منذ قرابة عام، ولغاية الآن، بدأت جمعيات قوى المعارضة تتساقط الواحدة تلو الأخرى، مرة مكرهة بحكم قضائي كما جرى على الوفاق المنحلة، كبرى قوى المعارضة، وقبلها جمعية العمل الإسلامي «أمل»، ومروراً بجمعية وعد الليبرالية التي ذاقت قبل يومين من ذات الكأس التي شربت منها سابقاتها، ومرة أخرى طوعاً كما آل إليه حال جمعية الإخاء الوطني التي فضلت حل نفسها ذاتياً لصعوبات مالية وعملية.
وبدأت أولى حلقات مسلسل حل جمعيات قوى المعارضة المسجلة وفق قانون الجمعيات السياسية قضائياً، منذ العام 2012، حيث تم حل جمعية العمل الإسلامي «أمل»، على إثر الدعوى القضائية التي أقامتها وزارة العدل والشئون الإسلامية والأوقاف في (3 يونيو/ حزيران 2012)، لحل الجمعية، وقال مكتب شئون الجمعيات السياسية بالوزارة حينها: «إن الدعوى المقامة بطلب حل جمعية العمل الإسلامي وفقاً لقانون الجمعيات السياسية رقم 26 لسنة 2005، تأتي بعد تسجيل العديد من المخالفات الجسيمة والمستمرة التي ارتكبتها الجمعية، ومنها: عدم عقد المؤتمر العام للجمعية خلال مدة تزيد على 4 سنوات وآخرها ترتب عليه بطلان مؤتمرها إثر إقامته في دار عبادة، وتبعية قرارات الجمعية لمرجعية دينية تدعو إلى العنف صراحة والحض على الكراهية وهي المرجعية التي تعدها أنها فوق الدستور وفقاً لتصريحات مسئوليها».
فيما أيدت محكمة الاستئناف منتصف أبريل/ نيسان 2013، حكم محكمة درجة أولى القاضي بحل جمعية العمل الإسلامي، ما جعل الحكم القضائي نهائياً.
أما جمعية الوفاق الوطني، فقد اقتربت الجمعية من إكمال عامها الأول على الحكم القضائي بحلها، في (يونيو 2016)، ولكونها كبرى جمعيات المعارضة في البلاد، فقد كانت هذه الحادثة، كمن ألقى حجرة كبيرة في ماء راكد، كان قرار الحل هو تلك الحجرة، أما الماء الراكد فهو حراك الجمعيات السياسية بمختلف تلاوينها، معارضة كانت أو غير ذلك، والتي باتت جميعها أقرب إلى «الموت السريري»، منذ قرابة العامين، حين قاطعت الأولى الانتخابات النيابية في العام 2014، وفشلت البقية الأخرى في إيصال مرشحيها إلى قبة البرلمان في القضيبية.
يشار إلى أن المحكمة الكبرى الإدارية قضت يوم الثلثاء (14 يونيو 2016)، بغلق جميع مقار جمعية «الوفاق» المدعى عليها، والتحفظ على جميع حساباتها وأموالها الثابتة والمنقولة وتعليق نشاطها، وبتعيين مكتب الجمعيات السياسية بوزارة العدل والشئون الإسلامية والأوقاف حارساً قضائياً عليها لحين الفصل في الموضوع.
وبررت المحكمة حينها، قرارها بحل جمعية الوفاق، بأن «الجمعية انحرفت في ممارسة نشاطها السياسي إلى حد التحريض على العنف وتشجيع المسيرات والاعتصامات الجماهيرية، بما قد يؤدي إلى إحداث فتنة طائفية في البلاد، فضلاً عن انتقادها أداء سلطات الدولة - سواء التنفيذية أو القضائية أو التشريعية - وبالتالي فقد انطوت على عدوان صارخ على حقوق دستورية مقررة، كما انطوت على انحراف في ممارسة نشاطها السياسي بمعزل عن المكانة التي يحظى، أو يتعين أن يحظى بها في ظل قانون الجمعيات السياسية، المشار إليه، حيث يتعين أن تدور هذه الجمعيات في فلك احترام هذه المكانة، وتوفير كل سبيل يهدف إلى احترام القانون الاحترام الأوفى، ويتطلب ذلك أول ما يتطلب أن تكون مباشرة العمل السياسي، مما يتعين أن تراعى بشأنه كل دواعي الحرص على اتباع جادة السبيل في شأن إجراءات ممارسته، فبذلك وحده يتحقق مبدأ سيادة القانون الذي هو غاية أساسية ومبدأ كلي يقوم عليه البنيان القانوني بكامله، بما فيه الدستور، بداهة، باعتباره الوثيقة التي تحوي المبادئ التي تحكم حركة المجتمع وتضمن الحقوق والحريات، الأمر الذي يغدو معه النزاع الماثل - بحسب الظاهر من الأوراق - قائماً على أسباب جدية من حيث الواقع والقانون، تحمل على ترجيح الحكم بحل الجمعية المدعى عليها عند نظر الموضوع».
فيما أكدت وزارة العدل والشئون الإسلامية والأوقاف، في بيان لها وقتها، خطورة التنظيمات الممنهجة والتي تعمل في إطار مرجعية سياسية دينية خارجية، في ظل خروج ظاهر على واجبات المواطنة والتعايش السلمي، واعتماد مباشر على تعميق مفاهيم الطائفية السياسية، وترسيخ الخروج على الدستور والقانون وكل مؤسسات الدولة، وكذلك عدم الاعتراف بمكونات المجتمع من أجل خلق واقع سياسي ذي أبعاد طائفية والسعي لاستنساخ نماذج إقليمية قائمة على أسس طائفية مذهبية.
كما قضت محكمة الاستئناف العليا المدنية الثانية، يوم الخميس (22 سبتمبر/ أيلول 2016)، بعدم قبول الاستئنافين المرفوعين من محامي الوفاق لرفعهما من غير ذي صفة بالشق المستعجل والموضوعي، ما يعني تأييد حكم محكمة أول درجة بحل جمعية الوفاق وإغلاق مقراتها.
وكانت وزارة العدل والشئون الإسلامية تقدمت في (يونيو 2016)، بدعوى قضائية لحل الجمعية انطلاقاً من «ممارسات استهدفت ولاتزال تستهدف مبدأ احترام حكم القانون وأسس المواطنة المبنية على التعايش والتسامح واحترام الآخر، وتوفير بيئة حاضنة للإرهاب والتطرف والعنف، فضلاً عن استدعاء التدخلات الخارجية في الشأن الداخلي».
فيما تلقت المعارضة، آخر أحكامها القضائية، نهاية (مايو/ أيار 2017)، حيث قضت المحكمة الكبرى الإدارية الأولى يوم الأربعاء (31 مايو 2017)، بحل الجمعية المدعى عليها وتصفية أموالها وأيلولتها إلى خزينة الدولة، وألزمت المدعى عليها المصروفات.
وقالت المحكمة في حيثيات حكمها إن وقائع الدعوى الماثلة تخلص - حسبما يبين من سائر الأوراق - في أن المدعي أقامها بلائحة أعلنت قانوناً بطلب الحكم بحل الجمعية المدعى عليها وتصفية أموالها وأيلولتها إلى خزينة الدولة، وإلزام المدعى عليها المصروفات.
وحالياً، لم يعد موجود على خارطة الجمعيات السياسية المصنفة على أنها معارضة أو قريبة منها، إلا ثلاث جمعيات هي المنبر التقدمي (يسار ليبرالي)، والتجمع القومي (بعثيون وقوميون)، والوحدوي، وجميعها لا تمتلك تأثيراً كبيراً في الشارع السياسي البحريني.
وإجمالاً، يمكن القول إن الجمعيات السياسية، سواء المعارضة منها أو غيرها، لم يعد لها حراك سياسي واضح ومؤثر على الساحة الوطنية، منذ ما يقرب من عامين، على الرغم من أن الساحة السياسية لاتزال «حية» ولاتزال ملفات كبرى تتحرك بسخونة، لكن من دون أن يكون للجمعيات السياسية أي دور فيها، حيث نشهد اليوم حراكاً مجتمعياً إزاء ملف التقاعد والتأمينات مثلاً، إلا أن الجمعيات السياسية لم تتحرك فيه بمقدار أنملة، مشهد بدت فيه المعارضة وكأنها توشك أن تحتضر، فيما توارت الجمعيات القريبة من الحكومة جانباً عن المشهد السياسي برمته في البلاد.
ومنذ شهور طويلة، كل هذه الجمعيات، التي تُعتبرُ جميعُها وفق القانون، ونظام الجمعيات السياسية حية ومفتوحة المقرات، بما فيها جمعيات المعارضة، كل هذه الجمعيات اختفت حتى كظاهرة صوتية، وأصبح نشاطها غالباً يعتمد على ندوات أسبوعية أو وقفات تضامنية لم تعد تستهوي الكثير من المتحمسين للسياسة كالسابق، وبات مرتادو هذه الفعاليات هم من القائمين عليها ومنظميها وليس أكثر من ذلك غالباً.
نظرياً، كل هذه الجمعيات يفترض بها أن تكون موجودة وعاملة وفق القانون الذي سمح لها بممارسة النشاط السياسي العلني وجميع مقارها مفتوحة، أما «واقعيّاً» فكل هذه الجمعيات السياسية غدت «مغلقة» لا تتفاعل مع الواقع ولا تؤثر فيه ولم تعد لاعباً ناشطاً، كما كانت قبل عامين على الأقل.
العدد 5382 - الخميس 01 يونيو 2017م الموافق 06 رمضان 1438هـ
حسبنا الله ونعم الوكيل
تهميش غالبية الشعب لا يمكن آن يستمر والايام سوف تثبت ذللك
البلد رايح على ورى
البلد الى في انحدار شديد الى الهاويه اقتصاديا وسياسيا وفي شتى المجالات البلد يرجع الى الوراء وليس الامام واصبح عسكري وليس مدني
وبات المواطن الاصلي في ضيق شديد واصبحت البلد في حال يرثى لها
وكيف ستصلح لنا الديمقراطية اذا كان شركاءنا في الوطن يتغنون بالدكتاتورية ويطلبون للإستبداد!
لا يوجد بعد حل الوفاق و وعد الا الوحدوي فريداً في سوح المعارضة وبالتاكيد لا يستطيع العمل وحيداً خصوصاً ان القومي والتقدمي لا زالوا يكابرون بتاريخهم الهلامي فإلى متى نرى جمعيات المعارضة متحدة بعيدة عن غرور التاريخ والإرث .
نتمنى ان يعاد النظر في حل الجمعيات
المعارضة ليست محصورة في مباني او مسميات جمعيات .
من كم يوم في احد حلقات مسلسل سيلفي لناصر القصيبي اختصر كل الموضوع ، نحن شعوب لا تصلح لنا الديمقراطية ابدا شعوب متخندقه طائفيا و عنصريا حول رجال.. لايفقهون ابجديات السياسة او الاقتصاد يشرعون في البلد هذا جنون و ضعنا الحالي ضامن للاستقرار و الامن و النهضة المستدامه برعاية قيادتنا .
اتفق معك. الديمقراطيه فكر وأسلوب حياه وليست صناديق انتخابات
وين النهضة المستدامة أكثر الشباب عاطل عن العمل رواتب تحت خط الفقر بيت الإسكان تنتظره أكثر من عشرين أكثر من أربعة آلاف سجيين ...
النهضة المستدامة و الاستقرار هو بفتح المجال للاجانب في التوظيف و خنق المواطنين و تراجع الخدمات الصحية و التعليمية و العبث بالمدخرات التأمينية للناس و قتل مؤسسات المجتمع المدني و خنق الحريات و غيرها؟ هل هذا يصل بالبلد لبر الأمان ام للهاوية؟!!