أوصت «اللجنة الأهلية للرقابة على الانتخابات النيابية» التي أجريت في 24 و31 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بتشكيل «لجنة وطنية عليا للانتخابات، تقوم «برسم حدود الدوائر الانتخابية، ويمكن أن تشمل صلاحياتها الإشراف على الانتخابات»، كما أوصت اللجنة التي عرضت تقريرها أمس في مؤتمر صحافي في فندق الدبلومات بتشكيل لجنة تضم «ممثلين عن الجمعيات السياسية والقضاة، و خبراء في علوم الإحصاء والجغرافيا والديموغرافيا تكون مهمتها تحديد الدوائر الانتخابية» وذلك للأهمية «القصوى في رسم الدوائر في تحديد العدالة الانتخابية».
ويلاحظ أن تحديد الدوائر استأثر باهتمام التقرير الذي عرضه أمس جاسم العجمي رئيس اللجنة، ورئيس جمعية الشفافية، محاولا استخدام لغة «تقنية» من دون أن يظهر منها سياسي. وعن ذلك قال العجمي «إن مهمة اللجنة رصد ظاهر الأمور من دون محاكمة النيات».
ودعا التقرير الذي عرض بحضور الناشطة سبيكة النجار التي ترأس الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان (الشريك مع الشفافية في لجنة الرقابة) إلى استخدام «صناديق شفافة للاقتراع (...) لمنع أي لبس ومن دون الحاجة لفتح الصناديق للتأكد من خلوها قبل بدء عملية الاقتراع وعند البدء بعملية فرز الأصوات»، وأن «يحدد المشرع بصورة واضحة وقاطعة السماح، أو عدم السماح، للعاملين في الأجهزة العسكرية والأمنية بممارسة حقهم في الانتخاب والترشيح».
وكانت جهات عدة اتهمت وزارتي الداخلية والدفاع بالضغط على منتسبيها العسكريين للتصويت بكثافة بهدف زيادة نسبة المشاركة، خصوصا مع اتخاذ أربع جمعيات أبرزها «الوفاق الإسلامية» - قرارا بمقاطعة الانتخابات، احتجاجا على ما تسميه الإشكالية الدستورية، إلا أن التقرير أشار إلى ان اللجنة لم تحصل على دليل يعزز عدم حياد المؤسسة العسكرية.
واقترح التقرير الذي جاء في 30 صفحة، وضم سبعة جداول أن «يعطي القانون للمترشحين أو من يمثلهم الحق في الإطلاع على التقرير النهائي للجنة المشرفة على الانتخابات»، وأن «تتضمن القوانين الانتخابية نصا يتيح للجان الأهلية لمراقبة الانتخابات الوجود الدائم في جميع مراكز الاقتراع خلال مراحل الاقتراع والفرز وإعلان النتائج».
يذكر أن الجهات التنفيذية لم تسمح - رسميا - للجان الأهلية للمراقبة التي شكلتها جمعيتا الشفافية وحقوق الإنسان بالمراقبة، ورفضت جمعية حقوق الإنسان حينها عرضا حكوميا يسمح لها بتزكية عضوين من أعضائها لينضما إلى اللجنة العليا للانتخابات، كون عضوية الجنة الرسمية يسلب عنها صفة الحياد، وهو شرط من شروط الرقابة.
كما اقترحت لجنة الرقابة الأهلية في تقريرها «إلزام أعضاء اللجان بتوقيع ميثاق شرف يتضمن التصريح بعدم وجود مصلحة مباشرة في نتائج انتخابات الدائرة، على سبيل المثال أن لا يكون هناك من بين المتنافسين قريبا أو صديقا أو عضوا في الجمعية السياسية التي ينتمي إليها»، و«تحديث قوائم الناخبين للتأكد من عدم احتوائها على أسماء لا يحق لهم الاقتراع»، و«توفير السرية الكاملة لعملية التصويت»، إما عبر «استمرار العمل بترقيم البطاقات، مع خلطها عشوائيا في مركز الاقتراع بعد استلامها من اللجنة العليا للانتخابات أو من يمثلها، أو أن تتكون بطاقات الاقتراع من جزئين بحيث يكون بالإمكان فصل استمارة الانتخاب التي لا تحمل رقما عند تسليمها للناخب والإبقاء على الجزء الذي يحمل الرقم عند الموظف المسئول، وبذلك يمكن التأكد من عدد البطاقات المستعملة».
وأن «ينص القانون على أن تعاد عملية الفرز إذا كان عدد الأصوات بين من يحتل المركز الثاني والثالث في الجولة الأولى، والأول والثاني في الجولة الثانية 2 في المئة أو أقل، ويحق للخاسر طلب إعادة الفرز لدى محكمة التمييز». وأن يتم «استخدام آلية أخرى (غير الجواز) لإثبات قيام المواطن بالإدلاء بصوته بهدف ضمان عدم تكرار التصويت، مثل استخدام البطاقة الانتخابية، أو استخدام ختم يختفي أثره بعد أيام، أو غيرها من الوسائل التي لا يشعر المواطن وكأنها تشكل ضغطا عليه تدفعه إلى اتخاذ قرار على النقيض من قناعته». و«إصدار قانون يحدد سقف أعلى للنفقات على الحملات الانتخابية، مع ضرورة إيجاد آلية فعالة لمتابعة ذلك لتدقيق المصاريف على هذه الحملات».
وأن «يترك من يود الترشح في الانتخابات أن يستقيل من منصبه الإداري في المؤسسات الخيرية قبل ثلاثة أشهر من موعد الانتخابات. ويمكن لهذه الجمعيات تنفيذ هذا الاقتراح من دون انتظار صدور قانون يلزمها بذلك».
واقترح التقرير على الجمعيات والصناديق الخيرية من الشائعات التي شكك البعض في استخدام التبرعات للتأثير على نتائج الانتخابات أن «تبدي استعدادها بشكل عملي وأن تطلع المتبرعين والصحافة ومؤسسات المجتمع المدني على حساباتها بصورة تفصيلية»، إضافة إلى «ضرورة إبعاد هذه المؤسسات عن أية شبهات قد يسببها اختلاط العمل السياسي بالعمل الخيري» و«أن تمتنع - أو تمنع قانونيا - الجمعيات والصناديق الخيرية من أن تؤجر أو تعير ممتلكاتها لأي مترشح».
وقال التقرير ان نسبة المشاركة بلغت في الجولة الأولى للانتخابات 50,27، وسجلت أعلى نسبة مشاركة (71 في المئة) في المنطقة الجنوبية، في حين سجلت أقل نسبة المشاركة (38,30 في المئة) في المحافظة الشمالية.
ويلاحظ أن نسبة المشاركة في الجولة الثانية جاءت أقل وبلغت نحو 42,65 في المئة، وأرجع المراقبون حينها ذلك إلى تقليل الضغط الذي أحدثه التأشير في الجواز، وعدم صدور تعليمات للعسكريين بالتصويت، إضافة إلى عدم الحاجة إلى النفرة الطائفية، في ظل مقاطعة التيار الاسلامي الشيعي الذي تمثله «جمعية الوفاق».
تجدر الإشارة إلى أن التباين بين نسبة الاقتراع في الانتخابات التي أعلنتها اللجنة التنفيذية للانتخابات (53,48 في المئة) عن تلك التي قدرتها اللجنة الأهلية للرقابة على الانتخابات يرجع إلى اختلاف طريقة حساب النسب، حيث إن تقرير اللجنة الأهلية للرقابة يفترض إن نسبة المشاركة في الدوائر الثلاث التي حسمت فيها النتائج بالتزكية تساوي متوسط معدل المشاركة في الدوائر السبع والثلاثين التي جرت فيها الانتخابات، في حين بنت اللجنة التنفيذية المشرفة على الانتخابات النسبة التي أعلنتها على افتراض معدل تصويت 100 في المئة في الدوائر الثلاث التي حسمت فيها نتائج الانتخابات بالتزكية، بحسب ما أشار التقرير
العدد 96 - الثلثاء 10 ديسمبر 2002م الموافق 05 شوال 1423هـ