انتهى يوم أمس الثلثاء (23 مايو/ أيار 2017)، ولم تنتهِ معه الأحداث التي شهدتها منطقة الدراز منذ الصباح، وذلك بعد أن أعلنت وزارة الداخلية عن عملية أمنية في المنطقة لـ «إزالة المخالفات القانونية، التي كانت عائقاً أمام حركة المواطنين وأدت إلى تعطيل مصالحهم وشكلت خطورة على سلامتهم»، وفي بيان آخر أشارت الوزارة إلى أنه «خلال العملية الأمنية تمكنت القوات من إزالة كل ما يعطل مصالح المواطنين ويعيق حركتهم من حواجز وإغلاق للشوارع، وتقرر بقاء الشرطة في الموقع بما يضمن سلامة الناس وسهولة تحركهم».
ونشر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً لجرحى، فضلاً عن سقوط قتيل على خلفية الأحداث التي شهدتها الدراز أمس.
بداية الأحداث كانت مساء الاثنين (22 مايو 2017)، حين تسربت أنباء عبر مواقع التواصل الاجتماعي تفيد بقرب تدخل أمني لفض الاعتصام في محيط منزل الشيخ عيسى قاسم، وترافق ذلك مع تحليق مروحي طوال يوم الإثنين بشكل لافت في أوقات متفرقة على المنطقة، وأعقب ذلك انتشار صور في المساء لأعداد كبير من السيارات الأمنية المتنوعة تتواجد في المراكز الأمنية القريبة من الدراز، بالإضافة إلى الدوريات التي نشطت حركتها منذ المساء.
وصباح أمس (الثلثاء)، لوحظ بشكل لافت تعزيز التواجد الأمني في محيط منطقة الدراز، علاوة على مداخل باقي القرى الواقعة على شارع البديع، وتزامن ذلك مع قيام رجال الشرطة برفقة جرافات بإزالة الحواجز عن منفذ الدراز (مدخل البريد وهو المدخل المقابل لقرية بني جمرة).
«الداخلية» تعلن عن عملية أمنية في الدراز
وفي حدود الساعة التاسعة صباحاً، نشرت وزارة الداخلية عبر حسابها في «تويتر» تغريدات أعلنت عن «بدء صباح اليوم بتنفيذ عملية أمنية بقرية الدراز بهدف حفظ الأمن والنظام العام وإزالة المخالفات القانونية، التي كانت عائقا أمام حركة المواطنين وأدت إلى تعطيل مصالحهم وشكلت خطورة على سلامتهم».
وأشارت الوزارة إلى أن «التدخل الأمني جاء لفرض الأمن والنظام العام بعدما أصبح الموقع، مأوى لمطلوبين في قضايا أمنية وهاربين من العدالة».
وفي وقت لاحق، دعت الوزارة جميع مرتادي شارع البديع لاتخاذ شوارع بديلة لحين عودة الحركة المرورية بالشارع إلى طبيعتها، كما أهابت بالمواطنين التعاون مع رجال الأمن وإتباع التعليمات الصادرة حفاظا على الأمن والسلامة العامة للجميع.
الشرطة تدخل الدراز
وبعد مرور نحو نصف ساعة من الإعلان الصادر عن وزارة الداخلية، بدأت قوات الشرطة بالدخول إلى منطقة الدراز، من عدة منافذ، وانتشرت في مواقع متفرقة من المنطقة. ورافق ذلك تحليق مروحي في أجواء المنطقة.
من جانب آخر، رصدت «الوسط»، إغلاق جميع الطرق المؤدية إلى منافذ منطقة الدراز، ونشر أعداد كبيرة من رجال الشرطة في منافذ المنطقة، كما فرقت الشرطة مجموعات شبابية حاولت الوصول إلى الدراز من بعض القرى المجاورة.
وقد رصدت «الوسط» مصادمات بين الشرطة ومجموعات شبابية داخل قرية بني جمرة في المنطقة المحاذية لمنطقة الدراز.
وخلال دخول قوات الشرطة إلى داخل الدراز، وقعت مصادمات، وخلال دقائق انتشرت العديد من الصور عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تظهر إصابات جراء إطلاق أعيرة من سلاح الشوزن.
سقوط ضحايا
الى ذلك، قالت عائلة الشاب محمد كاظم محسن زين الدين إن ابنها «فارق الحياة صباح أمس (الثلثاء) بعد إصابته اثناء مجريات العملية الأمنية التي قامت بها وزارة الداخلية في منطقة الدراز».
وأشارت العائلة إلى انها سمعت بـ«الخبر عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي ولكن الفيديوهات والصور تؤكد أن المتوفى ابننا محمد كاظم»، ولفتت إلى ان «المشرحة بمجمع السلمانية الطبي نفت وجود أية معلومات عن الجثمان». ولم تصدر الجهات الأمنية أية معلومات بشأن وفاة زين الدين.
ومساء أمس قالت وزارة الداخلية في بيان تسلمت «الوسط» نسخة منه عن وفاة 5 أشخاص إثر العملية الأمنية في الدراز، ولم تعلن الوزارة الاسماء.
إحكام السيطرة
وقبل ظهر أمس، وصلت قوات الأمن إلى المنطقة المحيطة بمنزل الشيخ عيسى قاسم، ورافق ذلك تواجد جرافات باشرت بإزالة كبائن خشبية علاوة على بعض المستلزمات التي كان يستخدمها المتواجدون عند منزل قاسم.
وعلى الفور باشرت قوات الأمن بمداهمة عدد من المنازل، وأفاد عدد من الأهالي بأنه تم إيقاف مجموعة من الأشخاص ممن كانوا بداخل تلك المنازل.
الطلاب يغادرون الدراز مشياً على الأقدام
وفي ظل الوضع الأمني في الدراز، سارع أولياء أمور الطلاب في مدارس منطقة الدراز الى التواصل مع المدارس الحكومية والخاصة في المنطقة للإطمئنان على أوضاعهم في ظل فترة الامتحانات التي يمر بها الطلاب، وأوصلوا شكاواهم لـ «الوسط»، من منع الحافلات التي تقل الطلاب من الدخول إلى المنطقة بعد بدء العملية الأمنية.
ورصدت «الوسط»، أعداداً من طلاب مدرسة الدراز الإعدادية للبنين وهم يغادرون منطقة الدراز مشياً على الأقدام خصوصاً الطلاب القادمين من قرية باربار.
وتسبب ذلك في ازدحام مروري عند منفذ الدراز القريب من قرية باربار، واشتكى الكثير من الأهالي من بقاءهم لفترات طويلة من أجل الخروج من المنطقة.
مداخل الدراز والقرى الأخرى
وعصر أمس أعادت قوات الشرطة فتح بعض الطرقات التي أغلقت في شارع البديع منذ الصباح. ولكن عادت الى غلق المنافذ المحيطة بكل من الدراز وبني جمرة، وفتحت بعضها جزئياً.
وأفاد شهود عيان لـ «الوسط»، أن السلطات الأمنية فتحت عند الساعة 6.30 من مساء أمس (الثلثاء) مدخلين لعبور أهالي الدراز إلى داخل المنطقة بعد أن أغلقوا منذ صباح أمس تزامناً مع العملية الأمنية التي نفذتها وزارة الداخلية في المنطقة. ولكن في المساء تم إغلاق المنافذ مرة أخرى، وكانت حركة المرور مقيدة من خلال نقاط أمنية انتشرت في عدة مناطق.
وأشار الأهالي إلى أن السلطات الأمنية سمحت في فترات بالدخول عبر المنفذ المقابل لقرية المرخ، وكذلك المدخل المؤدي إلى المدينة الشمالية، مع تواجد رجال الشرطة للتدقيق.
قضية الشيخ عيسى قاسم
وقد جاءت العملية الأمنية في الدراز، بعد نحو يومين من صدور حكم المحكمة الكبرى الجنائية الرابعة، في جلستها يوم الأحد (21 مايو 2017)، بالحبس لمدة سنة بحق الشيخ عيسى أحمد قاسم، ومدير مكتب البيان للمراجعات الدينية الشيخ حسين يوسف القصاب (المحروس)، والعضو في مكتب البيان ميرزا الدرازي، وقررت المحكمة وقف تنفيذ عقوبة الحبس لمدة 3 سنوات بعد صيرورة الحكم النهائي، وبررت ذلك بأنّ قاسم «طاعن في السن وبلغ من الكبَر عتيّا، وخلت صحيفة المتهمين من ثمّة سوابق، فالمحكمة تأخذ المتهمين بقدر من الرأفة».
كما قضت المحكمة بتغريم قاسم والقصاب والدرازي، كل منهم مبلغ 100 ألف دينار، وأمرت بمصادرة المبالغ المودعة بحسابات قاسم، والبالغة 3 ملايين 367 ألفاً و301 دينار، ومصادرة العقارين المملوكين لقاسم.
يُشار إلى أن السلطات البحرينية أسقطت في 20 يونيو/ حزيران 2016 الجنسية البحرينية عن الشيخ عيسى قاسم، ومنذ إسقاط الجنسية عنه، عمدت السلطات الأمنية إلى إغلاق جميع منافذ منطقة الدراز (مسقط رأس قاسم)، ولا يُسمح بالدخول إلا للقاطنين في المنطقة، حيث نظم الأهالي تجمُّعاً قبالة منزل قاسم استمر حتى 23 مايو 2017. وعلاوة على ذلك، كان الأهالي في الدراز يشكون من التشويش على خدمة الإنترنت بشكل ليلي.
برلمانيون يؤيدون العملية الأمنية
وفي مساء أمس، ذكر تقرير لوكالة أنباء البحرين (بنا) أن عدداً من أعضاء مجلسي الشورى النواب أكدوا «ان ما قامت به وزارة الداخلية من تنفيذ عملية أمنية بقرية الدراز كان الهدف منه هو حفظ الأمن والنظام العام وإزالة تجمعات غير قانونية كانت تمثل عائقا أمام حركة المواطنين وأدت إلى تعطيل مصالحهم وشكلت خطورة على سلامتهم».
وأكدوا في تصريحات لوكالة انباء البحرين «ان هذا التجمع غير القانوني الذي استمر لشهور أصبح ملاذا للموقوفين والهاربين، وسار مصدر لنشر العنف والتطرف، مشيدين في الوقت ذاته بحرفية رجال الامن في تنفيذ العملية وانضباطهم وتمسكهم بضبط النفس، مشددين على ان هذه العملية النوعية كانت تهدف الى تصحيح امر غير قانوني وغير سليم ولم يكن لها أي علاقة باي شخص او مكون شيعي».
وأكد النائب الأول لرئيس مجلس النواب علي العرادي، «أن البحرين دولة قانون ومؤسسات وأن وزارة الداخلية قامت بدورها الطبيعي في تحقيق الأمن من خلال عملية تمشيط طبيعية لمنطقة الدراز وبهدف القبض على بعض المطلوبين أمنيا والتأكد من سلامة المنطقة حتى لا تكون مأوى لهؤلاء المطلوبين أمنيا، لافتا إلى أن اجتماعا جرى مع أصحاب المأتم بالدراز وتم اعلامهم بالعملية قبل تنفيذها».
وقال النائب العرادي «إن وزارة الداخلية أعلنت بشكل مباشر بأن تلك العملية الأمنية لا علاقة بأي شخصيات، وقد كان الأمر واضحا للجميع حيث تهدف الداخلية من خلال تلك الإجراءات إلى تسهيل مصالح سكان المنطقة المتعطلة منذ فترة طويلة، وأكد أنه لم تحدث أي إساءة لأي شخص».
وشدد النائب الأول لرئيس مجلس النواب على «الثقة الكبيرة في رجال الأمن ومعالي وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة»، مؤكدا على «أن القانون يجب أن يطبق على الجميع بدون استثناء». وأضاف: «أعتقد أنه من حق الداخلية أو أي جهة في الدولة القيام بعملها المناط بها خاصة وأن وزارة الداخلية كانت واضحة في بيانها بشأن العملية الأمنية وكل ما حدث لقي متابعة من الجميع».
بدورها أكدت رؤى الحايكي عضو مجلس النواب «ان فرض الامن والاستقرار على قائمة الأولويات، مضيفة انت وزارة الداخلية لم تتوانى جهدا في أي موضوع كان وأنها دائما عند حسن الظن بل فاقت توقعاتنا في ضبط الامن في المملكة من خلال العديد من العمليات الاستباقية وكشفها عن أمور كانت تمثل خطر على المواطنين».
وأوضحت «ان تنفيذ العملية الأمنية في الدراز لا يمكن ان يكون لها علاقة بعيسى قاسم»، مضيفة «انه منذ أيام كان هناك حكم في قضيته، وان الحكم كان واضح ولم يكن هناك أي امر يتعلق بإصدار حكم لضبطه او ما الى ذلك، وبالتالي فانه من غير المبرر ان يكون هناك أي تعرض لعيسى قاسم من قبل قوات الامن، وان ما يروج من تعرضهم له هو امر لا يمت بصلة للمنطق والعقل».
من جانبه أعرب النائب جلال كاظم عن «شكره لجهود وزارة الداخلية في تطبيق القانون، وقال إن المنطقة كانت تعاني من مجموعة أشخاص أضروا بأهالي المنطقة وأضروا بأنفسهم وأغلقوا المنطقة بالكامل، حيث كانت عائلات كثيرة تعاني من غلق الشوارع والإقامة في مناطقهم لكنهم لم يستطيعوا التعبير عن تذمرهم مما يحدث خوفا على أنفسهم من هؤلاء الأشخاص».
وأوضح النائب كاظم أنه «يدخل إلى منطقة الدراز يوميا لتوصيل ابنته للمدرسة ويمر على نقطة تفتيش أمنية دون أي تعطيل، بينما يقوم مجموعة من الأشخاص بتنصيب أنفسهم كرجال أمن ويقيمون نقاط تفتيش للجميع وهنا تكمن الصعوبة في المرور عبر هذه المجموعات».
العدد 5373 - الثلثاء 23 مايو 2017م الموافق 27 شعبان 1438هـ