استدعت تركيا اليوم الإثنين (22 مايو/ أيار 2017) السفير الأميركي لديها للاحتجاج على "ثغرات أمنية" ظهرت خلال زيارة الرئيس رجب طيب أردوغان إلى واشنطن الأسبوع الماضي إلى جانب "السلوك العدواني" لعناصر الأمن الأميركيين.
وأعلنت الخارجية التركية في بيان أنها استدعت السفير الأميركي، جون باس وسلمته "احتجاجاً خطياً وشفوياً".
ووقعت خلال الزيارة اشتباكات دامية أمام منزل السفير التركي بعد لقاء أردوغان بنظيره الأميركي دونالد ترامب.
وقال المسئولون الأميركيون إن حراس أردوغان الشخصيين هاجموا مجموعة صغيرة من المتظاهرين المؤيدين للأكراد تجمعوا خارج المبني في حادثة أثارت عاصفة من الجدل.
وألقت تركيا باللوم على أنصار حزب العمال الكردستاني المحظور الذين أشارت إلى أنهم استفزوا أتراكاً مؤيدين لأردوغان يقيمون في الولايات المتحدة.
واتهمت الوزارة عناصر الأمن الأميركيين بالتصرف بطريقة "مخالفة للقواعد والممارسات الدبلوماسية (...) تجاه فريق الحماية المقرب" من وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أمام مبنى تابع للسفارة التركية في واشنطن.
وأضافت "تم الطلب رسمياً من السلطات الأميركية إجراء تحقيق كامل في هذه الحادثة الدبلوماسية وتقديم التفسير الضروري" بشأنها.
وكان السناتور في مجلس الشيوخ الاميركي جون مكين دعا إلى طرد سفير أنقرة من واشنطن بعد العراك الذي حدث.
وبدأت اليوم الاثنين (22 مايو/ أيار 2017) محاكمة أكثر من 220 شخصاً بينهم أكثر من 20 جنرالاً تركياً، بتهمة قيادة المجموعة التي قامت بمحاولة الانقلاب ضد الرئيس رجب طيب أردوغان العام الماضي.
وتجمع متظاهرون غاضبون خارج المحكمة منادين بتنفيذ عقوبة الإعدام بحق المتهمين وألقوا حبال المشانق المعقودة على المتهمين الذين اقتيدوا مكبلي اليدين إلى المحكمة وسط صفين من عناصر الأمن الذين أمسكوا بهم أمام عدسات الكاميرات.
وبحسب مراسلي وكالة "فرانس برس"، تم إحضار جميع المشتبه بهم البقية إلى قاعة المحكمة الواقعة ضمن مجمع سجون في منطقة سنجان خارج أنقرة.
واقتيد المتهمون بشكل استعراضي إلى المبنى وسط حراسة أمنية مشددة، فيما هتف عشرات المتظاهرين الذين حملوا الأعلام التركية ضد المشتبه بهم، رافعين لافتات كتب عليها "من أجل شهداء وجنود 15 يوليو/ تموز، نريد عقوبة الإعدام".
وقال المتظاهر جنكيز أوزتورك "نريد لهم عقوبة الإعدام. لا نريد أن يتم إطعامهم وإسكانهم هنا. نطالب بأن يدفن هؤلاء الخونة دون أي أعلام" تركية.
وألغت تركيا عقوبة الإعدام كجزء من محاولتها الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، إلا أن أردوغان أشار إلى أنها قد تطبق ثانية من أجل التعامل مع مدبري الانقلاب.
- "الشهداء لا يموتون" -
يبرز بين المتهمين 26 جنرالاً من ضمنهم قائد القوات الجوية السابق أكين أوزتورك و شقيق النائب عن حزب العدالة والتنمية الحاكم شعبان دشلي، محمد دشلي.
وتشمل المحاكمة كذلك الكولونيل علي يازجي، مساعد أردوغان العسكري السابق والمقدم ليفنت تُركان الذي كان مساعد رئيس الأركان الجنرال خلوصي أكار.
لكن الشخصية الأبرز كان أوزتورك الذي ارتدى سترة سوداء وحمل ملفاً أزرق فيما تم إحضاره إلى المحكمة.
ويختلف مظهره أمس عن الصورة الأخيرة التي نشرت له وبدا فيها مصاباً بجروح وبأذن مضمدة بعد القبض عليه عقب محاولة الانقلاب الفاشلة بيومين.
وكان أوزتورك أول من أدلى بشهادته ونفى بشكل قاطع أي علاقة له بمحاولة الانقلاب.
كما روى كيف بذل حياته للجيش التركي مؤكداً أن التهم ضده "ظالمة"، مضيفاً أمام المحكمة أن "هذه الاتهامات هي بالنسبة إليّ أكبر عقاب".
وتابع أن "القادة الذين رعوني ورفاق السلاح يعلمون جيداً أنني لم ألعب أي دور في محاولة الانقلاب الغادرة هذه. في الواقع لم أكن على أي علم".
وشهدت بداية الجلسات توتراً حيث صرخ أقرباء ضحايا الانقلاب "الشهداء لا يموتون، الوطن لا يمكن تقسيمه"، وهي عبارة يستخدمها عادة المواطنون والسياسيون تكريماً للذين قتلوا خلال محاولة الانقلاب.
وقامت والدة أحد القتلى بالصراخ في وجه المشتبه بهم قبل أن يتم إخراجها من القاعة بالقوة.
وتعقد جلسات الاستماع في القضية في أكبر قاعة محكمة في تركيا بنيت في الأساس من أجل المحاكمات المتعلقة بالانقلابات وتتسع لـ1558 شخصاً.
وشددت الإجراءات الأمنية بشكل كبير في المكان الذي شاهد فيه مراسلو "فرانس برس" طائرات بدون طيار تحلق فوق موقع القاعة وسط انتشار عربات الأمن المدرعة والقناصة.
وتواصلت شهادات المتهمين حتى إغلاق الجلسة عصراً.
أضخم عملية قانونية
يتهم نحو 40 من الخاضعين للمحاكمة بالإنتماء إلى "مجلس السلام في الديار"، وهو الاسم الذي يقال أن مدبري الانقلاب أطلقوه على أنفسهم ليلة المحاولة الفاشلة.
وذكرت صحيفة "حرييت" الأحد أن الاتهامات الموجهة إليهم تتضمن "استخدام الإكراه والعنف في محاولة للإطاحة" بالبرلمان والحكومة التركية ما أدى إلى "استشهاد 250 مواطناً" و"محاولة قتل 2735" آخرين.
وأسفرت محاولة الانقلاب عن 248 قتيلاً بحسب الرئاسة التركية، إضافة إلى 24 من منفذي المحاولة الذين قتلوا في الليلة ذاتها.
وهذه واحدة من محاكمات عديدة تجرى في أنحاء البلاد للحكم على المشتبه بتورطهم في محاولة الانقلاب في ما ينظر إليه على أنه أكبر إجراء قانوني في تاريخ تركيا الحديث.
وكانت قاعة محكمة سنجان شهدت في فبراير/ شباط افتتاح محاكمة 330 مشتبهاً به متهمين بالقتل أو محاولة القتل في ليلة 15 يوليو.
وتم اعتقال أكثر من 47 ألف شخص للاشتباه بصلاتهم بحركة غولن في حملة أمنية غير مسبوقة بناءً على حالة الطوارئ المفروضة منذ تاريخ محاولة الانقلاب.