قتل أمس الجمعة (26 مايو/ أيار 2017) 28 شخصاً على الأقل، بينهم عدد كبير من الأطفال، في هجوم شنه مسلحون على حافلة كانت تقل أقباطاً لزيارة دير في المنيا في جنوب القاهرة، بحسب ما أفاد مسئولون.
وقال محافظ المنيا عصام البديوي للتلفزيون الرسمي إن مسلحين فتحوا النار على حافلة تقل أقباطاً كانوا في طريقهم لزيارة دير الانبا صموئيل بالمنيا (قرابة 250 كلم جنوب القاهرة) قبل أن يلوذوا بالفرار.
وأضاف أن المسلحين «استخدموا أسلحة آلية».
وقال وزير الصحة المصري أحمد عماد الدين للتلفزيون الرسمي أن حصيلة ضحايا الهجوم ارتفعت إلى «28 شخصاً» وإن «13 مصاباً خرجوا من المستشفيات».
إلى ذلك، أعلن الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى مساء أمس (الجمعة) أنه تم ضرب المعسكرات التى خرجت منها العناصر الإرهابية التى ارتكبت عملية المنيا الإرهابية أمس.
جاء ذلك فى كلمة وجهها الرئيس السيسي مساء أمس إلى الشعب المصرى عبر التلفزيون في رد فعل من جانبه على العملية الإرهابية التى نفذت فى المنيا ضد مسيحيين مصريين وأسفرت عن مقتل 28 شخصاً منهم.
وكان المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة خالد مجاهد أعلن في وقت سابق مقتل 26 شخصاً، مضيفاً أن عدد الجرحى 25 شخصاً.
وقال مستشار وزير الصحة المصري للرعاية العاجلة شريف وديع للتلفزيون الرسمي إن هناك «عدداً كبيراً من الأطفال» بين الضحايا.
وأكد البديوي أن الشرطة تمشط المنطقة التي وقع فيها الهجوم، وأقامت حواجز أمنية بحثاً عن المهاجمين.
وقالت وزارة الداخلية في بيان أن «مجهولين يستقلون ثلاث سيارات رباعية الدفع أطلقوا النيران بشكل عشوائي» على حافلة الأقباط.
وأضافت أن الهجوم وقع «على طريق صحراوية فرعية» تؤدي إلى دير الانبا صموئيل، مشيرة إلى أنها تكثف جهودها لضبط الجناة.
وطالبت الكنيسة القبطية في بيان نشرته على صفحتها الرسمية على «فيسبوك» السلطات بـ «اتخاذ الإجراءات اللازمة لتفادي خطر هذه الحوادث التي تشوه صورة مصر وتتسبب في آلام العديد من المصريين».
وأكدت الكنيسة مواساتها لـ «كل الأسر المجروحة وتألمها مع كل الوطن لهذا العنف والشر الذي يستهدف قلب مصر ووحدتنا الوطنية التي هي أثمن ما نملكه ونحفظه ونحميه».
ضربات جوية ضد متشددين في ليبيا
وقال الجيش المصري إن القوات الجوية المصرية نفذت ضربات جوية على مواقع لمتشددين في ليبيا تأكدت مشاركتهم في تخطيط وتنفيذ هجوم على أقباط وقع أمس الجمعة في صعيد مصر وأسفر عن مقتل 28 شخصاً.
وقال في بيان أذيع تلفزيونياً «مازالت العملية العسكرية مستمرة حتى الآن».
تكرار الاعتداءات على الأقباط
ويأتي الهجوم بعد شهر ونصف الشهر على اعتداءين ضد كنيستين قبطيتين أوقعا 45 قتيلاً وتبناهما تنظيم «داعش».
وخلال الشهور الأخيرة توعد تنظيم «داعش» بمضاعفة الهجمات على الأقلية القبطية في مصر التي تمثل 10 في المئة من قرابة 90 مليون نسمة هم عدد سكان مصر.
وكان التنظيم تبنى أيضاً مسئولية هجوم على كنيسة قبطية في القاهرة أوقع 29 قتيلاً في ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
ودان رئيس الوزراء المصري شريف إسماعيل «الحادث الإرهابي الغادر».
وأكد بيان صادر عن مكتب إسماعيل أنه «أجرى عدة اتصالات هاتفية بمجموعة من الوزراء المعنيين لمتابعة تداعيات الحادث والاطمئنان على توافر كافة أوجه الرعاية الطبية للمصابين ونقلهم إلى المستشفيات المختلفة».
وأكد رئيس الوزراء «جبن وخسة تلك الأعمال الإرهابية والتى تستهدف النيل من أمن واستقرار الوطن».
وشدد على أن «هذه الاعتداءات تستهدف شق النسيج الوطني» وعلى «عزم الدولة حكومة وشعباً على التصدي بكل قوة لتلك الأفكار والأعمال الإرهابية والقضاء عليها جنباً إلى جنب مع الاستمرار فى عمليات البناء والتنمية».
ويشكل الأقباط المصريون أكبر طائفة مسيحية في الشرق الأوسط وواحدة من أقدمها في بلد غالبية سكانه من المسلمين السنة.
ويتمركز الفرع المصري من تنظيم «داعش» في شمال سيناء ويهاجم بانتظام قوات الجيش والشرطة في هذه المنطقة.
كما قام التنظيم بهجمات استهدفت الأقباط في شمال سيناء ما دفع عشرات الأسر المسيحية إلى النزوح.
ويأتي اعتداء أمس (الجمعة) كذلك بعد زيارة تاريخية قام بها البابا فرنسيس إلى مصر للإعراب عن تضامنه مع المسيحيين المصريين.
وخلال هذه الزيارة التي تمت في نهاية أبريل/ نيسان، زار الحبر الأعظم الكنيسة التي تعرضت لاعتداء في 11 ديسمبر الماضي والملاصقة لمقر بطريركية الأقباط الأرثوذكس في قلب القاهرة.
وأثار الاعتداء الجديد على الأقباط إدانات دولية.
وقدم الرئيس الروسي تعازيه لنظيره المصري عبدالفتاح السيسي مؤكداً أن سقوط هؤلاء الضحايا «دليل جديد على بربرية ووحشية الإرهاب» مؤكداً أن «منفذي ومدبري هذه الجريمة لا ينبغي أن يفلتوا من العقاب».
وأضاف أنه على ثقة من أن قوى «الإرهاب لن تنجح في ترهيب الشعب المصري أو في بث الفرقة بين أتباع الديانات المختلفة».
من جهته، قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان «باسم فرنسا أدين بأشد العبارات هذا العمل الجبان»، مضيفاً أن «أحداً لا ينبغي أن يفقد حياته وهو يمارس حقه الأساسي في ممارسة شعائره الدينية بحرية».
وأكد «تضامنه الكامل مع السلطات المصرية والشعب المصري»، مشدداً على أن «فرنسا تقف بشكل حاسم مع مصر في حربها ضد الإرهاب».
خطاب تحريضي
وأعلنت السلطات المصرية أنها حددت هوية منفذي ومدبري الهجومين على كنيستي الإسكندرية وطنطا مؤكدة أنهم ينتمون إلى خلية إرهابية في جنوب مصر وعرضت مكافأة مالية لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى توقيفهم.
وقال الرئيس السيسي إن التنظيمات «الإرهابية» تحاول «بث الفرقة» بين المصريين من خلال مهاجمة الأقباط.
وأدى الاعتداءان على كنيسة مار جرجس في طنطا والكنيسة المرقسية في الإسكندرية، واللذان وقعا أثناء الاحتفال بأحد الشعانين، إلى تزايد القلق لدى الأقباط المصريين الذين بات لديهم شعور بأنهم مستهدفون.
وما يزيد من قلق الأقباط المصريين استمرار الخطاب «التحريضي» ضدهم، رغم دعوة السيسي المتكررة إلى «تجديد الخطاب الديني».
ومنعت وزارة الأوقاف الإسلامية في مصر في 11 مايو/ أيار الجاري الشيخ سالم عبدالجليل الذي يقدم برنامجاً تلفزيونياً دينياً على قناة خاصة من إلقاء الخطب في المساجد إثر تصريحات مسيئة لغير المسلمين في برنامجه.
وكان عبدالجليل انتقد المشايخ المسلمين الذين يجمعون على أن المسيحيين واليهود مؤمنون موحدون، معتبراً أن «غير المسلمين عقيدتهم فاسدة».
العدد 5376 - الجمعة 26 مايو 2017م الموافق 29 شعبان 1438هـ