العدد 94 - الأحد 08 ديسمبر 2002م الموافق 03 شوال 1423هـ

لماذا لم تستطع القوات الأميركية اختراق «القاعدة»؟

ضابط أميركي عمل في أفغانستان يكشف معلومات

روبرت فيسك comments [at] alwasatnews.com

أخذ الأميركيون أعضاء «القاعدة» مكبلين ومعصوبي الأعين بواسطة طائرة نقل إلى قندهار ووضعوهم في زنزانات تسع الواحدة منها ثمانية أو عشرة رجال. وأُعطوا أسرة خفيفة وبطانيات ولكن ليست هناك خصوصيات للفرد. وأُجبروا على التبول والتبرز علنا لأن الأميركيين يرغبون في مراقبة معتقليهم في كل الأوقات.

ولكن فشلت القوات الأميركية ليس فقط في القبض على أسامة بن لادن بينما تستعد للحرب على العراق، بل وجدت نفسها من المستحيل اختراق شبكة تنظيم «القاعدة» لأن رجال بن لادن استخدموا طرقا بدائية في الاتصال والتي قطعت الافراد الأعضاء في التنظيم من المعلومات.

جاءت هذه السيناريوهات الكئيبة وغير العادية من ضابط استخبارات أميركي عاد للتو من افغانستان ووافق على التحدث إلى صحيفة «الاندبندنت» وزودها بالصور الخاصة عن السجناء بشرط عدم ذكر اسمه.

جاءت تكهنات ضابط الاستخبارات هذه متناقضة مع التصريحات المتفائلة لوزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد. وحتى عن باكستان، قال رجل الاستخبارات ان الرتب الوسطى في الجيش الباكستاني يزودون أعضاء تنظيم «القاعدة» بالمعلومات سرا لتفادي الهجمات الأميركية المنتظمة.

أخبرني الضابط قائلا: «لم نقبض على الذين يفترض أن نعتقلهم».

وأضاف: «هناك طموح متزايد من جانبنا إلى أن التكنولوجيا تستطيع ان تفعل اكثر مما فعلته. ولكن أعضاء «القاعدة» كانوا اذكياء. اكتشفوا كيف أننا نلاحقهم، وأدركوا أنهم اذا أجروا اتصالات الكترونية فإن أجهزتنا ستلتقطها. ولذلك استخدموا بريد الساعي في حمل المذكرات وتسليمها أو تكرار الرسائل من ذاكرتهم مما يشوش على أجهزتنا. استخباراتنا ذات تكنولوجيا عالية - ولكنهم رجعوا إلى طرق بدائية لم يتأقلم معها الأميركيون».

ووفقا للضابط الأميركي، فهناك بالأساس «عدد كبير من المعتقلين» ولكن لا تعرف خلايا «القاعدة» ما يقوم به الأعضاء الآخرون. «انهم متأقلمون مع نظام اتصالاتهم البدائي وأصبحوا لامركزيين اكثر. قبضنا على أعداد كبيرة وعلى قادة في (القاعدة) خطيرين ولكن لا يستطيعون أن يخبرونا كيف تسير عمليات معينة. ربما يعرفون أن أمرا جللا يخطط له ولكن لا يعلمون عما هو ذلك الأمر».

وكان الضابط، الذي قضى ستة أشهر على الأقل في افغانستان العام الجاري، قاسيا في شجبه لجنرال الحرب الطاجيكي، عبدالرشيد دوستم المتورط في اختناق نحو ألفين من سجناء طالبان في حاويات شحن.

ويعتبر دوستم مسئولا عن هذه الجريمة وتعتقد الولايات المتحدة أنه مذنب ولكن لأنه «رجلنا» لا نقول ذلك.

استخدم دوستم رجال الاستخبارات العسكرية التركية حراسا شخصيين. «هناك قلق وسط القوة الدولية للمساعدة الأمنية (أيساف) من أن قيام الاتراك بتلك المهمة. يخلق مشكلات اثنية، وهو أحد الاسباب التي تجعل القوات التركية لا تستغل مجمعاتها ضمن القوة الدولية في كابول. ولكن أحد الأمور التي فشلنا فيها هو تكوين حكومة حقيقية. فقد سمحنا لجنرالات الحرب بتعزيز انفسهم بشدة والآن تصعب ازاحتهم. انهم يمثلون الحكومة الآن».

ووفقا لما ذكره الضابط نفسه، فإن عملاء الأمن الاميركي يبحثون عن قتلة الصحافي الاميركي، دانيل بيرل في كراتشي، وكما في حالات كثيرة، وجدوا «هدفهم» قد هرب بسبب الدعم السري وسط ضباط الرتب الوسطى في الجيش الباكستاني.

«نحن نذهب مع الباكستانيين إلى موقع ولكن لا نجد أحدا في المكان لأن مجرد أن تعلم الرتب الوسطى في الجيش الباكستاني عن خططنا فإنهم يسربون المعلومات. في الاقليم الحدودي الشمالي الغربي، يعتبر الفيلق الحدودي قوات من الدرجة الثانية - وهي اكثر عداء للغرب من الجيش الباكستاني الاساسي. وفي نهاية المطاف يجب ان ننسف كل شيء من خلال اسلام أباد».

وجزم الضابط الأميركي بأنه لم يتم ضرب أي سجين من مئات السجناء الذين أخذوا في افغانستان على رغم ادعائه جهله بالأدلة الأولى على أن جنودا في قندهار قاموا بكسر عظام المعتقلين. «فقط السجناء يحتمل أنهم عنيفون أو غير متعاونين يتم تكبيل اياديهم ويعصبون». وأحيانا «نزيل الأغطية عنهم عندما يسافرون في مروحياتنا وفي احيان أخرى لا نفعل ذلك، في قندهار أعطينا السجناء أسرة وبطانيات ومعاطف «أديداس» وسجادا ولكن ليست لديهم خصوصية مثلا في الحمام لأننا نراقبهم في جميع الأوقات. يمارس بعضهم العادة السرية عندما ينظرون إلى الحراس الاناث. ولكن ليست هناك ردود فعل تجاه هذا التصرف لأن الحراس جنود».

واستطرد رجل الاستخبارات قائلا: «سمح للسجناء بالجلوس عندما بدأت التحقيقات. لا أريد أن أدخل في خصوصيات الأسئلة التي توجه إليهم. في البدء لم يكن هناك تعاون. ولكن كانوا في سوء فهم يعتقدون أننا سنعاملهم بالطريقة التي يعاملون بها بعضهم بعضا... وعندما لم يتم تعذيبهم أعتقد كان لذلك أثر كبير في تغيير وجهات نظرهم».

ولكن يعوز الأميركيين وجود مترجمين «قمنا بتعيين متحدثين بالفارسية يستطيعون تحدث اللهجة المحلية الفارسية في افغانستان وهي داري. يمكن أن يكونوا مدنيين يعملون في الولايات المتحدة، ولكن يجب أن تجرى لهم اجراءات أمنية شاملة ومن بين كل خمسة أفراد، هناك شخص واحد يمنح تنويرا أمنيا».

وكان لدى الضابط الاميركي انطباع متدن تجاه الصحافيين الاميركيين الذين التقاهم في باغرام «انهم متساهلون معنا. انهم فقط يجوبون حول قاعدتنا طوال اليوم. وفي كل عملية خاصة نقوم بها، نمنح الصحافيين تسهيلات للذهاب في دورية مع قواتنا الخاصة، وبمجرد ذهابهم لا يدركون أننا نبقيهم معنا حتى ينطلقوا إلى حيث يفترض أن يكونوا»

العدد 94 - الأحد 08 ديسمبر 2002م الموافق 03 شوال 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً