من مجلس لمجلس ومن غبقة لغبقة، أهداف كثيرة تتحقق، من بينها رؤية الأصدقاء والمعارف، ومعرفة ما هو جديدهم، وكيف تمضي هذه الدنيا بهم، إضافة إلى اكتساب معارف وأصدقاء جدد، والترويح عن النفس في أجواء من البهجة، وكسب بعض الهدايا أحيانا، وتجريب أصناف قديمة/جديدة من الطعام.
احتفظ لنفسي بتقييمي الخاص لفعاليات بعد الإفطار في رمضان، وأسمع أن هناك من يدعمها ويشجعها لأنها تقرب بين الناس وتزيد المودة بينهم، وهناك من ينتقدها قائلا إنها أصبحت مكانا للاستعراض والتباهي بمستوى الزوار، كما أنها تسبب الازدحام، وخاصة أن البعض يزور عدة مجالس في مناطق متباعدة في ليلة واحدة، حتى أني سمعت أن مجموعة من زوار المجالس قرروا استئجار حافلة صغيرة لتقلهم بشكل جماعي، وهذا ما يختصر عليهم الزمن، وعناء البحث عن موقف لسيارة كل منهم.
هذه العجلة والازدحام في المجالس ربما تصيب بـ «الربكة»، وخاصة أن عدد المجالس هذا العام وفقا للكتيبات السنوية الخاصة بالمجالس فاق الـ 350 مجلسا، فهل يتوجب عليَّ أن أجهد نفسي كي أزور أكبر عدد منها؟ المجلس اسمه «مجلس»، وهو لفظ من كلمة «الجلوس»، لكن لا أحد يجلس في المجالس اليوم لأكثر من دقائق معدودة!
أنا خبير إعلام اجتماعي، والمتوقع مني أن اتحدث عن الإعلام الاجتماعي وعلاقاته واستخداماته وفقا لسياق الأحداث والفعاليات، وقد كتبت مقالا الأسبوع الماضي عن الإعلام الاجتماعي واستخدماته في التسويق خلال شهر رمضان، والآن أكتب عن الإعلام الاجتماعي واستخدماته في المجالس والغبقات.
الآن توفر مواقع الإعلام الاجتماعي مثل انستغرام وفيسبوك خدمة البث المباشر «لايف»، وأنا أدعو لاستخدام هذه الميزة بقوة في كل مجلس. يمكن مثلا تثبيت الهاتف الجوال على منصة في مكان بارز من المجلس، والبدء بالبث، بما يمكِّن الراغبين بمتابعة الأحداث داخل المجلس على مدار الدقيقة. هكذا، بهذه البساطة.
البحرين لديها واحد من أعلى معدلات مستخدمي مواقع الإعلام الاجتماعي في العالم، مع بنية تحتية تقنية قوية جداً، لكن، ومن واقع خبراتي المتراكمة وتجربتي الطويلة في مجال الإعلام الاجتماعي، أؤكد أننا بحاجة ماسة لاستثمار الإعلام الاجتماعي في خدمة أهداف المجالس، وعلى رأس ذلك تعزيز التواصل، ولهذا سمي الإعلام الاجتماعي بـ «التواصل الاجتماعي».
أقول صراحة إنني مازلت أعتقد أن القائمين على هذه المجالس لم يتمكنوا بعد من استثمار وسائل الإعلام الاجتماعي كما يجب في الترويج لمجالسهم والقضايا التي تطرحها، ومازلنا نعرف عن المجالس من الكتيبات الصغيرة التي توزع مع الصحف، ونجد أن بعض المجالس اكتفى بإنشاء حساب له على إنستغرام ينشر من خلاله بعض الصور ومقاطع الفيديو، وعلى رغم وجود بعض المحاولات هنا وهناك لبناء جسور بين المجالس والشبكة العنكبوتية والإعلام الاجتماعي مثل بناء تطبيقات متخصصة أو مجموعات عبر الواتساب، فإنه من المفيد هنا التفكير بمشروع إلكتروني جامع للمجالس البحرينية يقدم الحراك الفكري والاجتماعي الدائر في هذه المجالس بشكل مهني ويوزعه على أوسع نطاق ممكن.
وليس المقصود هنا النشر لمجرد النشر، بل النشر بقصد الوصول إلى الشرائح المستهدفة وتحقيق الأثر المطلوب، وهذا يدفعنا لإدراك أن استثمار وسائل الإعلام الاجتماعي ليس بالسهولة التي يبدو عليها للوهلة الأولى، بل إنه يعتمد على دراسات وتحليلات وأدوات تتطور باستمرار.
أخيرا، يجب أن أقول إنه ورغم أني من أكبر الدعاة والمروجين لإنشاء تواصل صحيح وفعال عبر مواقع الإعلام الاجتماعي، إلا أنني أدرك تماما أهمية التواصل البشري الحقيقي، وليس من خلف شاشات الهواتف النقالة والأجهزة الذكية فقط.
إقرأ أيضا لـ "علي سبكار"العدد 5383 - الجمعة 02 يونيو 2017م الموافق 07 رمضان 1438هـ