في جزء المقالة السابق أومأنا إلى أنه، وبسبب الموجبات الإنسانية والمواطنية، سواء في استتبابها، أو في جدية ردع من يناهضها سواء لنفسه أو لغيره، هي مسئولية الحكومة تجاه المواطن والمقيم.
وهنا يتوجب التفريق بين الحقوق الإنسانية العامة، التي تتلخص في الحقوق المدنية، وهي مستحقة للجميع من المواطنين والمقيمين، بحكم اشتراكهم في الصفة الإنسانية، وبين تلك الحقوق المواطنية الخاصة بالمواطنين، مثل الحقوق السياسية التي تمنح المواطن حق إدارة الدولة/ الوطن من خلال التمثيل النيابي أو مصدريته في حق الانتخاب، والمواطن أيضاً منوط به حق توجيه الحكومة ومراقبتها، من خلال العملية التشريعية، ومحاسبتها من خلال استجواب وزرائها، وهذه الحقوق المواطنية لا يجوز منحها لأي مقيم مهما طالت مدة إقامته.
والمواطنون أيضاً ينقسمون من حيث إكتساب أو كسب الجنسية، إلى فئتين أساسيتين.
الفئة الأولى: هم البحرينيون، من جمع «بحريني» حسب التعريف في قانون الجنسية، و»تعني كل شخص اكتسب الجنسية البحرينية بمقتضى أحكام هذه القانون» وهو الاكتساب الذاتي الطبيعي التلقائي، بأصالة اكتسابها بموجب المادة 3 من قانون الجنسية «يعتبر بحرينياً كل من اكتسب الجنسية بموجب الإعلان رقم 20/1356..».
ومن بعد ذلك اكتسابها بالسلالة من الأب البحريني بالأصالة، بموجب المادة 4، «يعتبر بحرينياً: إذا وُلِد في البحرين أو خارجها وكان أبوه بحرينياً عند تلك الولادة».
والفئة الثانية: هم الأشخاص المُتَجَنِّسون والمُجَنَّسِون، وهم حسب قانون الجنسية، جمع «شخص متجنس»، حسب المادة رقم 2، وهم ذاتهم «البحرينيون بالتجنس» كما في عنوان ومتن نص المادة رقم 6.
وقد اشترط القانون على «الشخص المتجنس» وكذلك المجنس، شرط انقضاء عشر سنوات من تاريخ كسبه الجنسية، لكي يمارس حق الانتخاب أو التمثيل أو الترشيح أو التعيين في المجالس المحلية، بمنطوق المادة رقم 6 في بندها رقم 3.
وذات الشرط اشترطه الدستور أيضاً فيما يتعلق بعضوية مجلس الشورى، في المادة رقم 53، وكذلك لعضوية مجلس النواب في المادة رقم 57.
وهذا يُعَد تَضاد وتناقض بين المادتين رقم 53 ورقم 57 من الدستور بالمقابلة مع المادة رقم 18 والتي تنص على «...، ويتساوى المواطنون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة».
كان من الأجدى أن يتساوى المواطنون البحرينيون، سواء من كان أصيلاً أو متجنساً أو مجنساً، في الحقوق المدنية والسياسية العامة والخاصة، من بعد جعل عملية منح الجنسية للأجنبي، سواء لمَن طَلَبَها أو لمن أدى خدمات جليلة للوطن، مشروطة باستيفاء جملة من الشروط مؤداها أنه خلال قضائه المدة القانونية بات منسجماً وممارساً لقيم وعادات مواطني البحرين، فلا يلمس فيه البحريني الأصيل أي فارق عنه فيها، وأن يكون قيمة مضافة علمية أو اجتماعية أو اقتصادية للبحرين، وبات يجيد استخدام اللغة العربية قراءة وكتابة وتحدثاً، وبات يستخدمها لغةً أساسيةً له في جميع مناحي الحياة، وأنه ُعَلَّمَها أولاده بالأسبقية على لغته أو لهجته الأم، ثم يأتي شرط امتلاكه عقاراً سكنياً يأويه وأولاده الحاليين والمستقبليين، وشروط أخرى، فلا يضيف عبأً على الدولة/ الوطن.
كان عاليه لازماً للبناء عليه، لتبيان التصنيف السياسي لمواطني البحرين بما نراه في التالي:
1 - كتلة الموالين للحكومة بالاستفادة: وهؤلاء قد يكونوا أفراداً بأشخاصهم، أو بتملكهم وإدارتهم لمؤسسات تجارية ومؤسسات مجتمع مدني، مرتبط أداؤها بالارتباط والتمثيل الحكومي، المموه بأنه عمل مؤسسات مجتمع مدني أهلية مستقلة، وبعضها لا يتعدى منتسبيها الفرد الواحد الذي يتحدث باسم المؤسسة.
2 - كتلة المعارضين أو المُقَوِّمين لسياسات الحكومة: وهم فئات شعبية، تتبوأ موقع المعارضة للحكومة في حال فشل الأخيرة، في أداء أدوارها المرسومة في الدستور والقوانين، وبرامج عملها المعلنة، سواء بالإهمال أو التجاوزات. والمعارضة هم أفراد ومؤسسات مجتمع مدني، متخصصين كلٌّ في مجال، من العمل السياسي، كالأحزاب والجمعيات السياسية، والعمل الحقوقي كمؤسسات حقوق الإنسان والشفافية، والعمل الصحافي والإعلامي المسموع والمرئي، وأعمال الرصد والمتابعة، بما يكشف ممارسات التجاوزات وحالات الإفلات من العقاب، إذا ما كان هناك شيء منها، وهناك المعنيين بالأنشطة المختصة بحماية العاملين المهنيين كالنقابات والاتحادات العمالية، والمنظمات النسائية الخ.
الأصل في مؤسسات المجتمع المدني هو دورها المكمل والمُقَوِّم والكاشف للقصور في عمل الجهات الحكومية، من باب تمثيل المواطنين المعنيين بالتطبيق عليهم القرارات الحكومية، بما يُؤَمِّن في حالة تداول مشروعات القرارات فيما بين الطرفين، والإعتداد بما يتم التوافق عليه، وإعادة تقييم وتطوير المختلف بشأن، يؤمن حقوقية الواجب من الحكومة تجاه المواطنين.
3 - كتلة المتقلبين: وهم أيضاً أفراد ومؤسسات مجتمع مدني، وبعضهم جمعيات سياسية ونقابات عمالية، ومجالس شعبية الخ، شأنهم أن يخالفوا هذا في حين، ويخالفوا ذاك في حين آخر، بناءً على نيل المبتغى.
4 - كتلة الصامتين: وهم من المغلوبين على أمرهم مرحلياً، إلا أنهم آملون، مع يقينهم أن لهم في كعكة التغيير، وتطوير الحقوق والخدمات، نصيباً، ومنهم مَن ينتقل من هذا الفريق إلى ذاك بين وقت وآخر وحالة سياسية وأخرى.
5 - كتلة الطائفيين العقائديين: وهم طائفيون بعقائدهم فيما سلف وتَجاوَزَهُ العصر والأوان، وفي صراعاتهم مع المختلف ديناً ومذهباً ومدنية، بتكفير الآخر وإخراجه من جنة هم بها موعودون، من حيث توسلهم إياها لمبتغاهم وتوسلها بهم لفرقة شعب الدولة/ الوطن، وهم أرض تنبت الإرهاب.
6 - كتل مختلف من يوسمون، بـتعريف «الشخص المتجنس» حسب منطوق القانون، وهم متوزعين كل مجموعة بحسب أصولها، وبانعزال عن غيرهم من المواطنين.
إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"العدد 5377 - السبت 27 مايو 2017م الموافق 01 رمضان 1438هـ