يولد كل عام أكثر من 1,6 مليون طفل مصاب بعيوب خلقية في القلب في العالم حيث تشير الإحصائيات إلى زيادة عدد الأنواع البسيطة من عيوب القلب الخلقية. وهناك أكثر من 130 نوع من عيوب القلب الخلقية التي تشمل تشوهات هيكل القلب مثل صمامات القلب والنظام الكهربائي للقلب وغيرها من التشوهات الأخرى التي تؤثر على وظيفة القلب.
تُعَد عيوب القلب الخلقية أكثر أنواع العيوب الخلقية شيوعاً، وهي السبب الرئيسي للوفاة بين الأطفال الرضع نظراً لما يرتبط بها من أمراض أخرى. وهناك حوالي 25 بالمائة من الأطفال الذين لديهم عيوب خلقية في القلب يعانون من تلك العيوب بدرجة خطيرة حيث يحتاج هؤلاء الأطفال إلى إجراء عملية قلب مفتوح أو غيرها من الإجراءات الجراحية خلال العام الأول من حياتهم. ويلي ذلك إجراء عمليات جراحية أخرى عندما يكبروا، وهو ما يجعل تلك العمليات مكلفة ومطولة.
وهناك نوع من أنواع عيوب القلب الخلقية يصيب ما يقرب 100 ألف طفل على مستوى العالم سنوياً ويُعرف بعيوب الصمامات الرئوية. والحل الوحيد الذي يمكن أن ينقذ حياة الأطفال في هذه الحالة هو إجراء عملية جراحية لتركيب صمام صناعي، حيث يتم إجراء عملية قلب مفتوح لاستبدال الصمام.
وبفضل التقدم في العلوم الطبية، هناك صمامات صُممت خصيصاً للأطفال الرضع والبالغين يمكن تركيبها بدون إجراء عملية قلب مفتوح للمريض. ولكن هناك 20 بالمائة فقط من المرضى الذين يعانون من عيوب في الصمامات الرئوية هم الذين يمكنهم الاستفادة من هذا الإجراء بأقل قدر من التدخل الجراحي. وهذا يعني أن هناك 80 بالمائة من المرضى يتوجب عليهم الخضوع لعملية قلب مفتوح لاستبدال الصمام.
يشغل البروفيسور زياد حجازي منصب رئيس إدارة طب الأطفال ومدير برنامج القلب في مركز السدرة للطب والبحوث. ويقوم البروفيسور حجازي حالياً بإجراء والإشراف على أربع عمليات جراحية رائدة لمرضى مصابين بعيوب خلقية في القلب في قطر باستخدام نوع جديد من صمامات القلب.
يُعد البروفيسور زياد حجازي طبيب قلب متخصص في علاج عيوب القلب الخلقية والهيكلية بالقسطرة لدى الأطفال والكبار. كما أن المجال الرئيسي لاهتمامات البروفيسور حجازي هو تطوير التقنيات وأدوات القسطرة التي تساعد في علاج أمراض القلب الخلقية والهيكلية بدون جراحة القلب المفتوح.
وفي إطار سعيه المستمر من أجل إجراء عمليات للأطفال المصابين بعيوب خلقية في القلب بأقل قدر من التدخل الجراحي ومن أجل تطوير برامج البحوث الإكلينيكية في مركز السدرة، شارك البروفيسور حجازي كباحث عالمي رئيسي في تجمع دولي لأطباء القلب لتجربة صمام قلب جديد هو الصمام الرئوي "فينوس" والذي قامت شركة فينوس ميد تيك بتصنيعه. ويهدف الصمام الجديد إلى تلبية احتياجات عدد كبير من المرضى المصابين بعيوب القلب الخلقية الذين لا يستطيعون الاستفادة من الصمامات الحالية التي يتم زراعتها بأقل حد من التدخل الجراحي وبالتالي يضطرون إلى إجراء عملية قلب مفتوح.
وقال البروفيسور حجازي الذي يعد أيضاً خبيراً عالمياً في زراعة الصمام الرئوي فينوس: "البحوث الإكلينيكية جزء أساسي في عملنا في مركز السدرة. ونحن كأطباء وجراحين ملتزمون بمواصلة البحث عن علاجات وتقنيات جديدة يمكنها إنقاذ حياة المرضى وتيسير علاجهم ورعايتهم".
وأضاف البروفيسور حجازي أن: "زراعة الصمام الرئوي "فينوس" للأطفال المصابين بعيوب خلقية في القلب كانت عمل رائد في قطر لأنها المرة الأولى التي يتم فيها تركيب هذا الصمام في قطر بعد نجاح التجارب التي أجريت على الصمام في مناطق أخرى من العالم. فهناك أكثر من 100 مريض حول العالم استفادوا من زراعة هذا الصمام. وبفضل بصيرة وحكمة وزارة الصحة العامة في قطر، قامت الوزارة بمنح مركز السدرة حق استقدام هذه الصمامات المبتكرة إلى قطر".
وقد تم تصميم الصمام فينوس، وهو صمام ذاتي التوسع يتم تركيبه باستخدام القسطرة من خلال منطقة الفخذ، كي تتم زراعته لاستبدال الصمام الرئوي. ولا تتطلب عملية التركيب إيقاف القلب واستخدام جهاز مضخة القلب والرئتين الذي يستخدم عادة أثناء عملية القلب المفتوح. ولذلك فإن عملية تركيب هذا الصمام تتم وقلب المريض مازال يعمل وينبض.
وتعقيباً على ذلك قال البروفيسور حجازي: "فائدة الصمام الرئوي "فينوس" أنه يمكن تعديله وفقا لشكل قلب المريض لضمان دقة تركيبه. ولقد تمكنا من تقديم طلبات لتعديل شكل جميع الصمامات حيث يمتلك مركز السدرة قدرة فريدة على الطباعة ثلاثية الأبعاد لنماذج ومجسمات طبق الأصل لقلب المريض قبل إجراء الجراحة. وتعطينا النماذج المجسمة للقلب فرصة فحص والتعرف على تشريح صمام القلب المعيب قبل إجراء العملية".
تم تركيب الصمام الرئوي "فينوس" لمرضى تتراوح أعمارهم ما بين 14 إلى 40 عام في مستشفى حمد العام في قطر. وقد شارك في إجراء العمليات كل من البروفيسور زياد حجازي والدكتور كي لينج كاو من مركز السدرة والدكتور هشام السالوس أخصائي أمراض القلب في مؤسسة حمد الطبية.
وأختتم البروفيسور حجازي بقوله: "جراحة القلب المفتوح عملية شديدة الصعوبة وهي الخيار الوحيد المتاح في بعض الحالات للمرضى صغار السن المصابين بعيوب خلقية في القلب. وقد يحتاج العديد منهم تكرار إجراء العملية الجراحية عندما يكبروا. ولذلك فإن لدي التزام بالبحث عن طرق أخرى بديلة تستخدم أقل قدر من التدخل الجراحي مع المرضى المصابين بعيوب خلقية في القلب. وتقربنا زراعة الصمام الرئوي "فينوس" خطوة من الاستغناء عن جراحة القلب المفتوح لغالبية المرضى".
تشارك دولة قطر كل من المملكة المتحدة وألمانيا والصين والأردن في تقييم الصمام الجديد للحصول على شهادة المطابقة الأوروبية. وسيتم زراعة جميع الصمامات الرئوية الجديدة في قطر تحت رعاية البروفيسور حجازي بعد الحصول على موافقة المرضى وعائلاتهم. وبمجرد حصول الصمام الرئوي الجديد "فينوس" على شهادة المطابقة الأوروبية سيتم إنتاجه بكثافة وبكميات كبيرة للمرضى في جميع أنحاء العالم. وهذا سيساعد على إنقاذ حياة الآلاف من المرضى المصابين بعيوب خلقية في القلب على مستوى العالم دون الحاجة إلى إجراء عمليات القلب المفتوح كخيار وحيد لعلاج حالاتهم.
وتعقيباً على ذلك، قال بيتر موريس الرئيس التنفيذي لمركز السدرة للطب والبحوث أن: "مركز السدرة لديه التزام ثابت تجاه الابتكار الذي يعد واحداً من القيم الأساسية للمركز. ويقود أطباء مركز السدرة ومن بينهم البروفيسور حجازي هذا التوجه من خلال جلب طرق جديدة للعلاج يمكنها أن تُحسن من نتائج علاج المرضى. ولهذا يسعدنا أن يكون لدينا هذه الفرصة لإجراء مثل تلك العمليات هنا في قطر. وما كان هذا ليتحقق لولا الدعم المتواصل من شركائنا في وزارة الصحة العامة ومؤسسة حمد الطبية. إننا نعمل بشكل وثيق مع شركائنا لضمان حصول مرضانا على خدمات رعاية صحية متميزة في قطر".