خطوة للأمام “Step up” مركز العلاج الطبيعي الذي قصدته للتعرف عليه ونقل صورة وافية عنه لقراء الوسط الطبي. في الطريق أخذتني الأفكار والتصورات كيف سيكون شكل المركز من الداخل، وما الذي سيضيفه إلى تخصص العلاج الطبيعي في المملكة.
دخلتُ المركز وكانت قاعة الاستقبال صغيرة نسبياً، وحدثت نفسي «يبدو أن فترة الانتظار لديهم قصيرة جداً». استقبلتني أخصائية العلاج الطبيعي زينب رضي إبراهيم أحد مؤسسي المركز، وبادرتها بالسؤال: ما الذي يضيفه المركز لخدمات العلاج الطبيعي في المملكة؟
فأجابت قائلة: «أسستُ مع زملائي “Step up” كمركز علاج طبيعي متخصص وموجه لأطفال الشلل الدماغي والتأخرات النمائية. لأننا لحظنا من خلال عملنا في المؤسسات الطبية المختلفة حجم معاناة هؤلاء الأطفال، وضياع البوصلة لدى أولياء أمورهم في التوجه للمراكز المختصة». وبيّنت: «يحتاج هؤلاء الأطفال لعلاج مستمر فليس هناك من شفاء تام للشَّلل الدِّماغي، ولكن هناك عدَّة طُرق مُعالَجة مُتوفِّرة تُساعِدُ على عِلاج العديد من أعراض الحالة، توصل أطفال الشلل الدماغي لمرحلة يتمتعون فيها بشيء من الاستقلاليَّة. عبر العلاج الطبيعي، والعِلاج الوظيفي اللذان يساهمان في جعل الطفل قادراً على الاعتماد على نفسه بالقدر الذي تسمح به حالته”.
شعرتُ بسعادة بالغة، فقد حظي أطفال الشلل الدماغي - الذين نشرنا معاناة بعضهم على صفحات «الوسط الطبي» في أعداد سابقة – بمركز يعمل على تأهيلهم.
البدلة الفضائية في مركز علاج طبيعي
زينب واصلت حديثها وهي تدعوني لدخول قاعات العلاج: «قررنا تأسيس المركز للمساهمة في رفع معاناة الأطفال وذويهم بدل تسجيلهم في مراكز علاج غير متخصصة بعلاج هذه الفئة. وأدعو عبر «الوسط الطبي» المجتمع البحريني للاهتمام بهذه الفئة ونشر التوعية بين أفراد المجتمع بالتعريف بماهية الشلل الدماغي، واحتياجاته”.
دخلتُ القاعة الرئيسية ولحظتُ أجهزة كثيرة، ولكنها صغيرة الحجم لتتناسب مع حجم الأطفال، في ركن لاحظت جهاز غريب الشكل أراه للمرة الأولى، وتوقفتُ عنده. وقالت زينب رضي: «هذا جهاز العلاج بالبدلة الفضائية». لفتت انتباهي التسمية وواصلت محدثتي موضحة: «هذا علاج حديث موجه لأطفال الشلل الدماغي والتأخرات النمائية فكرته بسيطة وقريبة من العلاج المائي، يرتدي الطفل بدلة مخصصة تحافظ على استقامة أعضائه – لأن بعض أطفال الشلل الدماغي يكون لديهم تقوسات في الظهر أو غيرها من الأعضاء - ويعلق بأربطة في جهاز خاص يتيح له الحركة خارج إطار الجاذبية. وهذه الحركة تضمن تنشيط جسمه، ومرونة في مفاصله وتقوية عضلاته”.
وأكملت: «البرنامج العلاجي – الذي تلقيتُ فيه تأهيلاً من مؤسسة طبية في الولايات المتحدة الأمريكية – مكثف ويبرمج على خمسة أيام في الأسبوع بمعدل ساعتين في اليوم أو أكثر بحسب ما تسمح به حالة الطفل. وأثبتت الدراسة أن النتائج التي يحققها في العلاج سريعة وفعالة بالمقارنة مع غيره من الطرق”.
علاج، وتعليم تحت سقف واحد
معاناة الأطفال كانت ماثلة أمام مؤسسي “Step Up” الذين خططوا جيداً لتقديم خدمة جديدة تناسبهم وتناسب ذويهم. هذا ما شعرتُ به مع دخولي للقاعة التي أُهلت لتكون صفاً نموذجياً يتناسب والحالة الصحية لأطفال الشلل الدماغي.
وقالت زينب إبراهيم: «هذه القاعة نقدم فيها خدمة الرعاية النهارية، فقد لاحظنا أن جزءاً من أولياء أمور أطفال الشلل الدماغي (الأب، والأم) يعملون وفي فترة غيابهم في العمل يبقى الأطفال بدون رعاية والديهم أو المختصين، وكما أسلفت يرسلون إلى مراكز غير متخصصة. ومع قلة المراكز المتخصصة لهذه الفئة خططنا لاستقبالهم في برنامج الرعاية النهارية الذي يجمع بين العلاج، والتعلم، واللعب وهو أحد وسائل التعليم”.
وأوضحت: «لتقديم كل هذه الخدمات بحرفية عالية استقطب المركز إضافة لأخصائيي العلاج الطبيعي، أخصائي نطق ولغة، وأخصائية في صعوبات التعلم» ليكون مركز علاجي متكامل.
وانتقلت مؤسسة المركز لما أسمته بـ «الجيم الصغير» وهو فعلاً أشبه بالنوادي الرياضية المقفلة. وجهز «الجيم الصغير» بأجهزة وأدوات شبيهة بأجهزة النوادي ولكنها كانت أصغر حجماً، ومختلفة بعض الشيء لتتوافق مع حالة أطفال الشلل الدماغي.
وختمت بالقول إن البرامج التأهيلية من علاج طبيعي، وعلاج وظيفي تقي أطفال الشلل الدماغي من الدخول في انتكاسات، وتساهم في الحفاظ على مفاصله من التيبس، وعضلاته من الضمور. ووجهت خطابها لأولياء الأمور، قائلة: «تذكروا دائماً إن التحسن البطيء أفضل من الانتكاسة فلا تهملوا الانتظام في البرامج التأهيلية”.
العدد 5377 - السبت 27 مايو 2017م الموافق 01 رمضان 1438هـ