يوفر استيلاء الولايات المتحدة واسبانيا على صواريخ سكود من كوريا الشمالية، من الواضح أنها متجهة إلى اليمن، تفسيرا مفحما عن كيف أن أسلحة الدمار الشامل والناقلات التي تحملها تستطيع ان تنتشر - بالاضافة إلى صعوبات التعامل مع الدول التي تزودها وتلك التي تستوردها على حد سواء.
وفي عرض للقوة الفائقة، احتجت الحكومة اليمنية ضد ما قامت به الولايات المتحدة واسبانيا، طالبة السماح بوصول صواريخ سكود اليها.
ووصفت المعاملة بأنها صفقة شراء اسلحة عادية لا تنتهك القانون الدولي وان الولايات المتحدة لا تمتلك الحق في مصادرتها. وقد اذعن الرئيس للطلب اليمني، ولكن لماذا يتم نقل الصواريخ كشحنات سرية، على متن سفينة غير حكومية قد تم تغيير معالمها؟ ولماذا بالضبط تحتاج اليمن الفقيرة إلى صواريخ سكود الهجومية؟
أليس ممكنا الحكم على الصواريخ على أنها مقصود بها تنظيم القاعدة أو حتى العراق؟
وسيتخذ اعتراض الناقلة بواسطة منتقدي واشنطن على انه برهان دامغ أن القوة العظمى الوحيدة تتصرف كأنها عينت نفسها كرجل شرطة عالمي يعمل من دون اعتبار للمصالح المشروعة للآخرين. هذا الشعور قد تم تعزيزه فقط بواسطة بيان استراتيجية الولايات المتحدة، والذي مهّد له أولا الرئيس بوش في وست بوينت في يونيو/ حزيران وتم تأكيده بل الشروع فيه بوثيقة أرسلت للكونغرس اخيرا تنص على حق اميركا في القيام بعمل وقائي ضد دول ومجموعات تسعى لامتلاك اسلحة دمار شامل لاستخدامها المحتمل ضد الولايات المتحدة.
يتساءل هؤلاء النقاد كثيرا لماذا المعاملة مع كوريا الشمالية متسمة باللين والهوادة، والتي تمتلك اسلحة من قبل وتبيعها بالخارج، بعكس الضغط المتصاعد على العراق، على رغم ان بغداد لا تمتلك تهديدا وشيكا؟ ولكن هنا مربط الفرس. تمثل كوريا الشمالية اليوم عراقا بأسلحة دمار شامل وستكون غدا دولة تمتلك كل وسائل الابتزاز بالتهديد لجيرانها وتزويد تلك الأسلحة لدول اخرى. والحقيقة ان دولة تمتلك مثل هذه الاسلحة ليس هناك مبرر لمنعها ولكن كوريا الشمالية بالذات ومع الحادثة الاخيرة تؤكد ان نظامها قد باع من قبل اسلحة من هذا النوع لباكستان وايران وهي عميل نشط لانتشار الاسلحة.
وقد اقرت بأنها تستمر في برنامج سري نووي إلا ان الادارات الاميركية المتعاقبة لا تستطيع فعل شيء تجاهها.
وحتى بعد إعلان كوريا الشمالية عن برامجها النووية، ترددت واشنطن قبل ان تعلق برامج مساعداتها ومازالت تساعد في بناء محطة نووية مدنية لتزويد الكهرباء في دولة لا تستطيع اطعام نفسها.
وتقع سيول عاصمة كوريا الجنوبية على مدى المدفعية الشمالية، بينما يهدد برنامج صواريخها جيرانها مثل اليابان - بغض الطرف عن تهديد 35,000 فرد من القوات الاميركية في كوريا الجنوبية - وذلك من خلال هجوم كيماوي، وبيولوجي ونووي.
وعلى رغم ان سياسة الترغيب والترهيب ليس هناك ما يضمن استمرارها بواسطة حلفائها في الاقليم، فإن مزيدا من الضغط من جانب جيرانها الصين وروسيا، ربما ينجح في كبح جماح كوريا الشمالية وليس هناك بديلا غير ذلك.
خدمة الاندبندنت - خاص بالوسط
العدد 100 - السبت 14 ديسمبر 2002م الموافق 09 شوال 1423هـ