر في الغش كشفه محمد جعفر: الميكانيكي يستطيع ان يصلح القديم وينظفه ويدهنه ويلمعه فيصبح كالجديد ويحاسب الزبون على أساس انها قطع غيار جديدة بالاضافة إلى كلفة الفك والتركيب - وهذا ما حدث لي فعلا - ولا يمكن ان يكتشفها الزبون خصوصا قطع غيار وطقم إصلاح (الكاربيتر). وهو واثق انه سيعود بعد فترة ليشكو من عارض آخر لمرض سيارته المزمن بـ (الكاربيتر).

جعفر يرى ان على الزبون «ان يقوم بفحص سيارته في اكثر من كراج قبل ان يبدأ في التصليح والتأكد من صحة التشخيص وأن يلاحظ عملية التصليح بدقة حتى لو كلفة ذلك الكثير من الوقت ليضمن عدم التلاعب في تصليح السيارة».

ويواصل «البعض من الميكانيكيين يعرف كيف ينهب الزبون، خصوصا إذا احس الميكانيكي ان الزبون جاهل بأمور الميكانيكا فيسهل عليه سرقته وخداعه فما ان ينصرف الزبون حتى تشكو سيارته من خلل في موقع التصليح نفسه أو يكون هناك خلل مفتعل يقوم به الميكانيكي لينهب جيب الزبون عند عودته للكراج».

يردف: أمثلة كثيرة يقوم بها اصحاب الكراجات بعد ان دخل في هذا المجال عدد ليس قليلا من الآسيويين الذين استطاعوا ان يتقنوا اسرار مهنة سرقة الزبون وخداعه».

عرفت أنها خدعة!

خلف عبدالله: اصيبت سيارتي بعطل فني في إحدى المرات... لم اكن أدري أين يكمن الخلل ولانها كانت تصدر اصواتا عالية من «الاكزوس» لجأت إلى ميكانيكي أثق في تشخيصه، وقام بفحص السيارة ثم قرر ان «الاكزوس» في حاجة إلى تبديل، وهنا كان علي ان اترك السيارة نصف نهار كي يتم إصلاح الخلل بالاضافة إلى شراء قطع الغيار والعودة مرة اخرى لتسلم السيارة بعد نهاية الدوام.

وبعد ان ابتعلت الطعم اكتشفت في النهاية ان الانبوب المعدني الطويل يحتاج إلى لحام لاصابته من جراء الصعود أو النزول السريع على مطبات الشوارع «المتعرجة» فقبض الميكانيكي ثمن تركيب وفك اشياء لم تكن تحتاج إلى تبديل.

السبب هو الزبون!

هاوي الميكانيكا علي العصفور ألقى اللائمة في هذا الموضوع على المستهلك لأنه «غبي» في امور السيارات فالزبون كما يقول العصفور: «هو الذي يجعل الميكانيكي يطمع فيه اما لجهله وعدم درايته بالسياراة التي يمتلكها وإما لجهله في معرفة: هل هذا الميكانيكي أهل للثقة أم لا...؟ فتبدأ بسلسلة من التصليحات غير المجدية والسيارة تشكو وتعاني حتى يبيعها صاحبها بعد ان يكون قد يئس من تصليحها وإنفاق الكثير عليها».

ويحكي العصفور بعض «نوادر» صاحب كراج كان يعمل لديه: «قام احد الزبائن بإدخال سيارته إلى الكراج والتي كانت تعاني من إرتجاج خفيف عند السير وعند الفحص استطاع الميكانيكي ان يتوصل إلى أن العجلات الامامية في حاجة إلى تبديل، فقام الزبون بتغيير الاربع لكن الوضع لم يتغير حتى اعاد فحص السيارة في مكان آخر وكانت نتيجة التشخيص ان الخلل في حوامل الماكينة «الجير» وتم تبديل الحوامل بأخرى جديدة من دون فائدة ليتضح اخيرا ان الخلل الحقيقي هو انفصال سلك «البلكات»! دفع ثمن اشياء كثيرة لم يكن في حاجة لها وربما جاوزت مصروفاته 120 دينارا».

مراقبة الكراجات لضمان عدم حدوث غش أو استغلال الزبون هو امر صعب واصعب منه مراقبة نيات اصحابها والعاملين فيها فلا جمعية حماية المستهلك ستقف شرطيا امام كل باب كراج لتراقب العملية وتقيس ضغط الضمير لدى الميكانيكي ولا حتى وزارة الصناعة تستطيع ان تراقب وتمنع الغش.

المسألة هنا يتحملها الزبون نفسه من خلال تعامله مع الكراجات لانه إن كان جاهلا بأمور السيارات ساذجا في تعاطيه سيكون صيدا سهلا في ظل عوامل تدفع ببعض اصحاب الكراجات للغش فالميكانيكي يوسف عبدالعزيز يعتقد ان اسباب حدوث التلاعب ونهج الاساليب المتلوية عند التصليح لدى البعض ان الكراج غير متخصص في جانب معين وهو يمارس اشياء غير تخصصه فالميكانيكي غير الكهربائي مثلا... والنتيجة أنه لا يتقن العمل والزبون هو الضحية، البعض يلجأ إلى الغش والنصب على الزبون - وهي اساليب - غير مشروعة... كي يستطيع ان يسدد الالتزامات التي تكون على الكراج ولكن ذلك لا يبرر عمله السيئ».

يقول عبدالعزيز: في احيان كثيرة يكون الزبون هو السبب فيما يصيبه كأن يطلب من الميكانيكي ان يصلح سيارته بشكل ظاهري فقط حتى يستطيع ان يمر بها بسلام عند الفحص وهذا يعني ان التصليح سيكون شغل «تلويص».

هذه «اللعبة المزدوجة» يمارسها الكثير من العاملين في الكراجات ومحلات قطع الغيار من دون ان يكون هناك رادع او مانع عن نهب جيب الزبون علنا... حينما يذهب ليصلح أو يفحص سيارته... والمسألة تحتاج لفحص ضمير لاصحاب الكراجات.

المسألة الاخرى، هي ان الكثير من الكراجات تبدأ بميكانيكي محترف، أو شبه محترف ويجلب معه عددا من الآسيويين قليلي الخبرة، فيبدأون التعلم في «رؤوس القرعان» اصحاب السيارات... والنتيجة ان اختلاف تشخيص علل السيارة بين كراج وآخر، قد تقود إلى فقدن الثقة عند الاثنين معا

العدد 103 - الثلثاء 17 ديسمبر 2002م الموافق 12 شوال 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً