العدد 97 - الأربعاء 11 ديسمبر 2002م الموافق 06 شوال 1423هـ

الحدود اللبنانية بين «العين بالعين» و«إن عدتم عدنا»

أمنة القرى comments [at] alwasatnews.com

.

شغل الصحف العبرية، الهجوم الذي تم على الحدود اللبنانية بالقرب من مستوطنة زرعيت (طربيخا)، وأجمعت هذه الصحف على اتهام حزب الله، وعلى رغم ان الحزب أحجم عن تبني الانفجار الذي وقع على الحدود اللبنانية الاسرائيلية وأدى إلى جرح جنديين اسرائيليين، فإن هناك مؤشرات عدة بحسب دانيال سوبلمان في «هآرتس» تؤكد ان حزب الله، لديه الكثير من الدوافع للثأر لاغتيال من وصفه بتاجر المخدرات رمزي نهرا، فالتنظيم ينتقم من «اسرائيل» بعد كل عملية وفقا لمبدأ: العين بالعين، لكن هذه العملية أثارت المخاوف بسبب الجبهة الجديدة على حدود لبنان، وبسبب توازن الرعب، بحسب تعبير عمير رفبورات في «معاريف» الذي يوضح بأنه صحيح انه منذ الانسحاب الاسرائيلي من لبنان استمرت الهجمات على الحدود، لكنها تركزت دائما في مزارع شبعا.

وسأل رفبورات عن كمية الدماء الاسرائيلية المطلوبة قبل أن ترد «اسرائيل»؟ ولفت إلى انه من المحتمل ان يفترض حزب الله، وفق خبرة الماضي انه بسبب المخاوف من أن يشعل الوضع المتفجر في الشمال كل المنطقة قد تضبط «إسرائيل» نفسها. لكن رفبورات، رأى انه وفق الخبرة نفسها ينبغي لاسرائيل، أن تفهم ان عملية زرعيت، هي بداية محاولة حزب الله، لفحص الثمن المستعدة «اسرائيل»، لدفعه من دمائها قبل أن ترد. وهذا ما أشار إليه تقرير «فورين ريبورت» من خلال موقعه على الانترنت، من تنامي المخاوف في «إسرائيل»، من قيام حزب الله، باستغلال أي عمل عسكري اميركي ضد العراق، لكي يرفع من وتيرة عملياته. إلا ان الموقع نقل استبعاد مصادر دبلوماسية أوروبية مراقبة لسورية وإيران، حصول مثل هذا الأمر. لكن الموقع تابع انه على رغم ان حزب الله لن يتورط في عمليات عسكرية واسعة النطاق على الحدود مع «إسرائيل» فإنه لن يقطع نشاطاته السرية، في اشارة من الموقع إلى ان للحزب عملاء يعملون داخل الاراضي المحتلة ومن الضروري بحسب «فورين ريبورت» التفكير جيدا أين يمكن أن تكون مجموعة السبعة التابعة لحزب الله التي اعترف بها عميل الحزب المعتقل لدى «إسرائيل» محمد حسين مقداد إذ لابد أن يكونوا في مكان ما في «إسرائيل» أو في أي مكان آخر يحضرون هويات جديدة ويتهيأون للعمل. ونقلت «يديعوت أحرونوت» عن ضابط اسرائيلي رفيع المستوى قوله ان حزب الله، سيحاول استغلال الاجواء المتحركة للعمل ضد «اسرائيل». وان تجربة العامين الأخيرين منذ انسحاب الجيش الاسرائيلي من الجنوب اللبناني، يتبين ان حزب الله يمتنع عن العمل بنفسه في مناطق تقع خارج مزارع شبعا، لكنه يشجع ويصادق ويرسل التنظيمات الفلسطينية لتنفيذ هجمات، وذلك من اجل ألا يتحمل مسئولية هذه العمليات. ومع ذلك ترى مصادر عسكرية اسرائيلية ان عملية زرعيت، هي محاولة من حزب الله، لتحقيق انتقام سريع لمقتل نهرا وابن شقيقته بحسب الصحيفة العبرية. ورأى الموقع انه على رغم ان حزب الله، لن يتورط في عمليات عسكرية واسعة النطاق على الحدود مع «اسرائيل» فإنه لن يقطع نشاطاته السرية. ولفت الموقع إلى قضية العميل التابع لحزب الله محمد حسين مقداد، الذي انفجرت فيه عبوة كان يحضرها في «فندق لورانس» شرق القدس، موضحا ان مقداد، وصل إلى اسرائيل بجواز سفر بريطاني مزيف يحمل اسم اندرو تشارلز جوناثان نيومان. واضاف الموقع ان اجهزة الاستخبارات الاسرائيلية علمت من خلال تحقيقاتها مع مقداد، انه واحد من سبعة لبنانيين جندوا بسبب مهارتهم اللغوية وملامحهم الغربية من قبل حزب الله، للتسلل إلى داخل «إسرائيل». وتابع الموقع انه في 18 يناير/ كانون الثاني من العام 1997، تم اعتقال عميل سري آخر تابع لحزب الله، في «اسرائيل» وهو الالماني ستيفان سميريك، الذي اعتنق الاسلام في العام 1994. أما المتسلل الثالث فهو المواطن جهاد شومان، الذي تم اعتقاله في القدس بعد ستة أيام من دخوله الدولة العبرية. كما أشار الموقع إلى ان السلطات الاسرائيلية اعتقلت في يونيو/ حزيران من العام الجاري اللبناني نسيم نسر، بتهمة التجسس لصالح حزب الله. موضحا ان نسر هو من اب لبناني شيعي، وأم يهودية. ولفت الموقع إلى انه من غير الواضح ما إذا كان سميريك، وشومان، ونسر، هم جزء من مجموعة المقداد البالغ عددها سبعة اشخاص. لذلك رأى الموقع انه من الضروري التفكير جيدا أين يمكن أن يكون هؤلاء. إذ انه لابد ان يكونوا في مكان ما في «اسرائيل» أو في أي مكان آخر، يحضرون هويات جديدة، ويتهيأون للعمل.وجددت الصحف الاسرائيلية اتهاماتها لحزب الله، بالتعاون مع انصار تنظيم «القاعدة» في لبنان ومساعدتهم على اقامة شبكة لهم في قطاع غزة. وذلك بعد أن تفاعلت في الايام الماضية الاتهامات التي وجهها رئيس الوزراء الاسرائيلي آرييل شارون لحزب الله على خلفية «التعاون الوثيق» مع تنظيم «القاعدة»، حين أعلن شارون «لدينا معلومات عن وجود عدد قليل من أعضاء تنظيم القاعدة الآن في قطاع غزة. نعلم انهم موجودون في لبنان ويتعاونون بشكل وثيق مع حزب الله». وأضاف: «اسرائيل مستهدفة من هجمات للقاعدة». واشارت «هآرتس» إلى ان المؤسسة الأمنية الاسرائيلية تعتقد بأن ناشطين مع تنظيم «القاعدة» في لبنان، يديرون من اسمتهم «بالارهابيين» الفلسطينيين في غزة، من خلال ارسال التوجيهات والتعلميات إليهم، ولفتت الصحيفة الاسرائيلية، إلى ان شارون، ورئيس الاركان الاسرائيلي موشيه يعالون، قالا الاسبوع الماضي ان تنظيم «القاعدة» يحاول ارسال «ارهابيين» إلى اسرائيل والمناطق الفلسطينية. واعتبرت الصحيفة الاسرائيلية، أن من الواضح ان شارون، ويعالون استندا إلى معلومات عن ناشطي «القاعدة» في لبنان، الذين يعملون مع حزب الله، لارسال توجيهات إلى من اسمتهم «إرهابيي» غزة. ونقلت «هآرتس» عن مصادر امنية اسرائيلية، انه على رغم العمليات الاميركية في افغانستان، فإن تنظيم «القاعدة» مازال ناشطا وهو يحاول انشاء خلايا «ارهابية» في المناطق الفلسطينية، عبر قناته الرئيسية لبنان. وأشارت الصحيفة الاسرائيلية، إلى ان السلطة الفلسطينية، وحزب الله، نفيا التهم التي وجهها شارون ويعالون، وأكدا انه لا توجد أية علاقة بين تنظيم «القاعدة» وحزب الله، وأهالي غزة.

إلا وان «هآرتس» أشارت إلى ان المؤسسة الامنية الاسرائيلية اعتبرت ان حزب الله، والسلطة الفلسطينية سارعا إلى ابعاد نفسيهما عن تنظيم «القاعدة» تخوفا من أي رد فعل أميركي. من جهتها «جيروزاليم بوست»، زعمت ان التحقيقات الجارية عن هجمات ممباسا، تشير إلى احتمال تورط حزب الله، إلى جانب تنظيم «القاعدة» في هذه العمليات. ولفتت الصحيفة الاسرائيلية إلى ان احتمال حصول تحالف بين هاتين الحركتين الاسلاميتين المتنافستين، في اشارة إلى تنظيم «القاعدة» (السني) وحزب الله (الشيعي) كان مستبعدا في الماضي. لكن «جيروزاليم بوست» اعتمدت على تقرير «صنداي تلغراف» البريطانية التي زعمت من جهتها ايضا حين تحدثت عن مجموعة من المعطيات التي تشير إلى ان تنظيم «القاعدة» ينسق مع حزب الله لتنفيذ هجمات ضدّ اهداف اميركية واسرائيلية حول العالم. واوضحت الصحيفة الاسرائيلية، أن التقرير البريطاني يشير إلى ان «إرهابيي القاعدة» المسئولين عن الهجوم الذي استهدف «فندق باراديز» في ممباسا، اعتمدوا الاسلوب الذي اعتمده حزب الله، في العام 1983 في الهجوم على مقر المارينز الأميركيين في بيروت.

إن عتدم عدنا

على الضفة اللبنانية، جاءت نادرة التعليقات الصحافية على عملية زرعيت، من جهة، واتهام حزب الله بالتعاون مع تنظيم «القاعدة» من جهة أخرى، وباستثناء الرد الرسمي عبر رئيس الجمهورية إميل لحود، الذي اعتبر اتهامات شارون «باطلة وتخفي وراءها نيات عدوانية تجاه لبنان»، مؤكدا أن لبنان الذي «دحر الاحتلال عن القسم الأكبر من أراضيه قادر على مواجهة الافتراءات الإسرائيلية متحصنا بوحدة وطنية في الداخل وبثقة من الخارج». وأصدر حزب الله، بيانا قال فيه: «إن المزاعم التي أطلقها شارون، تندرج في إطار خطة مبرمجة بدأتها الأجهزة الإسرائيلية الأمنية والعسكرية منذ 11 سبتمبر/ أيلول». وإذ أكد تكرارا أن «لا وجود لتنظيم «القاعدة» في لبنان، ولا أية علاقة بين حزب الله و«القاعدة»، نبّه إلى أن اتهامات شارون «تخفي نيات عدوانية». قرأت رندة حيدر في «النهار»، ان تحميل قائد المنطقة الشمالية حزب الله ولبنان وسورية المسئولية عن العملية، يدخلان إلى حد ما في إطار سيناريو الحرب اللفظية الإسرائيلية المستمرة ضد الحزب لكن حيدر سألت كيف ستستغل إسرائيل الحادثة لتوظفها في حربها ضد الحزب ولبنان؟ وتوقعت أن تصبح عملية زرعيت على الأرجح عاملا ضمن عوامل أخرى للحملة الإسرائيلية المضادة على حزب الله، والجنوبيين واللبنانيين عموما. لكن إبراهيم الأمين في «السفير» الذي حاول إلقاء الضوء على عملية اغتيال رمزي نهرا وإيلي عيسى اللذين اعتبرتهما المقاومة الإسلامية في عداد شهدائها واتهم حزب الله، إسرائيل باغتيالهما، تطرق إلى عملية زرعيت وتساءل عما إذا كانت ردا موضعيا على مقتل نهرا وعيسى، أم رسما لقواعد اللعبة الأمنية؟ ورأى الأمين، أن ما اعتبر توترا على الحدود الجنوبية لا يعدو كونه ضجيجا يلف معركة أمنية قاسية تدور رحاها بين المقاومة وقوات الاحتلال. ورأى أن ما جاء من ردود فعل إسرائيلية لايزال في إطار تقدير نوعية الرد، لكن الرسالة الأقوى هي أن من يقف وراء عملية زرعيت، يبدو أنه يملك القدرة العملانية على تنفيذ ما هو أدق منها وأكثر إيلاما للعدو. وختم الأمين، بالقول إن ثمة قاعدة سابقة جرى العمل بها لفترة طويلة قبل الانسحاب، أساسها عبارة واحدة: «وإن عدتم عدنا»

العدد 97 - الأربعاء 11 ديسمبر 2002م الموافق 06 شوال 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً