اختتم المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات أعمال مؤتمره الأكاديمي بعنوان: "خمسون عامًا على حرب حزيران/ يونيو 1967: مسارات الحرب وتداعياتها"، والذي امتد على ثلاثة أيام 20-22 مايو/ أيار 2017، بجلستين تناولت الأولى تداعيات الحرب فلسطينياً، بينما خُصصت الثانية للاستماع إلى شهادات شخصية لضباط عرب شاركوا في هذه الحرب.
ففي الجلسة الأولى، قدم معين الطاهر ورقة بعنوان "أثر الحرب في المقاومة الفلسطينية"، وتناول الأثر الذي تركته الهزيمة في تطور المقاومة الفلسطينية في المجالات العسكرية والشعبية والتنظيمية، وعلاقتها بالأنظمة والشعوب العربية، وانعكاس ذلك على القضية الفلسطينية. كما تطرق إلى وضع المقاومة الفلسطينية قبل الخامس من حزيران/ يونيو بإرهاصاتها وتشكيلاتها، وموقف الأنظمة العربية منها، وعلاقتها بالقيادة العربية المتحدة، ووجود إرهاصات لتشكيل منظمات فلسطينية أخرى، وتأثير جمال عبد الناصر في ذلك، فضلًا عن أثر الحرب المباشر في انطلاقة فتح الثانية. وكان من نتائج الهزيمة أنه لم تعد الجماهير الفلسطينية تؤمن بالحكومات العربية، مما أدى إلى تطور تشكيلات الأحزاب الفلسطينية، وتمكنت من إقامة قواعد لها في البلدان العربية. ومع نهاية الحرب توقفت ملاحقة العمل الفدائي الفلسطيني، بل أصبحت بعض الحكومات تؤمن بدوره. كما تطرق إلى كيفية تحويل المقاومة الهزيمة إلى تعزيز العمل الوطني الفلسطيني، ثم ما لبثت أن دخلت في مشاريع جانبية.
المداخلة الثانية لمحمد السمهوري فكانت بعنوان "تأثير حرب حزيران/ يونيو في الاقتصاد الفلسطيني في الضفة والقطاع"، إذ ذكر أن الحرب تركت أثرًا سلبيًا عميقًا في الاقتصاد الفلسطيني، وما زال يعاني تداعياتها حتى اليوم. فبعد احتلال الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة، تم وضع الاقتصاد الفلسطيني تحت السيطرة المشددة للمؤسسة العسكرية الإسرائيلية التي قامت باستغلال الأرض والموارد المائية في الضفة الغربية والقطاع لمصلحة الاحتلال. كما عرقلت نشاط القطاع الخاص الفلسطيني ومنعت تطوره، وفرضت قيودًا مشددة على حركة الأفراد والتجارة داخل الأراضي المحتلة وخارجها، وحولت الاقتصاد الفلسطيني إلى رهينة للسوق الإسرائيلية. أما الرواية الإسرائيلية بأن تأثير إسرائيل كان إيجابيًا، فهي رواية مغلوطة ومضللة؛ فقد أدت الممارسات الإسرائيلية إلى حدوث انهيار اقتصادي في قطاع غزة، وظهور أزمات إنسانية غير مسبوقة، مما أدى إلى تزايد معدلات البطالة والفقر وانعدام الأمن، وانعزال الاقتصاد الفلسطيني عن محيطه العربي، وإلحاقه بالاقتصاد الإسرائيلي.
أما المداخلة الثالثة التي قدمها سري أكرم زعيتر تحت عنوان "حرب حزيران/ يونيو 1967 في مذكرات أكرم زعيتر"، فقد تطرقت إلى تكوّن أكرم زعيتر ودوره في الحركة الوطنية الفلسطينية والعربية. ثم تناولت، من خلال المذكرات، المبالغات التي كانت تبثها وتصدرها الإذاعات العربية عن التقدم والانتصارات التي تحققها القوات العربية ضد القوات الإسرائيلية. وسرعان ما ظهرت الحقيقة بأن كل تلك الإشاعات ليس لها أي صدقية. كما تناولت الورقة البرقيات التي جرت بين الملك حسين والقيادة المصرية عن نتائج الحرب وعن طبيعة العلاقات العربية الغربية بعد الحرب.
وخصصت الجلسة الثانية لشهادات ضباط شاركوا في حرب 1967، فقد قدم اللواء أركان حرب عبد الحميد عمران شهادته عن مشاركته في هذه الحرب، حيث كان عضوًا في لجنة تقييم الاستعداد للحرب. في حين عرض الفريق يونس الذرب مشاركة الجيش العراقي على الجبهتين الأردنية والمصرية. وختم هذه الشهادات غازي ربابعة، الذي كان ملازمًا أول وقائدًا لسرية الحسين الثانية في القدس، بشهادته الشخصية عن بعض المعارك التي دارت في المدينة أثناء الحرب.