أكد مشاركون في اجتماع عمل نظمه المجلس الأعلى للمرأة بالتعاون مع معهد البحرين للتنمية السياسية أهمية دور المعهد في مواصلة تنفيذ البرامج التدريبية النوعية والمكثفة في مجالات تمكين المرأة البحرينية سياسياً بما يعزز من قدرتها على المشاركة في الحياة العامة عبر القنوات الدستورية المتمثلة في مجلس النواب والمجالس البلدية، داعين مؤسسات المجتمع المدني أيضاً إلى القيام بدور مماثل في مجال التوعية والحراك المجتمعي لدعم المرأة، لافتين إلى أهمية الجهود التي يبذلها المجلس الأعلى للمرأة لتحفيز المرأة على ممارسة حقها الدستوري في الترشح والانتخاب، وأفادوا أن المجلس، وكجهة استشارية، يمكن أن يزود الجهات الوطنية العاملة على تمكين المرأة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً بالخبرات والمشورات اللازمة بعد أن تحمل هذه المسؤولية طيلة 16 عاماً.
وشدد المشاركون خلال الاجتماع الذي عقد في مقر المجلس الأعلى للمرأة تحت عنوان "واقع المرأة البحرينية في المشاركة السياسية ضمن برنامج التمكين السياسي للمرأة البحرينية" أهمية توفير دراسات وأبحاث مهنية حول أثر الجهود الوطنية الساعية إلى معالجة التحديات التي تواجه المرأة، واقتراح أوجه التطوير على البرامج والتدابير التي تتبناها المؤسسات المتخصصة، وصولا إلى تقييم عملي ودقيق لمسيرة 16 عاماً من مشاركة المرأة البحرينية في المسيرة الديمقراطية.
وبمناسبة هذا الاجتماع، أدلى رئيس مجلس أمناء معهد البحرين للتنمية السياسية علي بن محمد الرميحي بتصريح صحفي أكد فيه على أهمية دعم مشاركة المرأة سياسياً لتتزامن مع حراكها في المجتمع ووصولها لأعلى المناصب وتمثيلها مملكة البحرين خير تمثيل في المحافل الدولية، معرباً عن اعتزازه العميق بالدور الذي توليه صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة عاهل البلاد المفدى رئيسة المجلس الأعلى للمرأة الذي أوصلها لمراكز صنع القرار وجعل منها شريكاً حقيقياً في عملية البناء التي تعتمد على الشراكة مع الرجل في كافة ميادين العمل إيماناً بمبادئ تكافؤ الفرص وادماج احتياجاتها في التنمية الوطنية.
وأكد الرميحي بأن المعهد سيولي برنامج تمكين المرأة سياسياً أهمية قصوى في المرحلة المقبلة في إطار اختصاصاته، معتبراً أن الشراكة مع المجلس الأعلى للمرأة من شأنه أن تدفع بهذا البرنامج إلى آفاق أعلى لتحقيق ما يصبو إليه الجميع في ظل العهد الإصلاحي لحضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى، موجهاً في هذا الخصوص إلى ذلك ضرورة أن يتكاتف الجميع من مؤسسات حكومية ومجتمع مدني وإعلام لتوعية الناخب البحريني بحقه في الأدلاء بصوته وأن يكون معيار الكفاءة هو الفاصل في عملية التصويت بغض النظر عن جنس المرشح".
وكان الاجتماع قد بدأ بكلمة للأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة هالة الأنصاري استعرضت من خلالها الجهود الوطنية في مجال التمكين السياسي للمرأة منذ عام 2002 وحتى عام 2016، وقالت إن الانتخابات القادمة ستجري بعد نحو 15 شهراً، وأن المجلس الأعلى للمرأة عمل على جمع المختصين والمعنين من الخبرات الوطنية تمثل مؤسسات مختلفة في هذا الاجتماع من أجل التفاكر حول أفضل طرق دعم حضور المرأة في العمل السياسي، والعمل النيابي والبلدي على وجه التحديد.
وأعربت الأنصاري عن شكرها لمعهد البحرين للتنمية السياسية على شراكته في سلسلة برامج التمكين السياسي الماضية، وأكدت أهمية المشاركة النوعية وليس العددية، وقالت إن المعهد مدعو الآن لرسم وإيضاح سياسيته التدريبية، ومعرفة الجدوى من برامج التدريب المطبقة حالياً.
وتساءلت في السياق ذاته عن دور مؤسسات المجتمع المدني في دعم ترشيح المرأة، وفي مجابهة التحديات أمامها وتوفير الدعم المجتمعي والأسري اللازم، وأشارت إلى إن عدداً من تلك المؤسسات ورغم تقديمه لمرشحات تحت مظلته، إلا أن أياً من تلك المرشحات لم تتمكن من الفوز، وقدمت الأمين العام للمجلس قراءة تحليلية في احصائيات مشاركة المرأة في السلطة التشريعية، والمجالس البلدية في مملكة البحرين من حيث عدد المرشحات والفائزات في الانتخابات، ومساهمات عضوات مجلسي النواب والشورى، ورئاسة اللجان الدائمة في المجالس البلدية.
وعرضت الأنصاري بعضا من جوانب التقدم الذي حققته المرأة البحرينية في مجال العمل السياسي منذ انطلاقة المشروع الإصلاحي لجلالة الملك المفدى وتأسيس المجلس الأعلى للمرأة وحتى اليوم، وأوضحت أن المجلس الأعلى للمرأة أقام منذ العام 2002 وحتى الآن أربع نسخ من برنامج التمكين السياسي وذلك بهدف دعم المشاركة السياسية للمرأة وتهيئتها للدخول في العمل السياسي، واستثمار الخبرات المتراكمة المتاحة لدى المرأة البحرينية، وبناء وإعداد كوادر قادرة على المنافسة في الانتخابات المختلفة والوصول إلى مواقع صنع القرار من خلال التدريب على المهارات الانتخابية والمعارف والحقوق الدستورية والقانونية.
وأشارت إلى أنه في العام 2002 بلغت نسبة المرشحات 4% من إجمالي عدد المرشحين، ولم يحالف الفوز أيا منهن، وأشارت إلى أن هذه النسبة أخذت منحنى متباين بين ارتفاع وانخفاض في انتخابات الأعوام 2006 و2010 و2011 (التكميلية)، وصولا إلى الانتخابات الأخيرة التي جرى العام 2014 وبلغت نسبة المرشحات فيها 8.3% والفائزات 7.5%.
من جانبها، قالت المبعوث الخاص للديوان الملكي سميرة رجب، إنه "في بداية تجربتنا الانتخابية منذ نحو 16 عام كنا نتكلم عن توفر الحراك المجتمعي والإرادة السياسية، واليوم تجاوزنا تلك التحديات وحصلنا على دعم الإرادة السياسية والدعم المجتمعي كذلك"، وأضافت "نحن اليوم بحاجة إلى تقييم المرحلة السابقة برمتها، والشروع بمرحلة جديدة كلياً بخصوص حضور المرأة في العمل السياسي"، مؤكدة أهمية القيام بعملية "تقييم شامل للعملية الانتخابية، وهل كان لدى المرأة المرشحة برنامج انتخابي صحيح، وهل استطاعت الظهور في الإعلام بصورة صحيحة، وما مدى تحقيقها لوعودها الانتخابية".
واعتبرت رجب أن النظرة اليوم إلى المرأة في السلطة التشريعية تنبع من داخل السلطة التشريعية ذاتها، أي من أداء البرلمان ككل ومن أداء المرأة داخل هذا البرلمان، وقالت "السؤال الآن هو هل أداء المرأة قوي داخل البرلمان، وهل هي تستخدم كل الأدوات الدستورية المتاحة لإثبات ذاتها وتحقيق التطلعات منها، وما مدى إسهامها في تصويب وتقوية العمل البرلماني؟"، وأشارت على صعيد ذي صلة إلى أن النائب هو من يصنع الناخب، وبالتالي على النائب أن يوعي الناخب بأن دوره هو التشريع ومراقبة أداء الحكومة، وليس الأمور الخدمية.
وقالت "لا زلنا مقصرين في الاعتراف بقوة المرأة الخليجية بشكل عام، لكننا في المقابل غير قادرين على استثمار كامل طاقات المرأة، وغير قادرين على تقديم نفسنا بشكل صحيح للعالم وفقا للمقاييس الدولية".
من جانبها، أوضحت عضو مجلس الشورى دلال الزايد أن التحديات أمام المرأة المرشحة تتغير، وقالت "في بداية التجربة الانتخابية كان هناك تحديات تلاشت الآن لتظهر مكانها تحديات جديدة، واعتبرت الزايد أن أكبر تحدي يواجه المرأة المرشحة هو ضرورة تحليها بالخبرة السياسية والقانونية، وأن يكون لديها فكرة عن دستورها وتشريعاتها الوطنية وعن نظام العمل في السلطة التشريعية والعمل البلدي، وبالتالي ضرورة الاستقراء القانوني الذاتي للمرأة المترشحة قبل دخولها البرامج التدريبية المكثفة عبر تنفيذ حقائب تدريبية سياسية قانونية ، وإجراء امتحان تمهيدي للراغبات بدخول برامج التدريب تلك، وذلك لضمان أن تكون منتسبات البرنامج بنفس المستوى من الأهلية، ولفتت الزايد أيضا إلى أنه من التحديات أيضا هو أن تكون المرأة المرشحة قادرة على التعامل مع الإعلام.
من جانبها، قالت عضو مجلس النواب جميلة السماك إن المرأة البحرينية التي تدخل في الانتخابات إنما "تخوض معركة حقيقية"، خاصة مع وجود مرشحين منافسين يبحثون عن ثغرات للدخول منها، وبما يحطُّون من قيمة المرأة المنافسة فقط لأنها أنثى. وقالت د. السماك "أنا ترشحت في منطقة ليست منطقتي، ورغم ذلك فزت فيها، وأقول بناء على تجربة شخصية إن أهم عنصر في العملية الانتخابية هو فريق العمل المختص، كما أن التخطيط مهم جدا عبر دراسة كافة تفاصيل الدائرة واحتياجاتها، وكذلك الكتلة الانتخابية"، وأضافت أنه في حال توفر تلك العناصر يتمكن المرشح من المنافسة بقوة رجلا كان أم امرأة.
من جهته، قال النائب محمد العمادي إن الناخب اليوم لا يأخذ في اعتباره مميزات المرشح رجلاً كان أو امرأة مثل الكفاءة والأداء والخبرة، وإنما المرشح الذي يحقق له مصلحته الشخصية مقابل ما يقدمه من خدمات، وبالتالي يمكن أن يخسر مرشح أو مرشحة ذو كفاءة أمام مرشح ليس لديه أي مؤهلات، وقال إنه في بعض الأحيان يختار الناخب المرشح الرجل لأنه يستطيع أن "يعاتبه عندما يصبح نائبا، وذلك خلافا للمرشحة السيدة التي سيحرج أمامها. واعتبر العمادي أن "أداء المرأة داخل السلطة التشريعية جيد وإن كان أداء البرلمان بشكل عام ليس بالقوة المطلوبة"، وقال إنه "ليس هناك مشكلة في إداء المرأة داخل المجالس البلدية أو المجلس التشريعي، وإنما المشكلة في كيفية وصول او إيصال المرأة إلى عضوية هذه المجالس".
في هذه الأثناء، قالت عضو المجلس البلدي فاطمة القطري إن أكبر تحدي يواجه المرأة البحرينية المرشحة هو وجود جزء من الناخبين لا يتقبلون أساسا فكرة وجود امرأة في مراكز صنع القرار، وجزء آخر متخوف من أداء المرأة، لكن القطري أضافت "تمكنت بحمد الله من الفوز وكسب ثقة الناخبين وإزالة مخاوفهم"، لكنها أشارت إلى تحديات جديدة طفت على السطح بعد دخولها المجلس البلدي من بينها عدم فهم الناس أن وظيفة النائب البلدي خدمية وليست تنفيذية، إضافة إلى عدم قدرتها كامرأة على إبراز انجازاتها إعلاميا.
من جانبه، قال القائم بأعمال المدير التنفيذي لمعهد البحرين للتنمية السياسية أنور أحمد إن أساس المعهد ومبرر وجوده هو نشر الثقافة الديمقراطية، لافتاً إلى أهمية ذلك حتى داخل البيت، وقال "يجب أن يقتنع الرجل بأهمية ترك القرار لزوجته أو أخته أو والدته". لكنه أردف أن المعهد يعمل "في ظل محدودية الإمكانيات"، وأشار إلى أهمية التوجه أكثر نحو أجيال المستقبل في إطار من التكامل مع المؤسسات الشريكة، وأكد أهمية عقد المزيد من الاجتماعات مع تلك المؤسسات من أجل الوصول إلى الغايات التي ينشدها الجميع.
إلى ذلك، تساءل الناشط السياسي عبدالله الحويحي عن "دور المجتمع المدني في تمكين المرأة سياسيا"، وقال "لا يجب أن يبقى هذا العمل في إطاره الرسمي" عبر مؤسسات وطنية مثل المجلس الأعلى للمرأة. ودعا الحويحي إلى تقييم حضور المرأة البحرينية في العملية الانتخابية والمسيرة الديمقراطية كاملة، وذلك بهدف معرفة مواطن القوة والعمل على تعزيزها، ومواطن الضعف والعمل على تلافيه، واشار إلى أن "دور رجال الدين لا زال قويا وفاعلا يحول دون وصول المرأة إلى المجالس التشريعية".
وقالت مديرة برنامج التمكين السياسي عام 2006مريم جناحي، أن التجربة أثبتت بالدليل القاطع أن مقولة "المرأة عدوة المرأة" عبارة خاطئة وليس لها أساس من الصحة، وأنه لابد أن تختفي من أدبياتنا وعدم تكرارها وخاصة في المنابر الإعلامية المختلفة، وبينت جناحي أن المملكة تزخر بالكفاءات النسائية في كافة المجالات، وأنه من الضروري إبراز هذه الوجوه إعلامياً قبل أن تفكر فعلياً في خوض غمار الانتخابات.